1043757
1043757
تقارير

الـ 40 أزمة منتصف عمر أم بداية جديدة لتحقيق الأحـــلام ؟

24 يونيو 2017
24 يونيو 2017

كيفما تفكر بصدق تحدث الأشياء -

كتب - الشربيني عاشور -

يحظى الرقم (40) بكثير من الشهرة والذيوع في الثقافة والمأثور الشعبي إذ يرتبط بكثير من مناحي الحياة، كما يطرح نفسه بقوة في الدين والعلم والعادات والتقاليد الاجتماعية لبعض الشعوب. وقد ورد ذكر (الأربعين) في القرآن الكريم في قول الله تعالي «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...» (142 الأعراف) . وكذلك في قوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي...» (15 الأحقاف) .

والأربعون هي سن النبوة وبدء البعثة النبوية الشريفة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن الأربعين طقس عزائي لدى بعض الشعوب العربية يقيمون فيه العزاء على موتاهم. لكن أخطر ما يأتي مرتبطا بالرقم (40) هو ما يعرف بـ «المراهقة الثانية» أو «أزمة منتصف العمر» التي تصاحبها الكثير من الأعراض التي قد تتسبب في المشاكل لدى بعض الرجال والنساء حيث تشهد هذه المرحلة العمرية بعض التقلبات والتحولات النفسية والجسدية الملموسة.

ووفقا لـ موقع «بيرسونال تاو» فإن علماء النفس يحددون بعض العلامات التي يمكن من خلالها التعرف على بدايات وملامح الدخول في تلك المرحلة الدقيقة من العمر، ويأتي في مقدمة هذه الملامح:

- النظر في المرآة وعدم القدرة على التعرف على النفس.

- الرغبة الشديدة في الاستقالة من العمل.

- نوبات اكتئاب واحباط مفاجئة وغير مبررة أثناء العمل على أعمال الإنسان المفضلة.

- البحث عن معتقدات جديدة وفلسفة مختلفة.

- الرغبة في تغيير العادات الشخصية والأنشطة المفضلة وتحولها إلى مصدر اكتئاب وملل.

- الاستمتاع بالألم! والرغبة في الهروب من كل شيء.

- الرغبة في الحصول على جسد صحي ومتناسق! وكذلك الحصول على نشاط جسدي جديد مثل (السباحة، ركوب الدراجة، الركض).

- التفكير الزائد في الموت والحياة الأخرى.

- تغير في حمية الأكل.

- الرغبة في إحاطة النفس بأشخاص جدد والذهاب لأماكن جديدة.

الأربعون وأزمة البطالة

وإذا كانت هذه هي أبرز ملامح الأربعين كما يحددها علماء النفس فإن أزمة منتصف العمر ترتبط أيضا بالخوف من البطالة وهو واحد من المخاوف التي يعيشها المرء في الأربعين من عمره وتتمثل في « مخاوف الحفاظ على الوظيفة، ولقمة العيش، والنجاح، والحفاظ على المستوى المعيشي، ودخول سوق العمل بنفس قوة الشباب».

وبحسب بعض التقارير تتمثل علامات هذه المرحلة العمرية في مجال العمل إذ يصل معظم من هم في الأربعينات إلى قاعدة ثابتة للأجور. وغالبا ما يتعرضون للعديد من التحولات الوظيفية.

كما أظهرت إحصائيات تعود لعام 2012 أن أغلب من يعانون من مشكلة البطالة يكونون فوق سن 55 عاما، وتسجل النسبة الأكبر منهم في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك فإن غالبية أزمات البطالة في منتصف العمر تأتي بسبب التعرض للانفصال أو التجارب الشخصية الصعبة التي تحدث في بداية البحث عن عمل جديد بعـــــد سنوات من الاستقرار في عمل ما.

ناجحون بعد الأربعين

ويبدو سن الأربعين محبطا لدى بعض الناس إذ يسبب لهم الكثير من القلق العاطفي والوظيفي إلا أنه بالنسبة لكثيرين من الناس علامة فارقة للتألق والانطلاق نحو تحقيق الآمال المؤجلة والأحلام العريضة وبناء الشهرة وتحقيق الذات.

فها هو تاريخ الأدب العربي يشير إلى الشاعر زياد بن معاوية الذي عرف بالنابغة الذبياني والذي قيل في سر تلقيبه بالنابغة أنه كتب الشعر في الأربعين ونبغ فيه.

وفي ذكرى ميلاده التاسع والثلاثين ابتكر الكاتب الأمريكي « ستان لي » المجموعة القصصية المصورة « الخارقون الأربعة» وتبعها بابتكار شخصيات مثل: (سبايدر مان)، و(اكس من) التي اجتاحت العالم بشهرتها وما زالت تتمتع بكثير من الصدى والذيوع حتى الآن.

وظل الممثل الأمريكي صامويل جاكسون يقدم أدوارا صغيرة وثانوية حتى عمر 43 عاما إذ انطلقت شهرته فطبقت الآفاق بعد الأربعين منذ دوره في فيلم «حمى الأدغال Jungle Fever » بل إنه نال جوائز عالمية، وأصبح واحد من ألمع نجوم السينما فير العالم.

أما « هنري فورد » مؤسس سلسلة فورد العالمية للسيارات فقد كان عمره 45 عاما عندما أسس هذه السلسلة عام 1908.

وكـــــــان تشـــــارلز داروين عالم الطبيعة في ســـــن الخمســـين عندما خرج على العالم بنظــــرية المحـــــيرة وذائعة الصيت « أصل الأنواع » في عام 1859 التي غيرت كثيرا في مفاهيم المجتمع العلمي حتى الآن.

وحقق الروائي البرازيلي باولو كويلو شهرته الكاسحة في الواحد والأربعين من عمره عندما أصدر روايته الشهيرة « الخيميائي» التي ترجمت إلى 80 لغة وباع منها 150 مليون نسخة حول العالم.

ويأتي « هارلاند ساندرز»، والمعروف بالكولونيل ســـاندرز، في هذا السياق كواحد من أبلغ النماذج التي حصدت النجاح بعد الأربعين بل إنه تجاوز الأمر إلى ما بعد الستين فقد كان في الثانية والستين من عمره عندما قدم للعالم علامته التجارية الشهيرة بوصفتها السحرية والسرية معا إذ اخترع دجاج كنتاكي وذلك في عام 1952.

الأربعــــــــون إذن ليست « بداية النهاية » كما يراها البعض، ولكنها بداية جديدة للنجاح والعمل وتحقيق الذات والأحلام عند آخرين. والأمر ليس صعبا ولكنه يتوقف على تفكيرك ورؤيتك لذاتك وللأشياء من حولك.

فكيفما تفكر بصدق تحدث الأشياء.