salem
salem
أعمدة

نوافـذ: رمضان السلام

19 يونيو 2017
19 يونيو 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

يودعنا الشهر الفضيل ولم تتبق منه إلا أيام، على أمل ورجاء بعودة له في العام القادم، فسعد من صامه وأحيا لياليه وفاز بحصاد العمر فيه، ومن أوجد مساحات زمنية للعبادة وسط مشاغل الحياة، ومن استنبط العبر وفكر في القدر، وعرف أن فضائل هذا الشهر لا تعد ولا تحصى، وأنه ليس كالشهور بل هو زائر الرحمة والمغفرة والباحث عن التائب وتارك المعاصي.

رمضان يمر هذا العام والعالم تنقصه الفرحة، فرحة السلام والاطمئنان، فرحة حقن الدماء بين أبناء الدين الواحد، بين من يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أمل الجميع أن يكون مختلفا عن السنوات الماضية.

فما أصعب علينا شهر كهذا يمر وفي القلب حرقة وألم لسواد كبير من أبناء الأمة الذين يتقاتلون في مواقع كثيرة من الأرض العربية، لم يشفع لهم رمضان ولم تشفع لهم رحمة أيامه التي تدعو إلى المغفرة والتسامح.

وكأن رمضان لا حرمة له، فأصبح مثل بقية الشهور التي تسال فيها الدماء وتيتم فيها الأبناء وترمل النساء ويفقد الأب ابنه والأخ أخاه، وأسر لا حول ولا قوة لها تمحى من على وجه الأرض بسبب ودون سبب.

وهذا ما يحزن النفس ويعمق الجرح فيما الكثير من دعاة الدين في عالمنا العربي منشغلين بأمور فرعية يرونها أهم من لم شمل الأخوين والجارين، وتخفيف حدة التوتر والاحتقان ولا أدري كيف يهنأ لهم العيش في زمن أقل ما يمكن القول عنه إنه أسوأ بامتياز.

أملنا ما زال كبيرا في علماء الأمة أن يصلحوا ما يدور بين أبنائها من تدمير وتشرذم، فإن ما يكون لهم كلمة سواء تعين الناس على تدبر أمورها وتوضيح بصيرتها ونهجها، وأن تفرق بين الخير والشر والحق والباطل، وأن تهدي الضالة منهم إلى الطريق السوي، وأن تجعل مخافة الله عنوان عقيدتها وأن تصلح ذات البين بدينها، وأن تعيد الباغي إلى طريق الاستقامة، وأن تجعل حفظ أرواح الناس مسؤولية في رقابها.

وعلى عقلاء وحكماء الأمة الإسلامية والعربية خاصة أن يعرفوا أن هذه المنطقة مستهدفة في اقتصادها وأمنها وجغرافيتها ودينها، وأن المتربصين بها لن يفوتوا فرصة دون الإضرار بها وإنهاكها وتدمير شبابها وقاداتها ومواردها وقدراتها حتى تبقى في حال لا يمكنها المقاومة أو الاستفادة من خبراتها.

بعد أيام يهل علينا عيد الفطر المبارك الذي نأمل أن يفرح فيه كل إنسان مسلم على وجه البسيطة، لكن الخوف يسيطر على أسر كثيرة في هذه الأمة، بأن لا يحدث فيه ما يدمي القلب ويوجع النفس، وينهك الناس في الحزن.

الأمل كبير أن تكون أيامه فرحة وساعاته مودة بين أبناء الأمة وأن لا يكدر هذا العيد النفوس المحبة للسلام والوئام، المتطلعة إلى الحياة الكريمة الآمنة المستقرة، وأن تشهد الأيام القادمة بداية انحسار المعارك والحروب بين الإخوة في مناطق النزاع العربية والإسلامية، وأن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبيل سنوات تنعم بالاستقرار والأمان، من أجل أن تستعيد التنمية وأن ينخرط الإنسان العربي في إعمار ما خلفته الحروب والكوارث على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن ينهض كل منا إلى مستقبل أكثر إشراقا وسطوعا.