1035078
1035078
المنوعات

«الأوقاف» تدشن «مصحف مسقط الإلكتروني» بخصائص فريدة

12 يونيو 2017
12 يونيو 2017

بمباركة سامية وبرعاية السيد هيثم -

كتب: سالم بن حمدان الحسيني -

1035076

بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه – دشن أمس «مصحف مسقط الإلكتروني» تحت رعاية صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة وذلك في احتفالية أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية صباح أمس بمبنى المحكمة العليا بمسقط بحضور عدد من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة، كما حضر حفل التدشين الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد أبو زيد الأمير رئيس قطاع المعاهد الأزهرية وعدد من أصحاب الفضيلة وشخصيات إسلامية وعربية وجمهور غفير.

1035074

استهل حفل التدشين بتلاوة مباركة للمقرئ طالب بن سعيد القنوبي، بعدها ألقى الدكتور سالم بن هلال الخروصي مستشار الوعظ والإرشاد بمكتب وزير الأوقاف والشؤون الدينية كلمة الوزارة أوضح فيها أن القرآن قد كان وما زال رغبة الراغب ، وقصد الطالب ، ولسان الخطيب وحجة الأريب ومنهل العلماء ومنطق البلغاء ومرتقى الأولياء وميزان الحكماء وهو ملاذ الدين الأعلى وعماد لغة العرب الأسمى ودستور الخالق لإصلاح الخلق وقانون السماء لهداية الأرض، إليه سمت النفوس قصدا واتجهت الأذهان بحثا ورصدا، فبحفظه حفظت لغتنا وعلى هديه تربت شبيبتنا وعن علومه ومعارفه تفجرت ينابيع الحكمة توقيفا وتوفيقا فظهر إعجازه في لفظه ورسمه وخبره، لذلك كله كان القرآن الكريم موضع العناية الكبرى من الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - وصحابته ومن سلف الأمة وخلفها جميعا إلى قيام الساعة.

وكيل الأزهر: المصحف فريد في مجاله ويتميز بخصائص لا توجد في غيره من المصاحف الإلكترونية -

وأضاف: واليوم تبدو الحاجة إلى هذا الكتاب العزيز أكثر من أي وقت مضى للاغتراف من معينه الخالد والارتقاء بالأجيال لفهم آياته وإدراك مضامينه وخاصة في هذا العصر العولمي والفضاء الإعلامي المفتوح والتقنية المتسارعة والمتطورة التي بان عنها مصطلح الدولة الذكية، ولأجل ذلك فإن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بجانب دورها في نشر الوعي الديني حول ما اشتملت عليه دفتا الكتاب الكريم، عبر المدارس القرآنية والوعظ والإرشاد قامت بطباعة مصحفي عمان والعماني وتدشينهما الأول عام 1427هـ يوافقه 2006م والثاني 1429هـ يوافقه 2008م ليضيفا إلى جهود العمانيين عبر التاريخ في خدمة كتاب الله لبنة جديدة وصرحا منيعا لحضارة عمان الخالدة.

وأشار إلى أن إطلاق مصحف مسقط الإلكتروني يأتي تزامنا مع نفحات شهر رمضان المبارك وقبيل ثلثه الأخير ثلث العتق من النار وثلث ليلة القدر التي ابتدأ نزول القرآن الكريم فيها على النبي – صلى الله عليه وسلم – منجما ليضيف إلى روحانية هذا الشهر مأدبة إيمانية جديدة تنهل منها الأمة لخير حاضرها ومستقبلها.

وأوضح الخروصي أن مصحف مسقط الإلكتروني جاء فريدا في ابتكاره إذ يعد ثاني مصحف مصفوف بعد مصحف الملك فؤاد الذي لم يكتب له أن يُرقم إلكترونيا، كما أنه أول مصحف يهتم بخطوط النسخ التي اشتمل عليها الرسم العثماني وتراكيبها إزاء كل كلمة في كتاب الله تعالى مما يتعدد معها أشكال الكلمة وطريقة مدها حسب كتابات المصحف المختلفة مما اتفق عليه جمهور علماء القراءات، مشيرا إلى أن أهمية هذا المصحف بجانب أنه مورد الباحثين والدارسين في الدراسات القرآنية فهو أيضا مورد للمهتمين باللغة العربية وجماليات خطوطها، كما يعد لبنة جديدة في تعليم الخط العربي وسبيلا من سبل تنشئة الشبيبة للحفاظ على اللغة الأم في وقت تواجه فيه العربية تحديات شتى في عالمنا المعاصر.

وأكد في كلمته: إن مصحف مسقط الإلكتروني سبب رئيس في عضوية السلطنة لدى اتحاد الترميز العالمي «اليونكود» فبعضوية الوزارة في هذا الاتحاد نكون الأول عربيا ممن يحصل على هذا السبق وبذلك نكون قد ساهمنا في حفظ الكتاب العزيز من منطلق حفظ الله تعالى له، مؤكدا أن الوزارة تتمتع بحقوق الملكية الفكرية لهذا المشروع لكي نبدأ بعدها خطوة إدارته وتشغيله عبر تدريب أطر الوزارة على هذا المجال وكذلك حفظ اللغة العربية، كما يعد منجزا عمانيا يسجل لدى اتحاد الترميز العالمي.

واختتم الخروصي كلمته قائلا: لا ندعي في السلطنة أننا بهذا الإصدار قد استوفينا أبعاد رسالة القرآن، ولكن حسبنا في ذلك أننا فتحنا بابا واستدعيناه إلى ساحة التفكير والتدبر وقدمنا بعض الملامح والرؤى لعل ذلك يشكل مساهمات وبصائر على طريق خدمة القرآن واسترداد دوره في الحياة بإلهام وتوجيه من باني نهضتنا ومشيد حضارتنا المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-.

من جانبه قال معالي الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر بجمهورية مصر العربية في تصريح لـ «$»: بداية نهنئ السلطنة وأهلها بهذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، ولعله من حسن الطالع أن يعلن اليوم «أمس» إطلاق مصحف مسقط الإلكتروني، فالمصاحف الإلكترونية هي توجه حديث مهم جدا لمواكبة متطلبات العصر، حيث إن معظم الشباب خاصة في عصرنا الحالي يفضلون كثيرا استخدام التقنيات الحديثة أو الفضاء الإلكتروني، فإتاحة هذا المصحف وهو كتاب الله عز وجل إلكترونيا هو في غاية الأهمية حتى يتحقق لهم ما يريدون بالوسائل التي يحبونها .. مشيرا إلى أن المصاحف الإلكترونية تمتاز بإمكانيات كثيرة قد لا توفرها المصاحف المطبوعة وإن كانت هي الأسباب، ويجب أن تبقى هكذا لثباتها ولإمكانية تداولها من الجميع . لكن المصاحف الإلكترونية هي وسيلة سهلة الاستخدام بحيث يمكن استخدامها من خلال الهواتف النقالة أو الأجهزة اللوحية الأخرى في أي مكان وذلك بواسطة البحث السريع أو الكلمات أو السورة التي يعرف انتماء آية من الآيات إليها.

وأشار الدكتور شومان إلى أن مصحف مسقط الإلكتروني يتميز بأن فيه إمكانية كبيرة للاطلاع على الخطوط الإسلامية وخاصة الخطوط العثمانية وتغير شكل الحروف بتغير هذه الخطوط وإمكانية تطبيقها على المصحف وإمكانية البحث فيه وأيضا إمكانية الاستنساخ، وسيضاف إليه في المستقبل إمكانيات أخرى كثيرة ستكون فريدة من نوعها في طرق الاستخدام للمصاحف الإلكترونية.

وأضاف: إن القرآن الكريم منذ الصدر الأول للإسلام هو محل رعاية وعناية من المسلمين حيث حفظوه واستوعبوه بقلوبهم وبعقولهم وظل ينقل من جيل إلى جيل محفوظا في الصدور والعقول، ولا زال مخطوطا ومكتوبا في كتب حديثة ومصاحف طبعت يتداولها الناس، ومواكبة لحركة العصر ومستجداته وما توصلت إليه أذهان الناس فظهرت المصاحف الإلكترونية ويحمد للسلطنة ما أقدمت عليه وهو «إنتاج مصحف مسقط الإلكتروني» مؤكدا أن «مصحف مسقط الإلكتروني» هو فريد في مجاله ويتميز بالكثير من الخصائص التي لا توجد في المصاحف الإلكترونية الأخرى، ونحن في الأزهر الشريف نبارك هذه المبادرة الطيبة للسلطنة المتمثلة في إطلاق هذا المصحف الإلكتروني خدمة لكتاب الله عز وجل، وهو دستور الأمة الخالد .. مشيرا إلى أن الأزهر الشريف بذل جهودا كبيرة جدا في هذا المصحف من خلال لجنة مراجعة المصحف بمجمع البحوث الإسلامية التي عملت قرابة ثلاث سنوات، ولا زالت تعمل على النسخة الإلكترونية لمعرفة ما يمكن إضافته إلى هذا العمل الكبير.

وأشار سعادة الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في كلمة له إلى جهود وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في مجال العناية بالقرآن الكريم وخدمته وبيانه القيم الحضارية وروعة القرآن شكلا ومضمونا.

وأكد أن هذا المصحف يعد إضافة حضارية لتلبية احتياجات المسلمين في مختلف أنحاء العالم من خلال توظيف الفضاء الإلكتروني للاستفادة من هذه التقنية المتميزة التي تعد خدمة لكتاب الله عز وجل وإضافة للجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة.

وفي ختام الاحتفالية قدم د.طوماس ميلو منفذ مشروع «مصحف مسقط الإلكتروني» عرضا مرئيا تناول فيه خصائص المصحف مشيرا إلى أن النص الإلكتروني في المصحف يحتوي قواعد نحوية وإملائية دقيقة غاية في التعقيد لا تحتمل التحريف، وإن الطبيعة الحقيقية للمشروع تكمن في عدم محدوديته باللغة العربية للقرآن الكريم فهي توفر بنية تضمن الكمال النصي للغة العربية للجميع ولأي استخدام ومن أي جهاز.

وأشار إلى أن التخطيط والزخارف المستخدمة في «مصحف مسقط الإلكتروني» التي تظهر ملونة كالزهور والمناظر الطبيعية هي رموز تخص السلطنة إضافة إلى ذلك تشير الفواصل إلى 30 جزءا، وهي شواهد خاصة بالسلطنة مثلها مثل الواجهة البحرية للأمة الإسلامية حيث يكون فيها الإسطرلاب متنفسا للانتقال خلال الفصول أو الأجزاء.

وأكد أن الطبيعة الديناميكية للخط العربي الكلاسيكي الآن لأول مرة يصل للمليارات ويسمح بتقسيم الكلمة التي تظهر بشكل جذاب لكل مستخدم ليبدي انطباعه حول خط النسخ للنص المكتوب، كما تعاد صياغة الكلمات المحيطة بخلفية تقسيمات الصفحة التلقائية لضبط الخطوط مع النص الجديد.

وأوضح أنه تتم طباعة بدايات السور بنموذج الحاسوب الذي يعد واحدا من أجمل الخطوط للمخطوطات القرآنية الأولى، حيث تظهر بدون تشكيل ومع ذلك تسمح إمكانيات الخط الكوفي نفسه للمستخدم بالتنقل بين أنواع مختلفة لبداية كل جزء من القرآن الكريم، موضحا أن النقاط والهمزة وحروف العلة والسكون وحركات النص الذي يحتوي على شدة ووقوف قرآنية وعلامات الترقيم تظهر بألوان تختلف كل منها عن الأخرى كما توجد خانات منفصلة للبحث عن أرقام الصفحات والنص العربي والأجزاء والآيات.

وأكد ميلو أن تصميم مصحف مسقط الإلكتروني يعد ثورة في المجال الإلكتروني، وهذا ما يجب أن نفعله في عصر الفكر، ويمتاز نظام البحث في الآيات والسورة بوجود اسطرلاب بحيث يمكن التوصل إلى أسماء السور والأجزاء والأحزاب في سرعة قياسية وبإمكان المتصفح عندما يفتح الموقع أن تشاهد كل أنواع الخطوط التي يمكن للبرنامج استخدامها.

الجدير ذكره أن «مصحف مسقط الإلكتروني» يعد سابقة فريدة من نوعها من حيث طباعته الإلكترونية، فهو ثاني مصحف مطبوع غير مخطوط والأول إلكترونيا كما أنه يحوي تراكيب خطوط النسخ المتفق عليها حسب الرسم العثماني غايته إبراز اللغة العربية وخطوطها وجماليات فن الرسم العثماني كما يفتح للباحثين والدارسين بابا واسعا للاستفادة من نصوص القرآن الكريم وتشكيل مصاحف جديدة حسب خط النسخ الموافق للرسم العثماني المتاح عبر مصحف مسقط الإلكتروني إضافة إلى تعليم أبنائنا كيفية كتابة المصحف بالرسم العثماني وجماليات الخط العربي وتطبيقاته.

ويحوي المصحف أساليب البحث عن السور والأجزاء والآيات بمنهج جديد يختصر الوقت والجهد لطلاب العلم والعلماء والباحثين والمهتمين، كما أن إجازة أي مصحف جديد لا بد أن يمر عن طريق لجنة مراجعة المصحف بالأزهر. وتتمتع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بحقوق الملكية الفكرية لمشروع «مصحف مسقط الإلكتروني»، ويوفر للمصحف الحماية من القرصنة الإلكترونية عبر متابعة شركة «ديكوتيب» المنفذة للمشروع لحين تدريب الكوادر الفنية بالوزارة على عملية التشغيل والإدارة.

وقــــد بذلت السلطنة جهودا كبيرة في نسخ كتاب الله تعالى ونشره منذ تاريخ دخولها في الإسلام ، وأبرز ملامح هذه الإنجازات مصحف العلامة عبدالله بن بشير الصحاري عام 1157هـ ومصحف الناسخ خميس بن سليمان الحارثي 1186هـ ومصحف مسعود بن خلفان الريامي 1249هـ، ولا شك أن قبلها وبعدها جهودا مختلفة تضاف إلى هذا الإرث الحضاري البارز.