أفكار وآراء

ترامب والحرب فـي الشـرق الأوسط

28 يونيو 2017
28 يونيو 2017

جون بوديستا وبرايان كاتيوليس /ترجمة قاسم مكي -

واشنطن بوست -

اعتادت الولايات المتحدة على إدارة حوار داخلي بشأن الحروب التي كان يخوضها جيشها. ولكن تلك ليست هي الحال مع التصعيد الصامت الحالي للعمليات العسكرية الأمريكية ومبيعات السلاح حوالي الشرق الأوسط. فإسقاط طائرة حربية سورية بواسطة طائرة مقاتلة هجومية طراز إف/‏‏أيه 18 وتوجيه ضربة في الشهر الماضي ضد مليشيا مناصرة لنظام الأسد كانا آخر حدثين من أحداث التصعيد العسكري الزاحف في المنطقة والذي يفتقر لاستراتيجية واضحة وأهداف يفهمها الشعب الأمريكي. يجري تصعيد النشاط العسكري الحالي بواسطة إدارة ترامب دون فتح حوار عام حول مخاطره أو الدبلوماسية وأدوات القوة الوطنية الأخرى اللازمة لحماية الولايات المتحدة وذلك خلافا لسياسة زيادة القوات في العراق عام 2007 أثناء إدارة جورج بوش وفي أفغانستان عام 2010 في عهد الرئيس أوباما.

وعلى الرغم من أن التصعيد الراهن لا يشمل نشر مئات الآلاف من الجنود في مناطق حضرية كبرى إلا أنه يمثل وجودا عسكريا متزايدا وغير شفاف خصوصا لقوات العمليات الخاصة. فخلال 5 أشهر فقط، نقل الرئيس ترامب القوات الأمريكية قريبا من خطوط المواجهة في حروب معقدة في العراق واليمن والصومال. وكما كان قد فعل مؤخرا في أفغانستان فهو أيضا فوَّض سلطات أكبر للبنتاجون لتقرير مستويات القوات وضرب الأهداف من الجو. لقد تضاعفت ضربات الطائرات الآلية 4 مرات مقارنة بمتوسطها في عهد أوباما.

وفي اليمن قصفت الطائرات الأمريكية عددا من الأهداف خلال أسبوع واحد في أوائل مارس يساوي الأهداف التي كان يتم قصفها خلال عام كامل في عهد أوباما. وفي العراق وسوريا أطلق التحالف المعادي لداعش بقيادة الولايات المتحدة ذخائر موجهة وأنظمة تسليحية أخرى في مايو تزيد عن تلك التي استخدمت في أي شهر سابق له منذ بداية الحملة. كما تقوم الولايات المتحدة أيضا وفي صمت بنشر نظام مدفعية بعيدة المدى في جنوب شرق سوريا. وهذه خطوة أخفقت في إثارة أي نقاش عام حولها. إن أي فعل في الشرق الأوسط القابل للاشتعال يترتب عنه رد فعل. وليس واضحا ما إذا كانت إدارة ترامب قد درست احتمالات سير الأمور على غير ما تهوى مثل الانزلاق في حرب مباشرة مع إيران أو تعرض القوات الأمريكية لهجمات أسلحة كيماوية بواسطة داعش. من المؤكد أن بعض هذه التحركات يمثل الخطوة التالية في حملة طويلة الأجل لهزيمة داعش بدأتها إدارة أوباما، خصوصا في العراق، والسعي لاستعادة مدينة الرقة السورية. ولكن الأمر المختلف هنا هو التقليل من دور الدبلوماسية والأدوات الأخرى الضرورية في إنهاء القتال والمجيء باستقرار طويل الأمد بما في ذلك اقتراح تخفيضات قاسية في وزارة الخارجية وترك مناصب مفتاحية شاغرة خاصة بالدبلوماسية والأمن القومي. كما وضع ترامب الولايات المتحدة دون لف أو دوران إلى جانب أحد طرفي الصراع الطائفي في المنطقة. وهو ما يشكل تحولا عن موقف الرئيسين السابقين لترامب. ما الذي يلزم عمله؟

يجب أن يقوم الكونجرس بوظيفته في الرقابة وتوجيه الأسئلة القاسية في 3 مجالات. أولا: الاحتراز من الانزلاق الحتمي نحو الحرب. يجب أن يجدد الكونجرس النقاش حول تفويض جديد باستخدام القوة المسلحة يحل محل التفويض الذي أُجيز لمحاربة جماعة القاعدة والقوى المرتبطة بها قبل أكثر من 15 عاما. لدى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حوالى 80 ألف جندي. وهو أقل كثيرا من عدد الجنود الذين كانوا في الخدمة بالمنطقة عام 2008 (أكثر من 300 ألف جندي) ما يجدر ذكره أن العدد الإجمالي للجنود اليوم ليس بنفس أهمية مكان انتشارهم وما يفعلونه والكيفية التي يتلاءم بها استخدام القوة العسكرية (وهذا هو الأهم) مع استراتيجية أوسع نطاقا. إن فريق ترامب بحاجة إلى شرح هذه الاستراتيجية والكونجرس بحاجة إلى التفويض بها ووضع حدود مناسبة لها. ثانيا: عدم تسليم «شيكات على بياض» لشركائنا الإقليميين. على الكونجرس فحص أي مبيعات أسلحة بدقة وطرح أسئلة قاسية حول الحكومة وشركاء الولايات المتحدة. السؤال المركزي من بين هذه الأسئلة هو كيف يمكن لهذا التعاون الأمني تحقيق قدر أكبر من الاستقرار وإنهاء التصعيد بدلا عن التشظي المتواصل لنظام الدولة في الشرق الأوسط. ثالثا وأخيرا: الاستثمار في القائمة الكاملة لأدوات الأمن القومي. على الكونجرس مقاومة مقترح إدارة ترامب بتحطيم عناصر القوة الوطنية الضرورية لهزيمة داعش وإنهاء النزاع ومنع انتشار الأسلحة النووية. يعني ذلك استثمارا كاملا في وزارة الخارجية والوقوف بصلابة إلى جانب جهود المنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة لمعالجة أزمة اللاجئين التاريخية. إن الولايات المتحدة بحاجة إلى العمل مع الشركاء لهزيمة الجماعات الإرهابية ومواجهة سياسات تقويض الاستقرار التي تَّتَبعها بعض البلدان. ولكن ترامب عَرَّضَ البلد خلال فترة خمسة شهور لأخطار عظيمة دون إستراتيجية واضحة. فالولايات المتحدة الغارقة في مخاوف حقيقية بشأن روسيا والروتين اليومي لممارسات ترامب السياسية الخاطئة في الداخل تترنح مقتربة من قلب تبادل مُعَقَّدٍ للنيران في الشرق الأوسط دون تَبَصُّرٍ كاف من جانبها. لقد حان الوقت لتدخل الكونجرس.

الكاتبان بوديستا رئيس حملة هيلاري كلينتون الانتخابية في عام 2016. عمل مستشارا للرئيس باراك أوباما ورئيسا لموظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس بيل كلينتون وهو مؤسس مركز «سنتر فور أميركان بروجريس.» برايان زميل أول بالمركز.