1014083
1014083
إشراقات

القنوبي: المراكز الصيفية تلقّن الأبناء المعارف والآداب والقيم والفضائل

18 مايو 2017
18 مايو 2017

دعا إلى دعمها وتشجيع الأبناء على الالتحاق بها -

تربية الأبناء من أهم الواجبات.. وصلاح الأسرة صلاح للمجتمع بأسره -

متابعة - سالم بن حمدان الحسيني -

1014085

دعا فضيلة الشيخ عبدالله بن سعيد القنوبي إلى دعم المراكز الصيفية، وتشجيع طلاب العلم على الالتحاق بها، وتعويدهم على الانضباط إليها، وعلى ضرورة تكاتف الجميع من أجل إنجاحها والنهوض بها، حتى تحقق غايتها المرجوة، مشيرًا إلى أنها تصون أبناءنا وشبابنا من ضياع أوقاتهم، فضلًا عما يتلقونه فيها من معارف وعلوم، وحفظ للقرآن للكريم، ودراسة للأخلاق والآداب والقيم والفضائل واصفًا إياها بأنها شعلة من شعل الإيمان وراية من رايات التقوى ومنبر من منابر العلم.

وأشار إلى أن هذه المراكز مسؤولة عن اختيار المدرسين الأكفاء الذين يربون طلاب العلم على الفضيلة والأخلاق الحسنة، وعلى المعاني الرفيعة الحميدة، فهي أقيمت من أجل هذه الأهداف العلمية الخلقية النبيلة، وتعنى بكل ما تحتاجه وتتطلبه من مستلزمات، مشيرًا إلى أن العناية بالأسرة وتربيةِ الأبناء من أهم الواجبات على الآباء والمربين، فصلاح الأسرة هو صلاح للمجتمع كلِّه، وفسادها هو فسادٌ لها، والأبناء الصالحون هم عماد الأمة وقوامها، أما إذا فسد الأبناء فإن البلاء سيعم الجميع.. جاء ذلك في محاضرة له عن دور المراكز الصيفية وأهميتها.. نقرأ المزيد في المحاضرة التالية:

استهل فضيلته هذه المحاضرة قائلًا: إن الله عظم من شأن العلم والعلماء، ورفع ذكرهم، وجعلهم اتقى الخلق وأخشاهم له، يقول جل ذكره: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، ورفع درجات أولي العلم فوق كل الدرجات، يقول سبحانه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) .

كما بيّن النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم قيمة العلم وأهميته، فقد جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (تعلموا العلم فإن تعلمه قربة إلى الله عز وجل، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، والعلم زين لأهله في الدنيا والآخرة)، وكفى بهذا الثناء العاطر حضًا على طلب العلم طوال العمر ولو بلغ في طلبه إلى الصين، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أجل العلوم

وقال: إن من أجل العلوم تعلما كتاب الله الذي هو النور والشفاء، والرحمة واليقين، فبه تعرف الأحكام، والحلال والحرام، لذلك كان تعليمه من أشرف القربات، والمسارعة فيه من أعلى الدرجات. وقد جعل الله عز وجل تعليم الصغار مما يخفف غضب الله على عباده، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (تعليم الصغار يطفئ غضب الرب)، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بأن نبدأ أبناءنا بتعليم القرآن قبل كل علم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (علموا أولادكم القرآن فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو) وذلك لما فيه من غذاء أرواحهم، وصقل مواهبهم، وتطهير قلوبهم، حتى تكون قلوبا بيضاء عامرة بالإيمان، مشرقة باليقين، حافظة مرددة لكلام رب العالمين .

التربية الصالحة

وأشار إلى أن العناية بالأسرة وتربيةِ الأبناء من أهم الواجبات على الآباء والمربين، فصلاح الأسرة هو صلاح للمجتمع كلِّه، وفسادها هو فسادٌ لها، والأبناء الصالحون هم عماد الأمة وقوامها، أما إذا فسد الأبناء فإن البلاء سيعم الجميع، ولا أدل على ذلك مما نشاهده اليوم من بعض الأبناء –هداهم الله– فهم يأخذون أكثر مما يُعطون، ويُفسدون أكثر مما يصلحون، لماذا؟ لأن الآباء عنهم منشغلون، لا يهمه إن صلح ولدُه أم فسد، أولم يطرق مسامعَ هؤلاء الآباء قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالوالد راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته) وليست تربية الأبناء بتوفير الطعام والشراب، وإنما هو بتعليم القرآن والصدق والآداب، مع المتابعة المستمرة الدقيقة لما يأتي وما يذر. وأوضح القنوبي أن إصلاح الأهل والأولاد من واجبات المسلم، ربوهم على الصلاح والاستقامة، وعودوهم على الخير والفضيلة، وجنبوهم كل ما يضرهم من ضلال وانحلال، وتهتك وسفور، وان مما نعتبه على بعض المسلمين -هداهم الله- انهم يتساهلون في خروج أبنائهم وتسيبهم في الطرقات، يدورون في الليل والنهار بدون حسيب ولا رقيب، كما تساهل البعض في سفور النساء واختلاطهن بالرجال في الأسواق والمحلات، والحدائق والمتنزهات، بدون رادع من دين أو وازع من ضمير، فأين الغيرة أيها المسلمون! إن التساهل في أمثال هذه القضايا لما يؤدي إلى انتشار الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، فصونوا أعراضكم رحمكم الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

وأضاف: ومن هنا تأتي أهمية المراكز الصيفية، التي تصون أبناءنا وشبابنا من ضياع أوقاتهم، وفساد أخلاقهم، فضلًا عما يتلقونه فيها من معارف وعلوم، وحفظ للقرآن للكريم، ودراسة للأخلاق والآداب والقيم والفضائل، ولذلك كان واجبًا على الجميع أن يتكاتف من أجل إنجاح هذه المراكز والنهوض بها، حتى تحقق غايتها المرجوة بإذن الله، (وما تفعلوا من خير يعلمه الله).

وتساءل القنوبي قائلًا: مَن مِنَّا يبذل وقته وجهده من أجل إقامة هذه المراكز الصيفية؟ ومن منا يضحي بوقته ونفسه وماله من أجل تعليم هؤلاء الطلاب، من أجل رضوان الله سبحانه وتعالى؟ لقد أنشئت هذه المراكز من أجل خدمة طلاب العلم وخدمة الأمة الإسلامية، وخدمة هذه المجتمعات المسلمة، قصدًا إلى أن تكون هذه الأجيال أجيالًا تهيئ الأمة لقيادة المستقبل، ومن أجل أن توقظ هذه الأجيال في ضمير الأمة النائم إحساسه بالمسؤولية العظمى الملقاة على عاتق كل فرد من أفراد المسلمين.

اختيار المدرسين

وأشار إلى أن هذه المراكز أقيمت من أجل هذه الأهداف العلمية الخلقية النبيلة، وتعنى بكل ما تحتاجه وتتطلبه من مستلزمات، كما أنها مسؤولة عن اختيار المدرسين الأكفاء الذين يربون طلاب العلم على الفضيلة، وعلى الأخلاق الحسنة، وعلى المعاني الرفيعة الحميدة، وحث فضيلته أولياء الأمور والقادرين على دعم هذه المراكز بكل وسائله: الدعم المعنوي والمادي، وذلك بتشجيع طلاب العلم على الالتحاق بهذه المراكز الصيفية، وتعويدهم على الانضباط عليها، وتعويدهم على أن يلتحقوا بها من الصباح الباكر، وتعويدهم على كتاب الله سبحانه وتعالى، بحيث يشجع كل واحد منا ولده وابنته على الالتحاق بهذه المراكز، فإنها أنشئت ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى لا لقصد رياء ولا لقصد سمعة، وإنما هدفها الأول رضوان الله تبارك وتعالى، وهدفها الثاني تعليم هؤلاء الناشئة أحكام كتاب الله تعالى، وأهدافها الخلقية والتربوية لا تخفى على واحد منكم. وأما الدعم المادي فهو أن تمتد يد الكرماء لترعى هذه المراكز بكل ما تستطيعه يد الإنسان، واعلموا أن كل شيء ينفقه الإنسان في هذه المراكز الصيفية إنما يعود النفع في النهاية على أبنائنا وأولادنا، فسارعوا رحمكم الله سارعوا إلى إحياء هذه المراكز، فإنها شعلة من شعل الإيمان وراية من رايات التقوى ومنبر من منابر العلم، موضحا أن طلاب العلم حينما يروحون ويغدون إلى هذه المراكز تتلقاهم ملائكة الله تبارك وتعالى تحقيقا لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى لما يطلب» فطوبى لرجل قاد ولده لهذه المراكز الصيفية وطوبى لرجل مد يد السخاء ابتغاء رضوان الله تبارك تعالى: «وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون».. فالله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.