أفكار وآراء

عمان .. أمان بلا حدود

23 مايو 2017
23 مايو 2017

عادل أبو طالب / مساعد رئيس تحرير الأهرام العربي -

تظل السلطنة، الوجهة التي تتحدث دائما عن إمكانياتها المتميزة في خضم الكثير من التطورات السلبية المحيطة بالمنطقة العربية نتيجة التطورات العديدة التي شهدتها خلال السنوات القليلة الماضية....هذه الكلمات أكدتها الكثير من الشهادات الدولية وترددت مؤخرا إشارات ترجمتها العديد من وسائل الإعلام العالمية لتضع عمان كواحدة من أهم دول المنطقة العربية بشكل عام والخليج بشكل خاص.

وقد ترجم حصول السلطنة على مراكز متقدمة في مؤشرات عديدة حجم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به وهي مؤشرات ربما افتقدتها الكثير من دول المنطقة في ظل حالة السيولة التي تمر بها والتطورات الإقليمية والدولية المتسارعة.

وجاء حصولها على المركز الرابع عالميا في مؤشر الأمان العالمي، وتصدرها العالم في مؤشر «الحماية من الحوادث الإرهابية»، ليعكس مدى الإنجاز المتحقق في هذا المجال الذي بات الجميع يتباهى به كحالة استقرار توفر البيئة المناسبة لخلق مجال استثماري تبذل له الدول جهدا كبيرا لتحقيقه.

وكان المنتدى الاقتصادي العالمي أصدر تقريره الأحدث لعام 2017 عن قطاع السياحة والسفر، وتضمن التقرير مؤشِّر الأمان العالمي الذي اشتمل على 1366 دولة حول العالم، وجاءت السلطنة في المركز الرابع عالميا بعد فنلندا والإمارات وأيسلندا، بحصول السلطنة على درجةٍ إجمالية متوسطة بلغت 6.49، بفارقٍ ضئيل عن فنلندا التي تصدَّرت المؤشر بعد حصولها على درجة متوسطة بلغت 6.65

ويعتمد المؤشِّر على عدة معايير لقياس مستوى الأمان للدولة محل الدراسة، تتمثل بشكل أساسي في «تكاليف أعمال الجريمة والعنف»، و«تكاليف أعمال الإرهاب»، و«معدلات الإصابة بالإرهاب»، و«معدلات القتل»، و«موثوقية جهاز الشرطة، ومدى قدرته على توفير الحماية من الجريمة».

ويعتمد المؤشر في الترتيب على حساب الدرجة المتوسطة التي حصلت عليها الدولة محل الدراسة، في كافة المعايير، من صفر إلى سبعة، لوضع ترتيبها في المؤشر، بحيث يكون أعلى تقييم تحصل عليه الدولة في المؤشر هو سبعة، وأقل تقييم تحصل عليه الدولة في المؤشر هو صفر، وكلما ارتفع ترتيب الدولة محل الدراسة في المؤشر، دلّ ذلك على توافر الأمان فيها، والعكس صحيح.

كما تضمن التقرير الأحدث للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2017 عن قطاع السياحة والسفر، أيضا المؤشر العالمي لـ«الحماية من الحوادث الإرهابية»، الذي اعتمد في تصنيفه على بيانات الاتحاد الوطني للدراسات حول الإرهاب.  وتصدرت السلطنة المؤشر العالمي، بحصولها على العلامة الكاملة، بدرجة إجمالية متوسطة بلغت 7 من 7، وابتعدت السلطنة عن الكثير من الدول العربية التي تضمنها المؤشر؛ إذ كانت أقرب الدول العربية للسلطنة هي المغرب التي حلّت في المركز رقم 34 عالميًا، تلتها قطر التي جاءت في المركز رقم 38 عالميا.

ولا شك أن هناك مؤشرات أخرى كانت لها دلالتها في هذا الإطار وهي كلها شهادات تصدرت أخبارها الكثير من الدوائر الإعلامية الغربية وكانت محورا لحديث الكثير من الأوساط الإعلامية التي شاركت مؤخرا في معرض السفر الذي شهدته برلين مؤخرا والتقيتها عن قرب...في حوارات جانبية بعد هذا الحدث السياحي الكبير الذي يستهدف العديد من صناع السياحة العربية والعالمية سنويا.

حوارات دارت بيني وبين نخبة كبيرة من المشاركين في المؤتمر كان الحديث فيها عن عمان له الكثير من الاهتمام وربما كان أغلبهم ممن زاروا السلطنة وشهدوا لها ورأوا الواقع الذي تشكل العديد من محطات الاختبار ما يترجم مقولة إن «عمان... أمان بلا حدود».

الحديث دار عن عدة فعاليات بدءاً من مهرجان مسقط  ثم معرض مسقط الدولي للكتاب.  ومهرجان خريف صلالة وفعاليات عديدة...الجميع أكدوا أن مسقط وجهة سياحية  فريدة، تستقطب عددا كبيرا من السياح، بل وأشاروا إلى أن الفعاليات التي تم تنفيذها بمشاركة العديد من الجهات ذات العلاقة إلى جانب القطاع الخاص، وذلك من أجل تقديم خدمات متكاملة للسياح، مؤكدين أن عمان غنية بكل ما تحمله الكلمة من مفردات ومعان وسمات تشير إلى جمال عاصمتها مسقط وروعتها وهي تستقبل زوارها، فهي -حسب وصفهم- مكان يتناغم مع البهجة والفرحة، ويكرس روعة التواصل بكل معانيها البديعة مع سحر المكان المتألق بجمال الطبيعة وإبداع الإنسان.

كانت مسقط في قيمتها الأثرية بجانب الحركة العمرانية المنتشرة في مختلف أرجائها واحدة من محاور الحديث الذي دار بيننا وجميعهم تحدث عن تاريخها العريق الذي يرجع إلى عصور قديمة  فيما لا تزال أحياؤها القديمة تحتفظ بطابعها، وشواهدها من العمارة الإسلامية والمباني العتيقة والحارات والأزقة والطرقات الضيقة التي تميزها كعاصمة إسلامية.

الحديث طال الشهادات الدولية التي صدرت حديثا من أعرق المراكز العالمية والتي وضعت السلطنة في مقدمة الدول الآمنة والمستقرة؛ أذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر حصول السلطنة على المركز الأول عربيا في قائمة الدول الأقل تعرضا للإرهاب وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2016 الذي أصدره معهد الاقتصاد والسلام والذي يتخذ من مدينة سيدني الأسترالية مقرا له. وحازت السلطنة على المركز 130 مكرر عالميا في المؤشر وحصلت على «صفر نقطة» في درجة خطر الإرهاب والتي تمثل ذروة الأمان من التهديدات الإرهابية.

نبض التنمية المتسارع في مسقط، ومختلف أرجاء عمان كان واحدا من أهم عناصر الحوار على خلفية ما شهد به الجميع من التقاء أساليب عديدة في هذا النمط العماني الفريد، بما يحمله من طابع شرقي أصيل وغربي معاصر، تماشيا مع حركة السياحة، ومتطلبات الجذب الأوروبي الذي تحظى به، فنادق عديدة وجديدة في كل مكان، وطرق ومبان حديثة تم الانتهاء من بعضها والأخرى قيد الإنشاء...».

تلك هي الصورة التي كانت حاضرة في الأذهان... الجميع رأى في المستقبل ما يبعث على الفخر في حجم النمو الذي شهدته السلطنة والاستثمارات، وأجمعوا على أن التراث العماني يظل دائما وأبداً أساسا قويا لأي مجتمع سياحي، ويبقى الحفاظ عليه هو المحك في الحكم على أي استراتيجية لبناء نموذج سياحي يدوم ويتطور...هكذا هي الصورة قرأتها ...صورة جمالية ترسمها معالم فريدة في عمان وتحديدا دار الأوبرا السلطانية....سوق مطرح حيث الخيال في  مختلف أرجائه، وجامع السلطان قابوس.

معطيات تاريخية وحضارية ونمط تنموي جعل عمان مقصد الباحثين عن التاريخ والتراث والحضارة والأمان  والاستقرار الذي طال كل أرجائها.