صحافة

النكبة الفصل المُستمر في حياتنا.. لن نستسلم

19 مايو 2017
19 مايو 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب باسم برهوم، مقالاً بعنوان: النكبة الفصل المُستمر في حياتنا.. لن نستسلم، جاء فيه:

النكبة ليست فصلاً حَدثَ في حياتنا في وقت مضى وانتهى، لذلك سأبدأ الكتابة عن فصلها الأخير، وأقصُد هُنا التصويت الذي جرى في الكنيست الإسرائيلي قبل حوالي الأسبوع، بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون «القومية للشعب اليهودي»، أو بلغة أخرى يهودية الدولة. هذا القانون يُلخص جوهر الفكر والمشروع الصهيوني، الذي فُجع به الشعب الفلسطيني منذ مائة عام، وهو سبب نكبتنا المُستمرة التي لم تتوقف منذ عام النكبة 1948. أخطر ما في هذا القانون العُنصري بامتياز، أنه يعطي «للشعب اليهودي» وحده تقرير المصير على ارض فلسطين التاريخية، كما لم يرسم القانون حدود البقعة الجغرافية «الدولة» التي سيمارس اليهود حقهم بتقرير المصير عليها وتركها لمنطق التوسع كلما أمكن ذلك. هذا القانون يؤكد أننا لا نزال في المربع الأول في الصراع وكأن مائة عام من الصراع لم تُقنع قادة إسرائيل الصهاينة انه لا يمكن الاستمرار في تجاهل وإنكار وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. وفي طليعتها حقه في تقرير المصير على أرضه ووطنه التاريخي خصوصاً أن العالم أجمع يعترف اليوم بالشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. ليس صحيحاً ان الصهيونية لا تُدرك وجود الشعب الفلسطيني، فهذا الوجود ملموس، ولذلك فالصراع قائم ومستمر، إنما هي تُنكر الوجود القانوني والسياسي والحقوقي للشعب الفلسطيني، وترغب في الخلاص منه.

وهنا تكمن فكرة استمرارية النكبة. قبل تسعة وستين عاماً وبالتحديد بعد أن اصبح تقسيم فلسطين أمراً مفروغاً منه، واتخاذ القرار الدولي بإقامة إسرائيل، وضع بن جوريون الذي أسس دولة إسرائيل في نهاية أكتوبر 1947 مع هيئته الاستشارية. وبدأ بوضع خطة للتطهير العرقي، وهي الخطة التي تطورت واكتملت أركانها مع نهاية مارس عام 1948. في حينها قرر بن جوريون ومستشاروه أنه يجب السيطرة على 78% من فلسطين، وأن تسلبها من الشعب الفلسطيني وما تبقى من مشرق فلسطين الضفة ينضم لإمارة شرق الأردن آنذاك.

نفذ بن جوريون مخططاته بإذن من الدول الكبرى وتواطؤ إقليمي، وكانت النتيجة تدمير 530 قرية فلسطينية وتشريد أهلها، إضافة إلى تدمير العشرات من البلدات والمدن، وبالتالي تشريد نحو مليون فلسطيني من ممتلكاتهم ووطنهم.

النكبة لم تتوقف عند هذه الفاجعة الإنسانية، بل تم استكمالها بشطب وإلغاء فلسطين وشعبها عن خارطة الشرق الأوسط نهائياً من قرار التقسيم (181) الذي صدر في عام 1947، لم ينفذ الا من زاوية إقامة دولة إسرائيل ومنع الفلسطينيين من إقامة دولتهم على ما تبقى من فلسطين التاريخية.

قانون «القومية للشعب اليهودي» هذا استمرار لسياسة التطهير القومي العنصري من خلال إنكار الآخر وإنكار حقوقه المنصوص عليها في القانون الدولي. لذلك فنحن اليوم أمام الفصل الأبشع من الصراع، لأن قادة إسرائيل وهم من غلاة الصهاينة والتطرف يعيشون لحظة نشوة وجشع توسعي لا حدود له، بسبب حالة الانهيار والتمزق التي تعيشها الأمة العربية وحالة الانقسام المرير الذي يعيشها الشعب الفلسطيني، إضافة إلى انشغال العالم بمحاربة الإرهاب وإعادة تركيب النظام الدولي انطلاقاً من توازن قوى جديدة.