أفكار وآراء

استكمال البنية التحتية ضرورة لتقوية الاقتصاد

20 مايو 2017
20 مايو 2017

عبد الله العليان -

بمناسبة الاحتفال بتدشين منصة العلوم اللوجستية قبل أيام ،بالتعاون مع عدة جهات أهلية، منها المجموعة العمانية العالمية اللوجستية، ومشاركة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، وبحضور بعض الاختصاصيين والمهتمين الاقتصاديين بهذا القطاع ، تحدث معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات، عن الدور المهم الذي سيلعبه القطاع اللوجستي في الحركة الاقتصادية والتنموية في السلطنة، من خلال ما تملكه بلادنا من مقومات كبيرة وخاصة الموانئ الجوية والبحرية،وهذا بلا شك يحتاج إلى استنهاض الجهود وتأسيس بنى تحتية لإنجاح هذا القطاع الجديد على الاقتصاد الوطني عموماً.

ومما قاله معاليه في هذه الاحتفالية «أنه من المتوقع أن يساهم القطاع اللوجستي بـ 14 مليار ريال عماني وأن يصبح ثاني مصدر للناتج المحلي الإجمالي في السلطنة وتكون السلطنة مركزا لوجستياً عالمياً بحلول 2040 . مضيفاً معاليه «يجب أن ننظر بعيداً جداً إلى الآفاق الاقتصادية العالمية ولا نحصر أنفسنا بالدورة الاقتصادية قصيرة المدى عند إعداد الاستراتيجيات، وسيكون التقدم التقني والازدهار التجاري والاستثمار محركات أساسية للانتعاش الاقتصادي . ويجب أن تبدأ السلطنة من الآن الإسراع في التنوع الاقتصادي « . موضحاً في كلمته « أن حجم الاقتصاد العالمي سيزداد أكثر من الضعف من الآن وحتى عام 2050، وهو ما يفوق بكثير النمو السكاني ويجب صياغة استراتيجيات تتواءم مع هذه التغيرات، وستكون الأسواق الناشئة هي محرك النمو الاقتصادي العالمي وسوف تهيمن على أكبر 10 اقتصادات في العالم في عام 2050». ولا شك أن هذه التوقعات والمؤشرات تبشر بانتعاش كبير للحركة الاقتصادية من خلال تنامي هذا القطاع وغيره من القطاعات، مع وجود المقومات الكبيرة التي لا شك أنها ستعزز الاقتصاد الوطني العماني العقدين المقبلين،لكن ما قاله معالي وزير النقل والاتصالات عن أهمية النظرة المستقبلية العالمية البعيدة ضرورة اقتصادية لا بد للدولة النظرة إليها نظرة جدية، أو كما قال معاليه: » لا نحصر أنفسنا بالدورة الاقتصادية قصيرة المدى عند إعداد الاستراتيجيات»، وهذه تحتاج إلى وقفة لمراجعة بعض السياسات القائمة، والمنحصرة في خطط قصيرة ستعمل على تقوية الاقتصاد الوطني، وعلى تحقيق تنمية ناجحة ، هدفها التركيز على الاعتماد على التنوع الاقتصادي، وعلى خلق نمو يؤسس لخطط ناجحة في مجال تنويع مصادر الدخل ، والى استثمار الموارد ،والحد من الاعتماد على مصدر أساسي وهو النفط، وهذا ما عبر عنه جلالته في خطابه العيد الوطني العاشر،1980 ، ومما قاله جلالته في هذا الوقت المبكر.. «إن جهودنا يجب أن توجه إلى تقوية اقتصادنا، وتنويع مشاريعنا الاقتصادية للتقليل من الاعتماد على المصدر ( النفط ). ولتحقيق هذا الهدف يجب أن لا نبدد جهودنا ومصادرنا في إقامة مشاريع مترفة لا معنى لها، بل يجب أن نوجه كل شيء لتحسين مستوى حياة كل أفراد الشعب باستمرار ، ولتقوية الدعائم الأساسية، والأمن والاستقرار «. صحيح أن السلطنة أقامت بنية تحتية، في العديد من المدن العمانية لعل أهمها إقامة موانئ بحرية وجوية، ومناطق اقتصادية حرة ، وهي بلا شك ستؤدي إلى توسيع مجالات تنشيط القطاع اللوجتسي، وتساهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، لكن لا نزال نحتاج إلى إقامة بنية تحتية متكاملة،حتى تتحقق أهداف المشاريع المستقبلية البعيدة المدى، وليست القصيرة المدى فقط ، وهذا ما تأخرنا كثيراً عنها في العقود الثلاثة الماضية، نعم نقدر جهود المجلس الأعلى للتخطيط في برامجه الجديدة، ومنها البرنامج الوطني لتعزيز الاستثمار (تنفيذ)، من خلال ما قرأنا عنه منذ عدة أشهر، لكننا نتمنى النظرة الشاملة للخطط والبرامج التي وضعت، وأن تتأسس بنى تحتية كبيرة، مع ما تم تنفيذه، وهو بلا شك مشاريع كبيرة ومهمة تمت ، ومنها المناطق الصناعية، في الدقم وصحار و صلالة، وكذلك الموانئ والمطارات أيضاً ، التي أصبحت واجهات مهمة للتنمية الاقتصادية والسياحية. لكن الإشكالية أن بعض هذه المشاريع تحتاج إلى استكمال، حتى تكون البرامج والقطاعات اللوجستية وغيرها، ليس بها أية نواقص أو تأخر في استكمالها، ومنها ما اشرنا إليه منذ عدة أسابيع، وهو استكمال مشروعي الصيانة والتموين بمطار صلالة، وهذا ليس لنا فيه خيار من حيث الأهمية السياحية واللوجستية، بل هو ضرورة ملحة، إذا ما أردنا أن تكون مشاريعنا اللوجستية والاقتصادية السياحية، قائمة دون نواقص، وهذا ما تم وضعه في مطار مسقط الدولي الجديد المنتظر افتتاحه خلال عدة اشهر.

إذن من المهم أن نستكمل كل ما يعزز هذا التوجه، وفي كل المجالات التي تستلزم توفير البنية التحتية الكاملة في كل مناطق بلادنا، دون تأخير، ومن الناحية الإستراتيجية واستغلال الفرص الجيدة ، كما حدثنا عنها معالي الدكتور وزير النقل والاتصالات آنفاً ، فموقع مطار صلالة يقع على الخطوط العالمية، وعمان بحمد الله تقع أغلب مناطقها على أهم المواقع الاستراتيجية،وهذا ليس اكتشافاً جديداً نقوله، وهذا معروف لوزارة النقل والاتصالات، بل هو الواقع والجغرافيا لهذا البلد العريق منذ قرون، لذلك من المهم أن يكون مطار صلالة بهذه الإمكانيات المكتملة من كافة جوانبه دون أي نقص، أو التأخير أو التأجيل لهذه المرافق، وليس في مصلحة حركة الاستثمار في السياحة، أو القطاع اللوجستي ، أو المشروعات الاقتصادية الأخرى، ثم أن هذا المطار كلّف ما يزيد على سبعمائة مليون ريال عماني حتى الآن، وما تبقى لهذين المرفقين، لن تكون تكلفته كبيرة، بل تعتبر لا شيء بالمقارنة بتكلفة المطارين بمسقط و صلالة.. ان في حديث معاليه نظرة مستقبلية رائعة للحركة الاقتصادية الكبيرة، المنتظرة واستكمال المرافق بكل القطاعات المهمة، هو من أهم هذه المعطيات لنجاح خططنا وبرامجنا الاقتصادية والسياحية في الحاضر والمستقبل .