tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار :استهلاك بألف لون ولون !

29 مايو 2017
29 مايو 2017

د. طاهرة اللواتية -

[email protected] -

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي فقط لمعرفة الأخبار والأحداث ومتابعتها، فالبعض كالانستجرام مثلا اصبح سوقا بألف لون ولون، نلاحظ حمى العرض الانستجرامي لكافة أنواع البضائع للرجال والنساء والأطفال على السواء، سلع من كل الأشكال والألوان والأذواق، مرفقة مع صور وفيديوهات قصيرة ملونة وأنيقة وجاذبة، عالم يتسع كل يوم ويغرق في لجته الاستهلاكية المزيد من الفتيات الصغيرات والفتيان، صحيح بحر السلع الجاذب للفتيات والنساء اكبر وأعمق، لكن الكل يكاد يغرق فيه، فقد قصرت المسافات، وقرب البعيد، وسهل الصعب، وفتح باب التنافس المحموم على الشراء بآلاف من « اللايكات» والقلوب الحمراء على صورة أو فيديو السلعة أو الخدمة المعروضة.

إن الانستجرام شجع الإعلان والدعاية لعالم الاستهلاك اللامتناهي بقوة، فانت ترى فيه الشخصيات الفنية والرياضية والاجتماعية والسياسية ومشاهير الأعلام والشخصيات العامة، وقد اقتنت السلعة وتعرض صورها وهي تستخدمها. فالاستعراض والمفاخرة جزء مكمل لغريزة الشراء الاستهلاكي، وهذا الاستعراض يدفع الى تنافس أكبر وأقوى على سلع وبضائع وخدمات جديدة ومستحدثة، فلا قريحة التاجر تتوقف عن ابتكار الجديد، ولا المعلن يكف عن التفنن في إعلانه، فالافتتان والتنافس سيدا الموقف في كل الحالات، والريالات الكثيرة تنسرب وتتسرب، بينما عقلية القطيع تسيطر، فتدغدغ وتحرك غريزة الشراء بدون وعي وانتباه.

قد لا تكون البضاعة شيئا مهما، وقد تكون مكررة لما عندنا، وقد تكون فقط شكلا جميلا بلا مضمون، لكن الشراء حار ومحموم .

هو الاستهلاك بألف لون، فلم يتخل التاجر عن غريزته بالبحث عن مشتر، والمجال مفتوح، والعم جوجل لا مانع لديه أن يضع الإعلان في كل أوعيته الرقمية، بل وفي التطبيقات الإلكترونية، وان كان التطبيق طبيا أو دينيا ، ولا يختلف الحال إن كان التطبيق كتاب الله العزيز أو كتابا حديثا شريفا أو سيرة نبوية ، فيأتيك الإعلان عن حذاء «سنيكرز» أو قميص رجالي أو فستان سهرة، بينما تقرأ الآيات القرآنية أو تحفظ الحديث الشريف.

يبدو أن وسائل التواصل أصبحت سوقا تجارية عالمية ضخمة في هواتفنا الصغيرة تدفع الناس لروح الاستهلاك دفعا وتسوقهم سوقا .