ahmed-al-f
ahmed-al-f
أعمدة

نوافـذ :أسئلة متكررة..

14 يونيو 2017
14 يونيو 2017

يكتبها: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يأتي شهر رمضان الفضيل في كل عام ليضيء جوانب روحية، وإنسانية في حياتنا - كمسلمين - وهو الهدف الحقيقي لهذا الشهر، ويرمم الكثير من الجوانب التي تتهدم بفعل ظروف الحياة اليومية، التي تفقدنا الكثير من استحكاماتنا لجوانبنا الإنسانية والروحية، فالإنسان كما هو معروف مخلوق ضعيف وذلك بنص القرآن الكريم وفي أكثر من موضع: (وخلق الإنسان ضعيفا) كما في سورة النساء، (إن الإنسان خلق هلوعا) كما سورة المعارج، إلى غيرها من النصوص، وانعكاسا لذلك كله يحتاج هذا الإنسان إلى شيء يعيد إليه تكامله النفسي والروحي على حد سواء، ولذلك يأتي شهر رمضان بما يحمله من روحانيات ليعيد هذه النفس الجامحة بفعل ذاتيتها، وضعفها، وطمعها إلى مسارها الصحيح، أو هكذا يفترض، وإن كان واقع بعض الناس، وهذا مما يؤسف له حقا، لا يغير فيهم شهر رمضان شيئا مما يفترض أن يكون، حيث يظلون هكذا على ثبات الخطيئة، إن يجوز التعبير، وهذه إشكالية موضوعية في حقيقة الصيام، وليس هنا من حل لمعالجة هذه المشكلة لدى هؤلاء أو هؤلاء، فالحل عند الشخص نفسه، إن كانت له القدرة على تغيير سلوكياته المعوجة، وترويض نفسه نحو العمل المستقيم؛ أم لا.

يذهب الطرح هنا أكثر حول الأسئلة المتكررة والتي تدور عن قضايا بعينها كل عام، وكأن أبناء المجتمع لا يشغلهم شيء سوى هذه القضايا، والضرر هنا أكثر في إشغال العلماء الأجلاء في مثل هذه القضايا التي يفترض من أبناء المجتمع أنهم استوعبوا حيثياتها المختلفة، ولا ضرورة إلى إعادتها في صفحات المناقشات من جديد في كل عام، فعلى سبيل المثال احتفالية «القرنقشوه» تطرح الاستفسارات عنها كل رمضان بلا استثناء، ويبين الحكم فيها في كل مرة، وفي هذا العام بالذات اجتهد هؤلاء العلماء الكرام في البحث أكثر؛ بدءا من منشئها، وانتهاء إلى وصول ممارستها لدى شعوب عديدة، وهذا التوضيح في رأي الكثيرين يكفي، لمن أراد أن يأخذ بما تم نشره عبر الوسائل المختلفة، ولمن لم يقتنع فهذه مسألة أخرى، وفي تصوري أن المجتمع به قضايا أهم من هذه القضايا المتكررة كل عام، وكأن المجتمع لا يشغل أفراده إلا الـ «قرنقشوه» في كل عام، بينما قضايا الوظيفة، على سبيل المثال، لا أحد يسأل عنها، وهي قضايا على قدر كبير من الأهمية، وتشعباتها كثيرة، بدءا، أيضا، من الأمانة الوظيفية، والإخلاص، والصدق، والتعامل الحذر مع مفاصلها المختلفة، وليس أغرب من ذلك أن تغتال هذه الوظيفة، كممارسة، في هذا الشهر أكثر من أي شهر آخر، حيث تجد الموظفين يتجولون في المجمعات، وفي تخليص معاملاتهم الخاصة، أثناء فترة الدوام الرسمي، ولا تحتاج لأن تسأل عن السبب، فالجميع «حاطين رجل فوق الرجل»، وضرب «سوالف» في مشهد يؤسف له حقا، ولذلك هناك شكوى من ضعف الإنتاجية، وهناك شكوى من التغيب بعذر وبغير عذر، وهناك شكوى من عدم الموظفين على مكاتبهم، وهناك شكوى مع تعاملات سيئة يقابل بها المراجعين لكثير من المؤسسات التي تقدم خدمات للجمهور، حتى أنني قرأت قبل يومين قرارا أصدرته جهة رسمية حول تكوين لجان لمتابعة المتغيبين من الموظفين بغير عذر، ويقينا لم تصل هذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات إلى تبني مثل هذا القرار في تشكيل لجان لدراسة المتغيبين عن العمل بغير عذر إلا لأن هذه المسألة أصبحت تشكل ظاهرة خطيرة، وخاصة في المؤسسات الحكومية، وهذا كله يعكس الجهل المطلق بأهمية الوظيفة واستحقاقاتها المختلفة، وهي الاستحقاقات المطلوب من الموظف أن يقوم بها تجاه الوظيفة التي يقوم بها، والتي يتقاضى مقابلها راتبا.

مثل هذه القضايا وغيرها، وهي التي تهم الصالح العام، التي يجب أن تثار في كل وقت، وليس الاشتغال على قضايا لا تنتج في النهاية إلا أوجه الخلاف بين أفراد المجتمع، وتقوض من اللحمة الاجتماعية، لأن ذات القضايا التي تثار في كل مرة، وخاصة في هذا الشهر، لا تزال تمارس علنا بدون أن تؤثر مجموعة الأطروحات حولها نهيا.