abdallah
abdallah
أعمدة

هوامش.. ومتون: «ملح وسكّر»، وبهارات كوميديّة

17 يونيو 2017
17 يونيو 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

بعد صيام طويل عن الدراما المحلية الكوميدية دخل المخرج «يوسف البلوشي» مطبخ «مؤسسة الكهف الأزرق للإنتاج الفني والإعلامي» ليخرج لنا بوجبة إفطار تلفزيونية وضع خلالها الكثير من «الملح والسكّر» داعيا لمشاركته هذه الوجبة عددا من نجوم الدراما العمانية من بينهم صالح زعل، وسعود الدرمكي، وأمينة عبد الرسول، وأحمد بن سالم البلوشي، ووفاء البلوشية، ونجم الجرادي، إضافة إلى فنانين آخرين كضيوف للحلقات وآخرين من الخليج، شاركوا جميعا في مسلسل حمل عنوان «ملح وسكر»، ويبدو أنّ هذا العنوان يحمل تميمة حظ للمخرجين، ففي منتصف السبعينات اشتهر مسلسل كوميدي سوري للمخرج خلدون المالح، وكان من بطولة دريد لحام، ونهاد قلعي، وياسين بقّوش، وغيرهم، ما زالت أحداثه، ومواقفه الكوميدية حاضرة في أذهاننا إلى جانب عدد من قدّمت خلال المسلسل من أبرزها «يابو ردين» و«عالمايه» لذياب مشهور، و«ياموه» لدريد لحام، و في عام 2013 اختار المخرج اليمني العنوان نفسه «ملح وسكر» ليكون عنوانا لمسلسل كوميدي تراجيدي رمضاني، وها هو «يوسف البلوشي» يجمع «الملح»، و«السكر» في مسلسل، وأضاف عليهما بهارات تمثّلت بكوميديا الموقف (الست كوم) المعروفة في أوروبا، وأمريكا منذ الخمسينات، ويعتمد هذا النوع من الكوميديا على المبالغة في رسم المشهد الدرامي، ويجري التصوير في مكان واحد، ويغلب به الحوار على الصورة، فهو أقرب ما يكون للمسرح، أو الدراما الإذاعيّة، يقدّم في حلقات قصيرة، كل منها بحدود 20 دقيقة، فهي أشبه بالوجبة السريعة، وكلّ حلقة تقدّم الشخصيات نفسها، حدثا منفصلا في المكان نفسه، وتناقش موضوعات مختلفة معظمها يتّصل بحياة الناس، وتترك النهاية مفتوحة، لتأويل المشاهد، وبعض المسلسلات يضاف إليها صوت ضحك الجمهور، لتحفيز المشاهد على الضحك، ومنحه إحساسا بأنه ليس وحده يتابع المسلسل، بل يشاركه الضحك جمهور آخر، غير مرئي بالنسبة له، لتكون المتعة أكبر، وقد واجه هذا النوع من الكوميديا عدم قبول من البعض كونه غربي المنشأ، وليس كلّ فن غربي يجد قبولا لدى ذائقة الجمهور العربي، لكنّ الدراما العربية لم تصغ للمعترضين، فاستفادت منه، وقدّمت عددا من المسلسلات الرمضانيّة، لعل أشهرها «راجل وست ستات»، فجاءت خفيفة على معدة الصائم، وهذا ما طمح إليه المخرج يوسف البلوشي عندما أقدم على إخراج مسلسله « ملح وسكر» الذي كتبه محمود بن عبيد الحسني- عادة ما تكتب مثل هذه الأعمال ضمن حلقات عمل، ولا ينجزها كاتب واحد- لكن الحسني قام بالمهمّة بمفرده، فوضع فكرة، وسيناريو، وحوار المسلسل الذي ناقش العديد من القضايا الاجتماعية، بإطار كوميدي، ومع ذلك لم يستسغ بعض «المغرّدين» هذه الوجبة التي لم يعتد على مذاقها الجمهور، رغم أن المخرج مالك المسلماني كان قد قدّم هذا النمط من الدراما (الست كوم) في مسلسله (بنك الحارة) عام2015م، فالجمهور اعتاد على انتقالات الكاميرا، والمشاهد الخارجيّة، وهذا لم يجده في مسلسل جرى تصويره في مكان واحد، وفي موقع تصوير داخلي، بخاصة أن المشاهد تعتمد على الحوارات، فيما المساحة المتاحة للمؤثّرات ضيّقة، أما الصورة فتوحي للمشاهد أنّه يرى عرضا مسرحيّا، وزاد من ذلك أن الأداء المسرحي غلب على التمثيل الذي قامت به نخبة من نجوم المسرح العماني، واستند المخرج على خبرته المسرحية، رغم أنه قدّم العديد من الأعمال التلفزيونية، وفات على المعترضين أن هذا هو الشائع في مسلسلات (الست كوم)، ومع ذلك يحسب قدّم للبلوشي أنّه غامر، فقدّم مسلسلا جمع به نخبة من نجوم الدراما العمانية الذين سبق لهم المشاركة بعدد من الأعمال الكوميدية المتميّزة، كصالح زعل، وسعود الدرمكي، وأمينة عبد الرسول، وغيرهم، وكان الجمهور يحلم بعودة هذه الوجوه للشاشة الرمضانيّة بعمل كوميدي جديد، مع الاستعانة بعدد من الوجوه الشابة التي كشفت عن طاقات عالية في الأداء الكوميدي كنجم الجرادي، فأقدم بشجاعة على إنتاج هذا المسلسل الذي لم يعثر له على مكان في خريطة التلفزيون العماني الرمضانية، فوجد له في قناة «سند» الفضائية خير سند، لعرضه، ورغم التباين في آراء الجمهور في تقييم المسلسل، منذ بدء عرضه، كما لاحظنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ الغالبية تابعته حرصا منها على مشاهدة عمل درامي محلي كوميدي، وهذا سبب كاف يجعلنا نقف إلى جانب أيّ محاولة، لتحريك مياه الدراما العمانية قبل أن تجف.