1038856
1038856
الاقتصادية

شمسة الريامية ترصد معالجة الصحف المحلية لأزمة انخفاض أسعار النفط وتضع حلولا مستقبلية

17 يونيو 2017
17 يونيو 2017

في دراسة ماجستير بجامعة السلطان قابوس -

■ عمان الأكثر اهتماما بالأزمة ■ الأنماط التحريرية تنوعت لكنها دون توازن ■ الاهتمام بالموضوعات ذات البعد المحلي -

عمان : دعت دراسة حديثة للباحثة شمسة بنت حميد الريامية ، حول معالجة الصحافة العمانية اليومية العربية لأزمة انخفاض أسعار النفط ، الحكومة والشركات العاملة في قطاع النفط بالسلطنة إلى ضرورة التعاون مع المؤسسات الصحفية في أوقات الأزمات النفطية بالإفصاح عن الإجراءات والسياسات والقرارات التي تتبعها لاحتوائها، وتسهيل مهمة الصحفيين في الحصول على المعلومات والبيانات الدقيقة حول كل ما يتعلق بالقطاع من إنتاج، وأسعار، واستكشافات وتنقيب وغيرها.

ونالت الريامية بدراستها، وهي صحفية في القسم الاقتصادي بجريدة عمان، درجة الماجستير من قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس ، داعية الصحف المحلية إلى الاهتمام بوضع سيناريوهات متوقعة للأزمات النفطية التي قد تحدث مستقبلا، ووضع الخطط اللازمة لإدارتها صحفيا من خلال تدريب الصحفيين على الكتابة لموضوعات الأزمات الاقتصادية والنفطية بشكل خاص، للنهوض بمستوى المعالجة الصحفية لمثل هذه الأزمات. كما أوصت بضرورة بناء أرشيف صحفي للأزمات النفطية التي تتعرض لها السلطنة وباقي الدول الخليجية حتى يكون مرجعا للصحفيين، وتخصيص صفحات في الملاحق الاقتصادية تعنى بقضايا وأخبار القطاع بصفة عامة.

وتعد دراسة شمسة الريامية الأولى من نوعها في السلطنة التي تطرح دور الصحافة الاقتصادية والنفطية في معالجة أزمات انخفاض أسعار النفط، مشخصة أوجه القصور في بعض الجوانب في تناول الصحف لمثل هذه الأزمات وآثارها والحلول الممكنة لتفاديها مستقبلا، وذلك بعد أن استقصت الموضوعات بمختلف فنونها بالتحليل والمقارنات، وفق طريقة علمية، في الصحف الخمس التي تصدر باللغة العربية وهي عمان والوطن والشبيبة والرؤية والزمن.

وشملت العينة المنتظمة للدراسة 240 عددا، بواقع 48 عددا من كل صحيفة في الفترة من 1 يوليو 2015- 30 يونيو 2016. وتم إجراء سحب العينة باستخدام الأسبوع الصناعي، إذ تم اختيار اليوم الأول من الأسبوع بالقرعة المباشرة، وبعدها تم سحب بقية أعداد العينة بطريقة منتظمة.

ورغم أن تعامل وسائل الإعلام المقروءة مع أزمة أسعار النفط كان صلب الدراسة، إلا أن الباحثة تعمقت في الأزمة نفسها من خلال طرح أسبابها والأزمات السابقة، مكونة نظرة تاريخية متكاملة للنفط وتطوراته، متحدثة بإسهاب عن صناعة النفط في سلطنة عمان، باعتباره المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة والآثار التي نتجت عن أزمة انخفاض أسعاره الأخيرة وما اتخذته الحكومة من إجراءات لاحتواء الأزمة. حيث تضمنت الدراسة ثلاثة فصول، تناول الأول الإعلام والأزمات النفطية، وتناول الثاني الإطار النظري والمنهجي للدراسة، وفي الفصل الثالث عرضت نتائج الدراسة التحليلية وأطر معالجة الأزمة في مواد الرأي المنشورة في الصحف عينة الدراسة، كما أنها دعمت دراستها بالرسوم والأشكال التوضيحية.

وعلى حد قول الباحثة فقد واجهت تحديا كبيرا تمثل في ندرة الدراسات والمصادر التي تتناول هذا الجانب سواء العربية او الأجنبية، لكنها من خلال دراستها أسست لعمل مزيد من الدراسات تتعلق بالإعلام النفطي. داعية من خلال الدراسة الى ضرورة تطوير الاهتمام البحثي عن علاقة وسائل الإعلام بالأزمات النفطية، وتوسيع نطاق الدراسات في هذا المجال.

«عمان» في صدارة الصحف

وتوصلت الريامية إلى العديد من النتائج بعد تحليلها لعينات تم اختيارها بطريقة بحثية ممنهجة، فقد تصدرت صحيفة عمان الصحف التي شملتها الدراسة في الاهتمام بأزمة أسعار النفط من حيث المساحة التي خصصتها، لمختلف الفنون الصحفية التي تناولت الأزمة، تليتها صحيفة الرؤية التي بدأت إصدارها بتوجهات اقتصادية قبل أن تتحول إلى جريدة شاملة وهو ما دفعها إلى الاهتمام بشكل أكبر بموضوع الأزمة ، على حد توصيف الباحثة.

تنوع دون توازن

وقالت الريامية إن الأنماط التحريرية التي استخدمتها صحف الدراسة الخمس في معالجة الأزمة كانت متنوعة، لكن هذا التنوع لم يقابله توازن في استخدام الأنماط المستخدمة بشكل يعكس مهنية صحف الدراسة، إذ أن أكثر من ثلثي موضوعات الأزمة كتبت بنمطي الخبر والتقرير الإخباري، مقابل أقل من الربع لمواد الرأي (المقالات بكافة أنواعها، حديث الرأي)، ولم تهتم صحف الدراسة بالأدوار الكبيرة التي كان من الممكن أن تلعبها بعض الأنماط التحريرية، مثل الحديث الصحفي بشقيه الخبري والرأي، رغم أهميته في الإجابة عن تساؤلات الرأي العام حول الإجراءات الحكومية التي قد تتخذ في احتواء آثار الأزمة وسد العجز في الموازنة السنوية، والخطط المستقبلية التي لابد أن تقوم بها لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط. إضافة إلى ذلك، لم تحرص صحف الدراسة على مناقشة آثار الأزمة في افتتاحياتها، إذ كشفت النتائج غياب المقالات الافتتاحية التي تتحدث عن الأزمة في بعض الصحف.

اهتمام ذو بعد محلي

وأظهرت النتائج أن صحف الدراسة اهتمت بموضوعات الأزمة ذات البعد المحلي، وهو ما اعتبرته الباحثة نتيجة طبيعية على اعتبار أن القارئ في سلطنة عمان يتطلع لمعرفة ما يترتب على هذه الأزمة من تداعيات قد يتأثر بها سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، فضلا عن الإجراءات والقرارات التي قد تتخذها الحكومة لاحتواء الأزمة. إلا انه لم يكن هناك الاهتمام الكافي بمعالجة موضوعات الأزمة ذات البعد الإقليمي. أما الموضوعات الدولية فقد جاءت في المرتبة الثانية، إذ كانت تدور حول جهود الدول المختلفة في إعادة التوازن إلى السوق الدولية، من خلال عقدها الاجتماعات مع دول أوبك وخارجها لتوصل إلى حلول مناسبة لتخفيض الإنتاج.

عدم الثقة في وسائل الإعلام الجديد

ومما توصلت إليه الدراسة أن الصحف المحلية اعتمدت على كوادرها بشكل كبير كالمحرر والمراسل وكاتب المقال في إنتاج المادة الصحفية المتعلقة بالأزمة، حيث أنتجت تلك الكوادر قرابة نصف الموضوعات المتعلقة بالأزمة. بينما أكثر من ثلث الموضوعات اعتمدت على المصادر الخارجية ومنهم كتاب مقال من خارج الصحيفة، ووكالة الأنباء العمانية، ووكالات أنباء أجنبية، وصحف غير عربية.

وقالت إنه بالرغم من أن وكالة الأنباء العمانية تعد مصدرا رسميا للأخبار في سلطنة عمان كالقرارات الوزارية والإجراءات الحكومية، إلا أن نسبة اعتماد صحف الدراسة عليها لم يتجاوز (8.9%). بينما جاءت وكالة الأنباء البريطانية “رويترز” في المرتبة الثالثة بنسبة (12.3%)، وربما يعود ذلك لوفرة الأخبار الاقتصادية التي تبثها هذه الوكالة، ولم تتجاوز نسبة الاعتماد على المراسل الخارجي (1%) كمصدر لموضوعات الأزمة في صحف الدراسة، وترى الباحثة أن ذلك يعود لعدم وجود مراسلين تابعين لصحف الدراسة في جميع الدول الخليجية والعربية يقومون بإعداد مواد صحفية مختلفة عن الأزمة، كالآثار والإجراءات التي اتخذتها تلك الدول لمعالجة الأزمة.

ومن الملاحظات التي تثير بعض التساؤلات ـ حسب قول الباحثة ـ عدم استعانة صحف الدراسة بوسائل الإعلام الجديد، المتمثلة في مواقع الإنترنت الرسمية وغير الرسمية، والشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر وغيرها، لكنها أرجعت ذلك إلى عدم ثقة وسائل الإعلام التقليدية بما يُنشر في هذه المواقع، خاصة أن موضوعات الأزمة تتطلب معلومات وأرقاما دقيقة، وقد تسبب آثارا سيئة على الاقتصاد العماني والسوق المالي فيما لو نشرت بشكل خاطئ.

الخلافات في أوبك

ورصدت الريامية أن صحف الدراسة لم تستخدم مصطلح “أزمة” لوصف حالة انخفاض أسعار النفط في العديد من مواد الرأي التي نشرتها عن الأزمة، حيث اكتفت بوصفها أنها “تراجع أو انخفاض” أسعار النفط. أما بالنسبة لمواد الرأي التي استخدمت مصطلح “أزمة”، فقد وضعتها في إطار “الأزمة الاقتصادية” وهذا يدل على أن أزمة انخفاض أسعار النفط أثرت على اقتصاديات الدول المنتجة للنفط والمعتمدة عليه بشكل أساسي في الدخل، فضلا عن تأثيرها على تطور القطاعات الاقتصادية الأخرى في تلك الدول.

وقد وضعت الصحف “الخلافات في أوبك” الإطار الرئيسي للأزمة ، ومن وجهة نظر الباحثة فان ذلك يعود إلى أن منظمة أوبك لها دور في حل الأزمة واحتوائها؛ بسبب ضخامة احتياطاتها وحجم إسهاماتها في الإنتاج العالمي اليومي، ولكن الخلافات بين أكبر منتجيها حول الحصص والإنتاج قد حال دون التوصل إلى حل سريع لمعالجة الأزمة في بداية الأمر.

وكشفت نتائج التحليل الكيفي لمواد الرأي في صحف الدراسة اهتمامها بذكر التداعيات التي أثرت على المواطن العادي كوقف الترقيات والمكافآت وعملية التوظيف، بيد أنه في حقيقة الأمر طغى إطار “رفع الدعم عن المحروقات” على بقية أطر التداعيات الأخرى على مستوى الأفراد، وربما يعود ذلك إلى تأثر كافة شرائح المجتمع بهذا التداعي وخاصة ذوي الدخل المحدود في ظل عدم رغبة أفراد المجتمع في استخدام مواصلات النقل العام أو سيارات الأجرة التي لا تتناسب وطبيعة العادات والتقاليد. بينما ظهر إطار “عجز الموازنات السنوية الخليجية” كأبرز أطر تداعيات الأزمة على مستوى الحكومات، حيث تناولته صحف الدراسة بشكل مستفيض موضحة ذلك بالأرقام والإحصائيات.

تطوير القطاعات غير النفطية

وركزت الصحف على “تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية”، باعتباره أهم الحلول لمواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط، إذ رأت أن رفع إسهام هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاعتماد على النفط، يجنب سلطنة عُمان والدول المنتجة للنفط الوقوع مرة أخرى في مثل هذه الأزمة، كما اهتمت بشكل كبير بطرح الحلول التي تمنع من تكرارها مستقبلا مثل جذب الاستثمارات، وتفعيل دور القطاع الخاص، والخصخصة، واندماج الشركات.

ورصدت الباحثة من خلال عينات الدراسة أن الصحف ركزت في معالجتها للازمة على تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية لكنها لم تهتم بطرح حلول للخروج من الأزمة مشيرة إلى الإجراءات التي لجأت إليها السلطنة والمتمثلة في “هيكلة الإنفاق العام”، بتقليص النفقات غير الضرورية، وتأجيل تنفيذ بعض المشاريع غير المهمة، والتقليل من تنظيم الفعاليات والأنشطة. فضلا عن قيامها بالاقتراض الخارجي، والتوجه أيضا إلى الاقتراض المحلي أو الداخلي عن طريق إصدار الصكوك والسندات السيادية.