1045814
1045814
تقارير

وسط الفوضى الليبية .. جهود الاتحاد الأوروبي لوقف سيل المهاجرين تتعثر

26 يونيو 2017
26 يونيو 2017

طرابلس - (رويترز): عندما تسلم حرس السواحل الليبي الدفعة الأولى من زوارق دورية ترقبها منذ مدة طويلة من إيطاليا الشهر الماضي كان اثنان من الزوارق الأربعة يعانيان من مشاكل ميكانيكية وتعطل الثالث في الطريق إلى طرابلس.

وعندما وصل وزير الداخلية الإيطالي لتسليم الزوارق رسميا في قاعدة بحرية بالعاصمة الليبية شكا حرس السواحل من أن الزوارق قديمة وأن مساحة سطحها غير كافية لاستيعاب من يتم إنقاذهم من المهاجرين.

وقال أيوب قاسم المتحدث باسم حرس السواحل «يريدون منا أن نقوم بدور شرطي أوروبا. وفي الوقت نفسه هذا الشرطي يحتاج إلى موارد... أتحدى أن يعمل أحد في هذه الظروف».

وخلال السنوات الأربع الأخيرة عبر نصف مليون فرد البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا أغلبهم من دول إفريقية جنوبي الصحراء دفعوا لمهربين مبالغ مالية لنقلهم عبر الصحراء إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا في زوارق متهالكة، ويقدر أن 13 ألفا منهم غرقوا في البحر.

وتريد الحكومات الأوروبية وقف تدفق المهاجرين والقضاء على المهربين. إلا أنه بعد أكثر من أربعة أشهر من إطلاق إيطاليا والاتحاد الأوروبي حملة جديدة لحل الأزمة توضح روايات المهاجرين ورجال الإنقاذ والمسؤولين أن هذه الحملة فشلت تقريبا في تحقيق أي شيء.

وعندما يقع مهاجرون في قبضة السلطات الليبية يتم نقلهم إلى مراكز إيواء تخضع من الناحية الاسمية لسيطرة الحكومة ويبلغ عدد المقيمين فيها حوالي ثمانية آلاف.

ورغم أن الأوروبيين تعهدوا بتقديم التمويل لتحسين الأوضاع في المخيمات فلا يزال التكدس قائما في بعضها حتى أن المهاجرين يضطرون للنوم وهم جلوس. وفي مركز طريق السكة لإيواء المهاجرين في طرابلس الذي يتم توجيه الشخصيات الزائرة إليه زرعت الأزهار في ساحته وأقيمت أحواض الاغتسال. غير أن مئات من المهاجرين يتكدسون خلف بوابة حديدية مغلقة على مراتب متجاورة في قاعة واحدة ليس بها مصدر للتهوية.

قال شاب من غينيا عمره 22 عاما يقيم في المركز منذ مارس عندما اعترض حرس السواحل الليبي زورقا يقل حوالي 120 مهاجرا آخرين قبل انطلاقهم في رحلة إلى إيطاليا «يحبسونا ويسجنونا ويطلبون منا المال. ويضربون الناس. ولا يحبون ذوي البشرة السوداء».

لا اتفاق مماثلا للاتفاق التركي

في شمال إفريقيا

الطريق البحري من الساحل الليبي هو أحد طريقين رئيسيين سلكتهما أكبر موجة من المهاجرين إلى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. أما الطريق الآخر ويتجه بحرا من تركيا إلى اليونان فقد أغلق تقريبا العام الماضي بعد توقيع اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة غير أن سيل المهاجرين من ليبيا ازداد.

ومنذ بداية العام قطع 70 ألفا هذه الرحلة وما زال موسم الصيف الذي يشهد ذروة الرحلات في العادة في بدايته. وقد لقي حوالي 2000 فرد مصرعهم هذا العام. وعلى النقيض من تركيا فما زال الأوروبيون يعتبرون ليبيا مكانا خطيرا لا يودون إعادة المهاجرين إليه ولذلك فإن من يصل منهم إلى المياه الدولية ينتهي به الحال في إيطاليا في العادة.

وقد ازدهرت شبكات تهريب البشر في ليبيا وسط الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في عام 2011 وازداد نشاطها بشدة بعد 2014 عندما انتشر الصراع وأصبح في ليبيا حكومتان واحدة في طرابلس والثانية في الشرق.

ومنذ العام الماضي سعى الاتحاد للتعاون مع الحكومة الليبية الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة. وبدأ تدريب حرس السواحل على متن سفن تابعة للاتحاد الأوروبي في أكتوبر. وفي فبراير وقعت إيطاليا مذكرة تفاهم مع طرابلس سرعان ما أقرها التكتل وخصص لتنفيذها 90 مليون يورو.

لكن طارق شنبور أحد كبار مسؤولي حرس السواحل قال: إن أوروبا لم تقدم دعما ملموسا يذكر. وأضاف «نجتمع للتحدث ونتخذ قرارات ونبرم اتفاقات لكن لا شيء ينفذ على الأرض».

وليس للحكومة الليبية نفوذ يذكر خارج العاصمة أو حتى سلطة على بعض الوزارات داخلها. وفي شرق ليبيا قوبلت سلطتها بالرفض وليس لها وجود محسوس في جنوب ليبيا حيث يجلب المهربون المهاجرين عبر الصحراء.

وقال مسؤول أوروبي مشترطا عدم الكشف عن هويته «حتى الآن يمكننا أن نقول إننا كاتحاد أوروبي حققنا الكثير». وأضاف «الفكرة أننا نريد حلولا في الأجل القصير لكن لا توجد حلول قصيرة الأجل. لا توجد صفقة مثل الصفقة التركية في شمال إفريقيا».

المهاجرون يتعرضون لانتهاكات

في الوقت الذي يدرس فيه المسؤولون عن رسم السياسات في أوروبا الخطط الأطول أجلا لتحسين الأمن على الحدود الجنوبية لليبيا وإثناء التجمعات السكانية عن نشاط التهريب وتقديم المساعدات في الدول التي ينطلق منها المهاجرون فإن المسؤولين الليبيين يخشون أن تتزايد الأعداد داخل ليبيا بشدة.

ويقول المسؤولون الليبيون: إنهم لا يملكون الطاقة الاستيعابية لاستضافة المهاجرين في بلد يعاني من أزمة اقتصادية شديدة وما زال به ما يقرب من 250 ألف نازح داخليا.

وقد ساعد التمويل الأوروبي في زيادة قبول المهاجرين الذين يتم الإمساك بهم في ليبيا إعادتهم إلى بلادهم الأصلية غير أن من المستبعد أن يتجاوز هذا العدد عشرة آلاف هذا العام.

ويتم احتجاز المهاجرين الذي يمسك بهم حرس السواحل الليبي في عرض البحر في غارات ليلية في مراكز إيواء سواء مراكز رسمية تديرها الحكومة من الناحية الاسمية أو مراكز أخرى تديرها جماعات مسلحة مختلفة.

ويقول مهاجرون: إن من يديرون هذه المراكز يجمعون المال من المهاجرين أو من أسرهم من أجل إطلاق سراحهم ويعيدون بيعهم إلى مهربين أو يستأجرونهم لأداء أعمال.

ويقول عضو سابق من العاملين بأحد المراكز في طرابلس: إن الانتهاكات الجنسية متفشية في المراكز.

ويقال: إن الأوضاع أسوأ بكثير في مراكز غير رسمية وفي غرب ليبيا وجنوبها تديرها فصائل مسلحة أو حتى المهربون أنفسهم. ويقول مهاجرون إن مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية لهم أثناء تعذيبهم تنقل إلى أسرهم لابتزاز تحويلات مالية.

وقال مهاجرون في مركز طريق السكة كانوا محتجزين من قبل في مركز آخر لم يكتمل بناؤه قرب مطار معيتيقة في طرابلس: إنهم اضطروا لبناء المركز بأنفسهم. ومات عدد منهم لإصابتهم بأمراض لم تجد من يعالجها. وقوبل طلب من رويترز لزيارة المركز بالرفض.

ويقول عاملون بمراكز احتجاز: إنهم لا يملكون الموارد ويضطرون في بعض الأحيان لاستخدام القوة مع المهاجرين الذين يتملكهم اليأس أو من يجمح منهم.

ورفض محمد بشر رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في طرابلس التقارير عن الانتهاكات والقتل وقال إن المهاجرين محتجزون حماية لهم.

وقال في مكتب فسيح مكيف الهواء داخل مركز إيواء طريق السكة «في ضوء الوضع الأمني داخل الدولة الليبية لا يمكنهم مغادرة مراكز الاحتجاز لأنهم لا يملكون وثائق الهوية. وربما يواجهون الأسوأ إذا ما رحلوا».