صحافة

برج غرينفيل يحترق وسكانه يتشردون

19 يونيو 2017
19 يونيو 2017

وكأن المصائب لا تأتي على بريطانيا فرادى بل جماعات، فخلال ستة أشهر، منذ ديسمبر الماضي، وقعت ثلاث هجمات إرهابية لمتطرفين إسلاميين في لندن ومانشستر، ومن بعدها جاءت الأزمة السياسية التي أعقبت الانتخابات البريطانية العامة، ثم كارثة حريق «برج غرينفيل» المروع غرب العاصمة لندن، المكون من 24 طابقا الذي راح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى، وتقول التقارير الصحافية إنه من المرجح تزايد عدد القتلى والمفقودين.

وتناولت الصحف البريطانية هذا الحدث المروع بكثير من التفاصيل والتحليلات. وأفردت بعض الصحف الصفحات الأولى لها لصورة المبنى المشتعل مع عناوين تشير إلى عظم الكارثة. مشيرة إلى أن الحريق اندلع الساعة الواحدة والربع بعد منتصف ليل الثلاثاء صباح الأربعاء، وأن أكثر من 600 عائلة يقطنون البرج، معظمهم من العرب والمسلمين. والبرج ليس هو برج لندن Tower of London كما تطلق عليه بعض الصحف، لكنه برج جرينفيل (Grenfell Tower) أحد الأبراج السكنية المنتشرة في العاصمة لندن.

صحيفة «ديلي ميل» كتبت في عنوانها الرئيسي تقول: «يا للجحيم كيف حدث ذلك؟» واصفة المشهد بأنه مأساوي. كذلك نشرت صحيفة «ديلي تلجراف» صورة البرج المشتعل مع عنوان يقول «مصيبة تنتظر الوقوع»، في إشارة إلى أنه تم الإبلاغ سابقا عن وجود قصور في سلامة وتأمين البناية وإمكانية وقوع كارثة حريق في أي وقت، لكن ذهبت هذه التحذيرات أدراج الرياح، مشيرة إلى أن هذا الحريق هو واحد من أسوأ الحرائق التي وقعت في بريطانيا منذ عقود.

صحيفة «الغارديان» أكدت أنه تم تجاهل تحذيرات قاطني البرج. فيما ذكرت صحيفة «الصن» أنه قيل لهم (أي لقاطني البرج) إن المبنى مؤمن ولا غبار عليه». واختصرت صحيفة «آي» عنوانها الرئيسي في ثلاث كلمات وصفت فيها حجم الكارثة فقالت: «مأساة .. مروعة .. كان يمكن تجنبها».

ولشدة اشتعال النيران وارتفاع السنة اللهب وأعمدة الدخان فوق المبنى، وصفت صحيفة «المترو» المشهد بأنه «جحيم على الأرض Hell on Earth» حيث كان الوضع مأساويا وخطيرا، فالسكان يقفزون من الطوابق العليا، والوالدان يلقون أبناءهم من النوافذ طلبا للنجاة.

ووصف صحيفة «الديلي اكسبريس» مقدار الرعب الذي أصاب ساكني البرج «تزايد الرعب High-Rise Horror» وإن العشرات يخشون الموت، والوالدان المبتئسان يلقون أبناءهم من النوافذ. أما صحيفة «التايمز» فقالت إنها «مصيبة لم تستغرق سوى 15 دقيقة»، في إشارة إلى اشتعال النار بشكل غير مسبوق وبسرعة هائلة اجتاحت المبنى بالكامل في دقائق معدودة. ووصفت صحيفة «ديلي ميرور» المبنى المشتعل بأنه «مصيدة الموت Death Trap».

ومن جانبها قامت الملكة إليزابيث الثانية يصحبها حفيدها الأمير ويليام بزيارة لمركز إمدادات بالقرب من برج «جرينفيل» المحترق حيث التقت بعدد من المتضررين وقامت وحفيدها بمواساتهم. وقالت إن بلادها تمر بفترة كآبة شديدة بسبب الهجمات الإرهابية، والأزمات السياسية التي أضعفت رئيسة الحكومة تريزا ماي، وحريق البرج السكني، ومع ذلك فإن الشعب صامد في وجه المحنة.

وأشارت صحيفة «الاندبندانت» إلى الضغوط التي تتعرض لها الحكومة البريطانية بسبب مزاعم إهمالها طلبات وردت إليها لتحسين نظام السلامة والصيانة للمبنى ضد الحرائق. فيما واجهت ماي نفسها انتقادات متزايدة بسبب عدم التقائها بالناجين من الحريق ومواساتهم، لذلك هاجموها ورفعوا شعارات ضدها تقول «تريزا ماي .. ابقي بعيدا Theresa May .. Stay Away». وفي الوقت نفسه التقى غريمها جيرمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض بالمتضررين وكان يربت عليهم ويواسيهم، مما قربه لقلوب الكثيرين أكثر من تريزا ماي رئيسة الحكومة.

وكتبت صحيفة «التايمز» في افتتاحيتها بعنوان «لا نهاية للدرس من مأساة حريق برج غريفنيل»، تقول: إن «حريق برج غريفنيل الذي أزهق أرواح 58 شخصا على الأقل حتى الآن تسبب أيضا بحالة من الصدمة والغضب والذهول»، خاصة أنها جرت في بريطانيا وفي القرن 21.

وأشارت الصحيفة إلى أن «الكثير من القتلى ماتوا في شققهم امتثالا لنصيحة كتبت على جدران كل طابق في المبنى، بأنهم في حال وجود حريق، فعليهم البقاء في المنزل وإغلاق النوافذ»، إلا أن هذه النصيحة تجاهلت انتشار الغازات السامة فضلا عن استخدام لوائح بلاستيكية لإضفاء جمالية على المظهر الخارجي للمبنى الذي يقع في أرقى المناطق في بريطانيا. وأوضحت أن «واجهات المبنى التي ثبتت حديثا كانت رخيصة الثمن، وغير مقاومة للحرائق». وتساءلت الصحيفة لماذا لم يتم منع بيع هذا النوع من البلاستيك في بريطانيا، مع العلم أنه ممنوع في الولايات المتحدة وألمانيا». وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه «من أجل من راحوا ضحية هذا الحريق، فإنه يتوجب علينا التأكد من عدم تكرار مثل هذه المأساة».

وفيما شهدت شوارع العاصمة لندن مسيرة كبيرة لعدد من البريطانيين، المطالبين بمزيد من الدعم لضحايا الحريق الكبير الذي التهم برج غرينفيل السكني غربي لندن. أشادت صحيفة «الديلي تلجراف» بجهود المسلمين من سكان البرج ووصفتهم بالأبطال لدورهم في إنقاذ أرواح جيرانهم بالطرق على أبواب شققهم وإرشادهم إلى منافذ الخروج؛ وذلك نظرا لاستيقاظهم وقت اندلاع الحريق لتناول وجبة «السحور» قبل الفجر استعدادا للصيام.  وأضافت الصحيفة أن مراكز المجتمع المحلى والمساجد والكنائس وغيرها من المؤسسات الدينية فتحت أبوابها لمساعدة من فقدوا منازلهم وكل ما يملكونه عندما فروا بحياتهم.