salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة :نفحات رمضانية

25 مايو 2017
25 مايو 2017

سالم الحسيني -

ونحن على مشارف هذا الشهر الفضيل يجدر بِنَا أن نستمد من عبيره الفواح الطاقة الإيمانية التي تمدنا بالقوة اللازمة لصيامه وقيامه على الوجه الذي يرتضيه لنا الحق سبحانه وتعالى، ونسأله جلت قدرته أن يعيننا على الوفاء بحقه خير قيام، وان يوفقنا للتعرض لنفحاته وهباته حتى تكون لنا زادا نستمد منه ما يعيننا على أداء حق الله وحق عباده علينا، فمثل هذه المواسم الإيمانية فرصة سانحة لا ينبغي أن تمر علينا دون أن نتزود منها الزاد المبلّغ لمرضاة رب العباد، ولا شك أن الكيس الفطن هو الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة وطاقة لاغتنام هذه الفرصة واكتسابها دون تكلف أو شطط، كما أنها فرصة لا تعوّض في التعرض لرحمات الله العزيز المتعال والتوبة والاستغفار وتبرئة حقوق العباد ورد المظالم إلى أهلها حتى يلقى الإنسان خالقه الكريم الوهّاب دون تبعات أو أحمال تثقل كاهله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ولا شك أن أجل نعمة أمتن الله سبحانه وتعالى بها على الإنسان هي نعمة الإسلام.. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).. فهي نعمة لا تماثلها يتمثل فيها عز الدنيا وسعادة الآخرة، فما بال الإنسان وهو يتفيأ ظلالها وينعم بخيرها الظاهر والباطن ينكص على عقبيه، ويلهث وراء لذة عابرة وحطام من الدنيا قليل، وقد جاء التحذير الشديد من مغبة ذلك الأمر الذي وقع فيها الإنسان الجاحد لنعمة هذا الدين الحنيف، حيث يقول سبحانه: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)، ومثنيا على عباده الصالحين اتباعهم الصراط السوي، فكانت العاقبة السعيدة والفوز الأبدي.. (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ)، ولا ريب أن شواهد الحق شاخصة أمام هذا الإنسان والدلائل القاطعة لا تحتاج إلا توضيح أكثر فطرق النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة مرهون باتباع هذا الدين القويم وتمثل تعاليمه وليس بالانتماء إليه فحسب.

وليست هناك صورة تصف ذلكم المشهد المتأصل في تلك النفوس البائسة التي تسلك ذلكم المسلك المنافي للعقل والمنطق والفطرة السليمة من الآيتين الخامسة والسبعين والسادسة والسبعين بعد المائة من سورة الأعراف حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) حيث وصفت الآيتان الكريمتان المشهد مفصلا ابتداء من حصول النعمة وانسلاخه منها مستبدلا جلدة الإسلام بجلدة الجحود والكفران فكان الشيطان له قرينا ملازما لاهثا وراء نزواته متبعا سبيل الغواية والهلاك حتى يرديه قرينه إلى هاوية الهلاك وكان العز والتمكين حاصلا له باتباع الهدي الرباني الموصل إلى النعيم الأبدي لكنه آثر سلوك ذلكم السبيل الموصل إلى النهاية التي لا تحمد عقباها.. نسأل الله سبحانه وتعالى الهداية وحسن العاقبة والمآل إنه سميع مجيب الدعاء.