1044769
1044769
إشراقات

الخليلي: صلاة الجمعة فريضة حتمية لا يسع أحدا من الناس أن يتخلف عنها بعد أن تقام في أي مصر

29 يونيو 2017
29 يونيو 2017

1044779

إقامتها كإقامة الجماعات وكأداء جميع الشعائر التعبدية من أسباب الوفاق بين الناس -

الله سبحانه وتعالى حض على الوفاق كما حض على التوحيد وحذر من الفرقة كما حذر من الإشراك به -

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

حث سماحة الشيخ الناس على تربية أولادهم على تعظيم ما عظم الله سبحانه وتعالى في كتابه من شعائره ومن بين ذلك تربيتهم على أداء الجمعة والجماعات، وعلى امتثال أمر الله في السر والعلانية.

ودعا سماحة الناس إلى أن يغرسوا في أولادهم مهابة الله سبحانه وتعالى، وتذكيرهم نعمة الله تعالى عليهم لينشأوا صالحين مستقيمين على طريق الحق والدين.

وقال: نشؤوهم على التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وعلى القضاء على كل أسباب الفرقة والشقاق، والحض على أسباب الوحدة والوفاق؛ فإن ذلك من مقتضيات دينكم الحنيف، واحرصوا على أن تغذوا أذهانهم بمعارف القرآن الكريم، حفظوهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعودوهم امتثال ما فيهما من أمر ونهي، والوقوف عند حدودهما، وعودوهم المسارعة إلى كل ما فيه خير لأنفسهم، وخير لمجتمعهم، وخير لأمتهم.. جاء ذلك في إحدى خطب سماحته للجمعة.

وأكد سماحته أن الله سبحانه وتعالى حض على الوفاق كما حض على التوحيد، وحذر من الفرقة كما حذر من الإشراك به، وإقامة الجمعات كإقامة الجماعات وكأداء جميع الشعائر التعبدية من أسباب الوفاق بين الناس. مشيرا إلى أن صلاة الجمعة هي فريضة حتمية، لا يسع أحدا من الناس أن يتخلف عنها بعد أن تقام في أي مصر، ولا يسوغ لأحد من الناس عندما تقام أن يتخلف عنها.. وإلى ما جاء في الخطبة.

الحرص على تربية الأولاد على تعظيم ما عظم الله في كتابه من شعائره وعلى أداء الجمعة والجماعات -

من تقوى الله

يوضح سماحته في بداية خطبته، إن من تقوى الله المحافظة على العبادات المشروعة، وكل عبادة من هذه العبادات تجمع الشمل، وتوحد الصف، وترأب الصدع، وتستل السخائم، وتقضي على الأحقاد، فعباد الله عندما يلتقون في صفوفهم المنتظمة ماثلين أمام الله راكعين وساجدين مطيعين لأمره تنتظم قلوبهم بانتظام صفوفهم، وتتوحد مشاعرهم باتحاد اتجاههم إلى الله سبحانه، ومن أجل ذلك شرع الله تعالى ما شرع من العبادات التي تؤدى بطرق جماعية، ومن ذلك أداء الصلوات في الجماعات، أداء الجمعات، ألا وإن صلاة الجمعة هي فريضة حتمية، لا يسع أحدا من الناس أن يتخلف عنها بعد أن تقام في أي مصر، فالله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون» (الجمعة/‏‏9). وأضاف: قد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد هذا المعنى، فقد قال - عليه أفضل الصلاة والسلام -: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه»، والكثير الكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم جاء لينص على فرضية الجمعة، وعلى أنه لا يسوغ لأحد من الناس عندما تقام أن يتخلف عنها، ولا يعني ذلك أن على جيران المسجد عندما تقام الجمعة أن يسعوا إليها وحدهم، بل يجب على كل من كان في تلك الحوزة، بحيث لم تكن بينه وبين المكان الذي تقام فيه الجمعة مسافة القصر أن يسعى إليها؛ امتثالا لأمر الله، ومن ترك ذلك وأقام فريضة الظهر بدلا من الجمعة لم تقبل منه فريضة الظهر؛ لأنه ترك ما فرض الله سبحانه وتعالى عليه.

عاقبة الخلاف

وبيّن سماحته: أن إقامة الجمعات كإقامة الجماعات وكأداء جميع الشعائر التعبدية من أسباب الوفاق بين الناس، والوفاق مطلب شرعي، فإن الله سبحانه وتعالى حض على الوفاق كما حض على التوحيد، وحذر من الفرقة كما حذر من الإشراك به، فقد قال عز من قائل: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» (آل عمران/‏‏102-103)، ثم بعد ذلك يذكر عباده نعمته التي أسبغها عليهم بأن جمع شملهم بعد التفرق حيث قال: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون» (آل عمران/‏‏103)، ثم بين سبحانه أن هذا الاجتماع بين عباد الله لا يتأتى إلا مع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر إذ قال: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» (آل عمران/‏‏104)، ثم حذر من العودة مرة أخرى إلى الشقاق والنزاع عندما قال سبحانه: «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم» (آل عمران/‏‏105)، وذكر سبحانه في كتابه عاقبة الخلاف والشقاق بين الناس عندما قال: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» (الأنفال/‏‏46)، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من صفة المؤمنين اتحاد مشاعرهم عندما قال - عليه أفضل الصلاة والسلام -: «ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا في وصف المؤمنين: «وهم يد على من سواهم»، وقال : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».

وهكذا نجد الآيات الكثيرة، والأحاديث المستفيضة عن الرسول صلى الله عليه وسلم داعية إلى الوحدة والتآلف، وقطع دابر الشقاق والنزاع، والقضاء على كل أسباب الفرقة بين الناس، وهذا ما نجده واضحا في سورة الحجرات، فإن الله تعالى يقول فيها: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون * يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم» (الحجرات/‏‏11 -12)، فالله سبحانه وتعالى هنا بدأ أولا بالنهي عن السخرية حتى لا يكون هنالك ما يدعو إلى إعراض بعض الناس عن بعض؛ بسبب ما يكون بينهم من السخرية؛ بحيث يتعالى قوم على قوم، فعسى أن يكون أولئك خيرا منهم، كما يجب أيضا على النساء ألا تسخر نساء من نساء؛ عسى أن يكن خيرا منهن، ونهى عن اللمز، ونهى عن التنابز بالألقاب، وبين أن ذلك من الفسوق الذي يترفع عنه المؤمنون، ويأباه المصلحون، ثم حذر سبحانه وتعالى من الظن، وبين أن بعض الظن إثم، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الظن أكذب الحديث، ثم نهى عن التجسس، ونهى عن الاغتياب، وأتبع ذلك كله بيان أن الناس جميعا ينحدرون من أصل واحد، فمصدرهم واحد، وعنصرهم واحد؛ إذ قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» (الحجرات/‏‏13)، فأصل البشر واحد، أمهم واحدة، وأبوهم واحد، كلهم من ذكر وأنثى، فليس معنى للتعالي بالأحساب والأنساب، ذلك لأن هذه الأحساب والأنساب لا قيمة لها عند الله، وإنما ميزان التفاضل عنده التقوى، فمن أخذ بحظ وافر من التقوى نال الرتب العليا عند الله سبحانه، وأخذ بحظ وافر من الجزاء الأوفى يوم القيامة، ومن خسر التقوى خسر كل شيء، والأحساب والأنساب تتلاشى يوم القيامة، فقد قال تعالى: «فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون» (المؤمنون/‏‏101)، فلا معنى للتعالي بالأنساب والأحساب، وإنما المؤمن يشده إلى أخيه المؤمن إيمانهما، فكل واحد منهما أخ للآخر بسبب هذه اللحمة الإيمانية والوشيجة الإسلامية التي تربط كل واحد منهما بالآخر.

وإذا كان الإسلام يدعو هذه الدعوة إلى الوحدة؛ فإنه يحذر كل التحذير - كما قلت - من الفرقة، ويبين أن الذين يقترفون ويختلفون ليسوا من الحق في شيء، لذلك أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن ذلك؛ إذ أنزل عليه ما ينبئه بأن أولئك ليسوا منه في شيء صلى الله عليه وسلم، ومن كان ليس في شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ليس في شيء من الإيمان والإسلام، فقد قال سبحانه وتعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) (الأنعام/‏‏159)، فإذا جدير بالمؤمن أن يحرص كل الحرص على الالتصاق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال امتثاله لأمر الله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم التفريط في شيء من ذلك، والتلاحم مع إخوانه المؤمنين بتلكم الوشيجة وشيجة الإيمان والتقوى.

حرص وتربية

ويحث سماحته الناس بقوله: واحرصوا على تربية أولادكم على تعظيم ما عظم الله سبحانه وتعالى في كتابه من شعائره، فربوهم على أداء الجمعة والجماعات، وعلى امتثال أمر الله في السر والعلانية، واغرسوا فيهم مهابة الله سبحانه وتعالى، وذكروهم نعمة الله تعالى عليهم؛ لينشؤوا صالحين مستقيمين على طريق الحق والدين، ونشؤوهم على التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وعلى القضاء على كل أسباب الفرقة والشقاق، والحض على أسباب الوحدة والوفاق؛ فإن ذلك من مقتضيات دينكم الحنيف، واحرصوا على أن تغذوا أذهانهم بمعارف القرآن الكريم، حفظوهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعودوهم امتثال ما فيهما من أمر ونهي، والوقوف عند حدودهما، وعودوهم المسارعة إلى كل ما فيه خير لأنفسهم، وخير لمجتمعهم، وخير لأمتهم، فإن الأمة أمة واحدة، وكل فرد من أفرادها هو بمثابة عضو من أعضاء جسد واحد، فالأمة الإسلامية أمة متوحدة في عقيدتها وفي عباداتها، وفي مبادئها وفي غاياتها، وفي آلامها وفي آمالها، فهي كما وصفها الله سبحانه وتعالى أمة واحدة يجب أن تتوحد تحت ظل تقوى الله تعالى وعبادته؛ كما يدل على ذلك قوله سبحانه: «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» (الأنبياء/‏‏92)، وقوله: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون» (المؤمنون/‏‏52).