صحافة

القدس: ما الذي يقوله السجان رائد فارس عن الأسير مروان البرغوثي؟!

19 مايو 2017
19 مايو 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب عيسى قراقع مقالاً بعنوان: ما الذي يقوله السجان رائد فارس عن الأسير مروان البرغوثي؟!، جاء فيه:

يقف السجان رائد فارس المكلف بحراسة زنزانة القائد الأسير مروان البرغوثي في معتقل الجلمة مرتبكا نتيجة التعليمات الكثيرة التي وصلته من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان والذي يقود حربا ضد مروان البرغوثي والأسرى المضربين عن الطعام.

السجان رائد فارس كلف بإحداث ضجيج مزعج ومستمر حول زنزانة البرغوثي، لا نريده أن ينام، هذه هي التعليمات، أصوات ليل نهار تقتحم الزنزانة من الأعلى والأسفل، مما اضطر البرغوثي الى حشو أذنيه بالورق حتى يستطيع النوم قليلا ولكن بلا فائدة.

السجان فارس كلف أن يوضع البرغوثي في زنزانة ضيقة جدا لا يستطيع التحرك فيها، غامقة اللون، خشنة، هي تشبه القبو أو القبر المعتم، لا هواء ولا شمس، مليئة بالحشرات والصراصير والبق ولا يتوفر فيها سوى بطانية واحدة، ويمنع إدخال الكتب أو المصاحف إليها.

السجان فارس لا ينام أيضا، فهو مكلف بتفتيش البرغوثي مع قوة قمعية خاصة بشكل عار وبالقوة والتسبب على مدار الساعة بإهانته وهو مكبل اليدين والقدمين.

السجان فارس يمنع البرغوثي من تبديل ملابسه وأنه في حال نقله إلى العيادة يتم إخراجه مكبل اليدين والقدمين، وعليه ان يراقب هبوط وزن البرغوثي وذبول جسده وشحوب وجهه وتساقط ما تبقى من شعره وذلك لرفع تقارير عن فاعلية الإجراءات ضد البرغوثي إلى جلعاد آردان.

السجان فارس خائف جدا من إرسال تقارير تتضمن أنه بعد شهر من إضراب البرغوثي ما زال يبتسم، ويرسل سخريته اليه والى كافة السجانين، فالتعليمات تقتضي ان يكون البرغوثي حزينا وكئيبا ومدمرا نفسيا، ولكنه يرى رجلا مرحا مبتسما عيناه تقدحان بالضوء والأمل.

السجان فارس أصبح عصبي المزاج، فهدوء البرغوثي وعدم طلبه أي شيء، بل رفضه حتى الحديث مع احد يستفزه جدا، ويتساءل عن هذا الرجل الذي لا يستسلم ولا يضعف، يكبر ويعلو ويزداد قوة مع كل يوم من أيام الإضراب.

السجان فارس بدأت تنتابه الكوابيس عند سماعه نبضات قلب البرغوثي، وهي نبضات قوية كأنها تقرع باب الزنزانة المصفّح والمحكم الإغلاق، تقتحم عليه أجواء المقبرة، ويخال ان شبح البرغوثي اصبح خارج الزنزانة والجدار، يمشي بهدوء في باحة السجن.

السجان فارس وحسب التعليمات يقوم بإحضار الطعام وشواء اللحوم لكسر معنويات البرغوثي وإثارة شهواته، فيكتشف انه لا فائدة من ذلك، فالبرغوثي ينظر الى البعيد، كأن جوعه يسير على سحابة ماطرة تتدفق وتغسله بالإيمان واليقين، انه يطبخ جوعه على نار الصمود والكرامة.

السجان فارس يكتب لوزير الأمن الداخلي أن خدعة الفيلم الذي بث على القنوات الإسرائيلية لم تنطل على البرغوثي ولم تهزّ إضراب المعتقلين، وان الإشاعات التي بثها وأسمعها للبرغوثي لا تؤثر فيه شيئا، يقول: هذا الرجل لا يسمع سوى ما يقوله قلبه الداخلي، انه لا يرانا ولا يعترف بوجودنا ويسخر منا .

السجان فارس يتنصت على البرغوثي يسمعه يخاطب الشعب الفلسطيني قائلا: لا شيء يكسر إرادة الحرية التي تنبع من إرادة شعبنا العظيم، وأن معركة الحرية والكرامة هي جزء من الكفاح ضد الاحتلال ومن أجل إسقاط نظام الابرتهايد الظالم في فلسطين.

السجان فارس يسمع البرغوثي يردد من داخل زنزانته أغنية تقول:

آمنت بالشعب المضيع والمكبل..

وحملت رشاشي..

لتحمل بعدنا الأجيال منجل..

وجعلت جرحي والدماء..

للسهل والوديان جدول..

السجان فارس يختنق أمام زنزانة البرغوثي، ويكتشف أن وزير الأمن الداخلي غبي وساذج، فالبرغوثي لا يشكو، ولا يهتم لكل الإجراءات القميعة التي مورست بحقه وبحق المضربين، يملك سلاحا آخر لا يملكه الوزير اردان ، سلاح الإرادة والعزة والكبرياء والاستعداد للتضحية من أجل الكرامة والحرية.

السجان فارس يكتب ويكتب، وتمضي الأيام، البرغوثي ينتصب كنخلة باسقة، يداه المكبلتان تحطمان جدران الزنزانة وتلوحان في السماء، فهو أكثر حرية من السجان فارس ومن كل السجانين ، يكتب ذلك ويصاب فارس بحمّى السجين.

السجان فارس يطلب إطلاق سراحه ونقله من مهمته بحراسة زنزانة البرغوثي، ويطلب إخضاعه لعلاج نفسي، فهناك كوابيس تطارده مقتنعا أن كل من عمل سجانا قد أصبح مريضا وملاحقا من الضحايا وهم ينهضون من أوجاعهم مبتسمين واثقين كالبرغوثي.