abdullah
abdullah
أعمدة

دخول فصل الخريف

20 يونيو 2017
20 يونيو 2017

عبد الله العليان -

[email protected] -

تستقبل محافظة ظفار اليوم الأربعاء موسم الخريفِ، الذي يبدأ من 21 يونيو إلى 22 سبتمبر من هذا العام، والذي يتميز بأجواء رائعة من كل عام في هذا الموسم، من حيث قوة سقوط الأمطار طوال هذا الموسم، وسيتم افتتاح مهرجان صلالة السياحي، في 30 من هذا الشهر، وستنطلق بعدها الفعاليات والمناشط المختلفة خلال هذا المهرجان، ويعتبر هذا الموسم رائعاً ومتميزاً، حيث تتألق فيه الطبيعة بجمالها الأخاذ، وتكسو الأرض حلة خضراء تنبسط على السهول والجبال والوديان، فخلال هذا الموسم تتأثر محافظة ظفار بالرياح الموسمية الشرقية الجنوبية القادمة من المحيط الهندي، حيث تهطل الأمطار وتتسبب هذه الرياح في تكون الضباب الكثيف وينهمر الرذاذ على الأودية وتحجب الشمس معظم فترة الخريف. ويتراوح معدل الأمطار بين 27 - 150 مم، حيث تصعب الرؤية في بعض الوديان وتكون السهول والروابي مرتعاً خصباً لقطعان الماشية من الإبل والأبقار والأغنام إيذاناً بموسم الرعي..

وفرة المراعي الطبيعية

أما سكان الجبال في محافظة ظفار فإنهم يقطنون مناطق سقوط الأمطار، وقلما يبتعدون عن مناطق إقامتهم إلا في موسم الخريف حيث ينزلون إلى السهول مع اشتداد الأمطار وهؤلاء يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي كالأبقار والأغنام والإبل، حيث يهتمون بهذه الحيوانات ويعتنون بغذائها،كما أن ألبانها تعد غذاءً أسياسياً ومصدراً أساسياً للسمن البقري أحد المنتجات الهامة ذات الدخل المؤثر في رفع مستوى معيشتهم، كما أن لزراعة الجبل في هذا الموسم الممطر دوراً لا ينسى لما له من شأن في تزويد سكانه بالحبوب مثل: الفاصوليا والبازلاء للغذاء أو للتسويق، وقد لعبت زراعة الجبل في الحرب الكونية الأولى والثانية دوراً كبيراً في سد احتياجات السكان، وعدم تأثرهم بما سببته الحرب من انقطاع الموارد ونفاذ المدخر منها. وعادات سكان الجبال وأعرافهم لا تختلف كثيراً عن عادات وأعراف من استوطن المدن، أو من أقام بالصحراء، أو من اتخذ التجوال والترحال أسلوباً لحياته، مع الفارق النسبي بين بيئة وأخرى.

وتنقسم المحافظة من حيث التضاريس إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي السهل الساحلي الخصيب الممتد على طول بحر العرب حيث تقع صلالة، وجبال ظفار التي يبلغ أقصى ارتفاع لها ألفاً وستمائة متر وتقع شمال السهل الساحلي ويبلغ طولها حوالي مائتين وواحد وثلاثين كيلومترا، ومنطقة النجد الصحراوية التي تتوغل في رمال الربع الخالي من حدود المملكة العربية السعودية، ويسود محافظة ظفار مناخ معتدل صيفاً وشتاءً على السواء ولا تتعدى درجة الحرارة 30 درجة مئوية طوال العام، فضلاً عن أشهر الخريف التي تنخفض فيها الحرارة إلى أدنى مستوى لها.

ورغم وعورة بعض المناطق الجبلية في ظفار ـ التي يتراوح ارتفاعها ما بين 2500 إلى 3000 ـ إلا أنها حظيت بشبكة واسعة من الطرق لم تكن تعرفها المحافظة قبل عهد النهضة المباركة والتي تتنوع في درجاتها ما بين الممهدة والمعبدة الأمر الذي أدى إلى تسهيل عمليات الاتصال والربط بين كافة الأنحاء الجبلية من ناحية والمدن الساحلية من ناحية أخرى ونقاط الالتقاء مع البادية في منطقة النجد الشمالي من الناحية الثالثة. ولقد أضاف تميز موقع المحافظة وتوسطها طرق التجارة العالمية أن قامت الحكومة، بالتوقيع على اتفاقية امتياز لإدارة وتشغيل ميناء صلالة لتنشيط التجارة والصناعة في السلطنة إلى جانب تفعيل السياحة، وهو الآن يعتبر أحد الموانئ العالمية للتصدير، وليكون حلقة الوصل بين الشرق والغرب مع الموانئ العالمية الأخرى، واستيعاب السفن العملاقة واستقبال البضائع العامة.

شهرة اللبان في المحافظة

وعندما تقارن محافظة ظفار بسلطنة عُمان بمعظم مناطق شبه الجزيرة العربية تستحق بجدارة ذلك الاسم الذي أطلقه عليها ( وندل فليبس ) بأنها ( جنة المناظر الخضراء ) وذلك لما تتمتع من مزايا ومقومات وانفرادها بمناخ متميز باعتداله طوال العام. إضافة إلى شهرتها التاريخية بإنتاج اللبان الذي كان يستخدم في الطقوس الدينية في مصر وبلاد ما بين النهرين وبلاد الروم واليونان والهند, ولا يزال ينتج إلى يومنا هذا. ومن اشهر موانئ تصديره ميناء سمهرم الذي يقع في ولاية طاقة، وكذلك ميناء البليد الذي كان يطلق عليها اسم المنصورة. ويحظى اللبان باهتمام بالغ من الناحية الطبية إذ انه علاج لكثير من الأمراض، وكان القدماء سيستخدمونه مقويا للقلب والمعدة وعسر الهضم وزيادة الشهية ويستخدمه الأهالي في ظفار في ماء الشرب اعتقادا بأنه يساعد على الإدرار وجعل الماء باردا وفي تعطير منازلهم وكذلك في الأعراس اعتقادا بأنه يحصن العريس من الأعين الشريرة.

ومن بين التقاليد المعمولة بها في محافظة ظفار ما يحدث عند الزواج الأول للرجل، حيث يعدون المباخر الضخمة من الفخار ويحملونها _ عادة _ فوق الرؤوس يملأونها بكمية من الرماد توضع فوقه جمرات من الخشب المحترق ثم تلقى عليها فصوص من ثمار اللبان، تذوب ويتصاعد البخور منتجا رائحة منعشة ومحببة.

كما أن دولا صناعية لازالت تطلب اللبان للانتفاع به في صناعة الأدوية والزيوت والمساحيق والعطور والشموع الخاصة، كما أن أصحاب بعض العقائد الدينية يتهافتون عليه لاستخدامه في المعابد، وجميعها نقاط مهمة يمكن تنميتها لتحويل ( الشجرة العجيبة ) إلى مصدر من مصادر الدخل القومي للبلاد. ومن هذا المنطلق تحرص الدولة على أن تعيد للبان مجده وشهرته وذلك من خلال ما تقدمه من تشجيع لزراعته وزيادة إنتاجه وتوفير منافذ تسويقية جديدة له.

الشواطئ والعيون

وتتمتع محافظة ظفار بشواطئ جذابة وغنية بطبيعتها المتميزة حيث توجد الكهوف المعرجة والخيزران والمزدحمة بالطيور, ففي شمال المحافظة يوجد خور ( اركحل ) الذي يزدحم بآلاف من طيور الفلامنجو والطيور البحرية الأخرى خصوصا خلال فصل الشتاء، وخور ( سينور ) بالإضافة إلى شواطئ الشويمية التي تريح النفس وتدعو زوارها لمزيد من الاستكشاف، أما في جنوبها فتتميز المحافظة من صلالة وحتى مرباط بشواطئها الجميلة وأهمها شواطئ القرم ـ خور صلالة ـ خور البليد ـ خور الدهاريز ـ خور صولي ـ خور أثيب ـ وخور روري وشواطئ مرباط إلى جانب بعض الشواطئ القريبة غرب صلالة مثل شواطئ ريسوت والمغسيل التي تتواجد فيها تكوينات صخرية مثيرة لاهتمام الزوار تحتوي على ثقوب تخرج منها مياه المد العالي على شكل نوافير عالية الارتفاع متنوعة الأشكال..وهناك شواطئ مدينة مرباط التي يجد فيها هوة التزلج على أمواج البحر المنكسرة مكانا جميلا للممارسة هوايتهم.

كما ينتشر العديد من الأودية والعيون في المحافظة وتنحدر معظمها في الجبال في الجبال ومن أهمها وادي دربات المعروف بشلالاته المائية في فصل الخريف، كما يوجد وادي أنضار في ولاية ثمريت بالإضافة إلى وادي مقشن.

وتوجد بالمحافظة العديد من العيون القريبة من سهل صلالة حيث تجري بها المياه على مدار السنة وتتكاثر حولها الأشجار والأعشاب الخضراء وأهم هذه العيون عين رزات وعين جرزيز وعين صحنوت وعين حمران.

ولعل أكثر التكوينات الجيولوجية الطبيعية إثارة في ظفار هي الثقب الصخري الضخم في طاوي, على الطريق إلى جبل سمحان, ويقال بأن الكهف الذي يبلغ عمقه 250 مترا يمكن أن يستوعب عدة طائرات بوينج متوسطة الحجم، ويعتقد بان هذا التجويف الجيولوجي المثير الذي يطلق عليه ( بئر الطيور ) تكون نتيجة لتآكل الطبقة الجيرية السفلية على مر العصور.

وتزخر محافظة ظفار بثروة سمكية هائلة نظرا لإطلالتها على البحار المفتوحة _ بحر العرب والمحيط الهندي _ وفي مقدمتها سمك السردين الذي يستخدمه الأهالي علفا للحيوان وسمادا للمزروعات إلى جانب كونه من أهم الأسماك الغنية بالبروتين والفسفور، وهي غذاء مرغوب للإنسان. كما توجد أنواع أخرى وفيرة متعددة من الأسماك التي أصبحت تشكل ـ الآن ـ واحدة من مصادر الدخل القومي للسلطنة، وربما جاء في مقدمتها (الشارخة والصفيلح والروبيان).

ومن الولايات الساحلية الهامة هناك ست ولايات طاقة ومرباط وسدح والشويمية وجزر الحلانيات وتقع إلى الشرق من ولاية صلالة، والى الغرب منها تقع ثلاث ولايات وهى رخيوت وضلكوت والمزيونة، وتعد الولايات الست بمثابة مراكز تموينية ومنافذ مفتوحة لمناطق الجبال.

الاهتمام بالسياحة

وقد ساهمت الجهات المعنية خلال السنوات الماضية في إقامة العديد من الخدمات والمرافق السياحية سنوياً وما تزال، حيث هناك مشاريع سياحية تحدثت وزارة السياحة، إلى جانب المشاريع الداعمة للسياحة من جانب القطاع الخاص، باعتبارها أداة فاعلة لتطوير قطاع السياحة، وتفعيل هذا النشاط من خلال الأنشطة والفعاليات التي تقام في موسم الخريف، ومن هذه الفعاليات التي أقيمت خلال السنوات الماضية مهرجان صلالة السياحي الذي تقيمه بلدية ظفار حيث كان لهذه الفعاليات الأثر الكبير في الترويح السياحي، كما تمثلت جهود تنشيط السياحة إنشاء العديد من الفنادق والاستراحات في بعض السهول والمرتفعات، كما شارك القطاع الخاص في إنشاء بعض المرافق السياحية مثل المجمعات والفنادق والشقق الفندقية.

ومع اقتراب افتتاح مهرجان صلالة السياحة هذا العام، نتمنى من الجهات المعنية بالسياحة كوزارة السياحة،أو بلدية ظفار، الترويج السياحي والإعلاني اللازم لهذا الموسم، سواء في وسائل الإعلام المرئية أو المكتوبة، أو في وسائل الإعلام الإلكترونية (الفضاء المفتوح)، حيث أصبح هذا الفضاء يلعب دورا بارزا في إيجاد الوعي والمعرفة، وتبادل المعلومات،ولها جمهورها الكبير سواء على المستوى المحلي أو العربي أو حتى العالمي.