1011442
1011442
شرفات

جوجي وا تيونجو ... محارب اللغة

15 مايو 2017
15 مايو 2017

حوار : ناندا دايساو/ لوس أنجلوس رفيو أوف بوكس -

ترجمة : أحمد شافعي -

ـ ما الذي وجّهك إلى السيرة كقالب كتابي؟

ـ السيرة تساعدني أن أوضح مواقفي. أستعملها لأقول «هاي، أنا لا أزال على قيد الحياة، ولا زلت أومن باللغات الإفريقية، ونعم، عليَّ أن أناضل بكل وسيلة أدبية ممكنة». أحصل أحيانا على جوائز غير منتظرة. هناك قصة كتبتها بلغة الجيكووايو وترجمت إلى إحدى وستين لغة حتى الآن، منها أربعون لغة أفريقية عنوانها «الثورة المنتصبة: أو لماذا يسير البشر منتصبي القامات». ما يبهجني هو أن القائمين على هذا المشروع مجموعة من الشباب المناصرين لأفريقيا ومشروع جالادا للنشر. ويقودهم موسى كيلولو، هو رئيس التحرير.

ـ لك ثلاثة كتب سيرية هي «أحلام في زمن الحرب» و«في بيت المترجم» و«مولد ناسج الأحلام». هل تعتقد أنك سوف تكتب غيرها، لتتناول ما لم يتناوله ناسج الأحلام؟

ـ السير الثلاث تصل إلى عام 1964. أود لو أكتب المزيد، لكنني أريد أولا أن أكتب رواية أخرى. الرواية تأخذني إلى أماكن وعوالم ليس بوسع نوع آخر أن يأخذني إليها. المفارقة أن أثر المسرح كان أكبر على حياتي من الرواية، ومن ذلك أثره على حرفة القص. فقد كانت مسرحية في نهاية المطاف هي التي أودت بي إلى سجن كاميتي، وهناك أعدت النظر في مسألة اللغة برمتها، وبدأت روايتي الأولى بلغة الجيكووايو.

ـ تشتبك كتابتك مع القضايا الضخمة التي تعصف بالمجتمع، ومع قضايا شخوص أبطالك التي لا تقل حساسية. أيهما يكون ألح على ذهنك حينما تبدأ العمل على رواية؟

ـ يختلف الأمر من رواية لرواية، لكن الأمر غالبا ما يبدأ بصورة، أو فكرة غائمة. الكتابة الإبداعية شأن ارتياد المجهول. في كثير من الأحيان تفاجئني شخصيات بالظهور بل وبإثارة قضايا. لذلك تختلف الرواية التالية دائمًا عن السابقة. لكنها مسارد أدبية لمستكشف واحد، وبسجاياه المحددة. الزهرة التي أتوقف للنظر إليها قد تختلف عن الزهرة التي يفتتن بها مستكشف آخر.

ـ هل توجد ثيمة أو موضوع كنت تود الكتابة عنه لكنك لم تتناوله إلى الآن؟

ـ ليست ثيمة بالضبط، بل هي تحديات الرواية التالية. أتعرف، أفضل رواياتي هي التي عليَّ أن أكتبها.

ـ مثير! هل لديك أي مخطوطات غير منشورة في أدراج مكتبك؟

ـ نعم، كثيرة. لعلها سبع إجمالا، وكلها بلغة الجيكووايو، ومنها ثلاث ترجمات لموليير وجوجول.

ـ كتبت في «الشيطان على الصليب» ما يلي:

«حيواتنا ميدان تستعر فيه بلا توقف حرب قوى عازمة على تأكيد إنسانيتنا وقوى عازمة على تقطيع أوصالها، قوى تكافح كي تحمينا بسور تقيمه حولنا، وقوى تعمل على تقويضه، قوى ترسخه، وقوى تنال منه، قوى غايتها فتح أعيننا فترى النور وتنظر إلى الغد [...] وقوى تهددنا عسانا نغمضها».

يبدو هذا الكلام ملائمًا تمامًا اليوم للولايات المتحدة، التي تقيم فيها. في رأيك ما دور الفنان والباحث والمثقف في مناخنا السياسي الأمريكي الراهن؟

ـ أعتقد أن عثمان سيمباني، الكاتب والسينمائي السنغالي هو الذي تكلم عن الكاتب بوصفه صوت من لا صوت لهم. لا يزال هذا ينطبق على كل المجتمعات. يجب أن يحفز الفن على الحلم بعالم أكثر إنسانية.

ـ أعرف أن هذا سؤال عام، لكن ما الذي ترجو تحقيقه من كتابتك؟

ـ تعزيز مكانة اللغات الإفريقية، وكل لغات العالم المهمشة. لقد أصبحت محاربًا من أجل اللغة. وأحب ذلك، هو أمر محبط طبعًا، ولكنني أعتنق هذا الكفاح.

ـ بدأت تكتب بلغة الجيكووايو على سبيل المقاومة. في السنوات الأربعين الماضية أضأت هذه الشعلة فاتبعك في طريقك كتّاب أفارقة آخرون. هل تغيَّر الأفق الأدبي بدرجة كافية؟

ـ ليس كثيرًا من حيث الكتابة والنشر باللغات الأفريقية. ولكن المواقف تغيرت. حينما نشرت كتابي «تحرير العقل من الاستعمار» سنة 1986، قوبلت بالكثير من العداوة والاشمئزاز والسخرية والاستهزاء. لم أعد أرى هذا. لكن للأمانة كان هناك دائما كتَّاب أفارقة يكتبون باللغات الإفريقية. في مؤتمر أقيم في أسمرة بإريتريا سنة 2000، كان المشاركون كتَّابا يكتبون بلغات أفريقية، وكانوا مئات من شتى أركان القارة. وخرجوا بوثيقة ذاع أمرها الآن، هي أقرب إلى مانيفستو عن اللغات الأفريقية تحمل عنوان إعلان أسمرة The Asmara Declaration.

ـ هناك حوالي ستة ملايين ناطق بلغة الجيكووايو في كينيا، وكتبك بالجيكووايو تصادف من النجاح ما تصادفه كتبك بالإنجليزية. هل يعطيك هذا إحساسًا بأنك على حق؟

ـ كانت تلك مفاجأة سعيدة، حتى بالنسبة لي. لست متأكدًا من قدرة كتبي المؤلفة بالجيكووايو على تحقيق هذا المستوى من الاهتمام. المدرسة لا تدعم اللغات الأفريقية، وكذلك نظام التعليم كله. فمثلا، نصوصي باللغة الإنجليزية قد تدرس في المدارس والكليات، فهي لا تعتمد بالكلية على القارئ العام. أما كتب الجيكووايو فليست جزءًا من مناهج المدارس والكليات.

ـ هل تعتقد أن الكتَّاب ينبغي أن يكتبوا بلغاتهم الأصلية ثم يترجموا أعمالهم إلى الإنجليزية؟

ـ أولًا، لا ينبغي أن يشعر الكتّاب أنهم ملزمون بترجمة أعمالهم إلى الإنجليزية. أنا أفعل ذلك لأنني في جدال مع من يقولون إن الكتابة باللغة الأفريقية تنكر على الأفارقة الآخرين والشعوب الأخرى الاطلاع على أعمالهم. ولا بد من ملاحظة أن هذا لا يقال مطلقًا عمن يكتبون باللغات الأوروبية، وتترجم أعمالهم على نطاق أوسع. المشكلة للأسف هي أن من يكتبون باللغات الأفريقية يبقون في الخفاء، ونادرًا ما يكتب عن أعمالهم أو تتم ترجمتها. منافذ النشر محدودة. وبرغم العراقيل، هناك بالطبع أعمال باللغة الكيسواحيلية Kiswahili على سبيل المثال. والكيسواحيلية لغة أفريقية في شرق أفريقيا ووسطها. ولها تراث أدبي عظيم أثمر ولا يزال يثمر كتابة عظيمة لكتاب مثل شعبان روبرت وعبداللطيف عبدالله.

ـ قلت إن الترجمة طريقة للإسهام في التواصل العابر للثقافات. لذلك تترجم كتبك إلى الإنجليزية بنفسك. ولكن البعض يقولون إن في ذلك نفيًا لما تريد إثباته بكتابتك بالجيكووايو.

ـ أصف الترجمة بأنها اللغة المشتركة بين اللغات. لذلك لست ضد الإنجليزية أو أي لغة. ما أعارضه تماما هو علاقة القوة القائمة بينهما على غير المساواة. الإنجليزية كلغة لا تزيد عن أي لغة أخرى. وهذا ينطبق على جميع اللغات، كبيرها وصغيرها. وأنا كنت ولا أزال مع إتاحة أعمال لغة في لغات أخرى. وأود لو أرى الآداب الأوروبية والآسيوية والأمريكية اللاتينية مترجمة إلى اللغات الأفريقية والعكس. بعض أعمالي ترجمت إلى الإنجليزية بقلم وانجو واجورو. وبعضها ترجمه آخرون إلى الألمانية والسويدية واليابانية.

ـ في «تحرير العقل من الاستعمار» قلت: إن «اللغة وسيلة إخضاع روحي»، وكتبت أيضا أن «الاستعمار يطبِّع غير الطبيعي» مشيرًا إلى أن لغة المستعمِر تصبح لغة النتاج الثقافي في الأرض المستعمَرة. ووصفت الترجمة بالفعل السياسي. هل يمكن أن توضح ذلك؟

ـ العملية المعرفية الطبيعية تبدأ من حيث يكون المرء، من حيث ما يعرفه أصلًا، ثم يضيف إلى تلك المعرفة. والأمر في حالة اللغات بسيط. امتلك لغتك، ثم أضف لغات أخرى: وهذا هو التمكين.

ـ قلت مرارًا: إن «الإنجليزية ليست لغة إفريقية» وأعربت عن إحباطك من حقيقة أن أغلب جوائز الأدب تمنح لمن يكتبون من الكتاب الأفارقة باللغة الإنجليزية.

ـ لو كتب بعض البريطانيين باليابانية هل يجعل ذلك من اليابانية لغة إنجلترا؟ أنا ببساطة مستفز مما يرقى إلى سرقة هوية أدبية، حيث يتخذ الأدب الذي يكتبه الأفارقة بلغات أوروبية هوية إفريقية. فبأي اسم إذن نسمي الكتابة الأفريقية المكتوبة باللغات الإفريقية؟

ـ في حين أن كتابًا كثيرين قد يكتبون بلغاتهم الأصلية ثم يترجمون أعمالهم إلى الإنجليزية، هناك نقص في الترجمة من الإنجليزية إلى اللغات الأفريقية. وأنت قلت إن «ما يترجم من الإنجليزية وإلى الإنجليزية ـ نوعا وكما ـ هو مسألة قوة». ما الذي تراه مرجحا أن يقوم بذلك العمل الضروري؟

ـ أعتقد أنه نفس ثالوث الدولة والناشر والمترجم، ذلك ما قد يضمن نقل المعرفة الهائل من اللغات الأخرى إلى اللغات الأفريقية. لدينا الآن جائزة ماباتاي كورنيل كيسواحيلي للأدب الأفريقي. كان ابني موكوما واجوجي من مؤسسي تلك الجائزة، وفي غضون ثلاث سنوات من نشأتها، أثمرت قدرًا جيدًا من القص والشعر باللغة الكيسواحيلية.

ـ أنت من أنصار التحول الراديكالي في المجتمع الإفريقي ما بعد الاستعماري. هل ترى التغير الذي كنت ترجو رؤيته أم أنك محبط من الواقع الذي ترى عليه القارة الآن؟

ـ أنا فخور بما حققته إفريقيا والأفارقة برغم سنوات الاستعباد الفعلي، والاستعباد الاستعماري، واستعباد الديون اليوم. إفريقيا تنهض برغم ساق وذراع مقيدين بالغرب. وللأسف أفريقيا لا تزال مدفوعة بنفس منطق التنمية الرأسمالي القائل بأن رفاهية القلة مقياس للتقدم. لا زلنا بحاجة إلى تحول في المجتمع، ولكن الخطوة الأولى يجب أن تكون كفاحا من أجل أفريقيا لتأمين موارد القارة. إفريقيا هي الهبة التي لم تتوقف عن العطاء للغرب. وآن أن تؤمِّن أفريقيا مواردها، وتستغلها، وتقيم علاقة هات وخذ متوازنة مع بقية العالم. وقد حاولت أن أقيم هذه الحجة في كتابي «تأمين القاعدة: إظهار أفريقيا في عين العالم» (2016).

ـ أنت مؤمن بتحمل الدول مسؤولية ما فعلته، وما فعله قادتها. وتكلمت عن المسؤولية البريطانية تجاه الدول التي استعمرتها ولما تسببت فيه لسكانها من عذاب وألم أثناء الاحتلال. هل تعتقد أن يومًا سيأتي، وإن تأخر، فيقدَّم نوع من العزاء مهما يكن غير كاف؟

ـ الغرب مستمر في رفض تحمل مسؤولية جرائمه ضد الشعوب المستعمرة. حتى اليوم ترفض الولايات المتحدة الاعتذار عن استعباد الملايين. في «تأمين القاعدة»، أوضح أن ثلاثا من الدول المالكة لأكداس من أسلحة الدمار الشامل -هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا- كانت أيضا رائدة في تجارة العبيد وامتلاك العبيد. والرابعة، أي روسيا، كان لديها عبيدها الداخليون، أعني «الأرواح الضائعة» عند جوجول.

ـ أنت من عائلة حكائين نشأت على تراث كينيا الشفاهي الغني. في الوقت نفسه لم يكن مسموحًا لك أن تتكلم بالجيكووايو، وهي لغتك الأم، وفقا للنظام الاستعماري في المدارس ووصولًا إلى سنوات دراستك في الجامعة، وأرغمت على قراءة الأدب الأوروبي والأمريكي على حساب الأعمال الكينية والأفريقية الأخرى. في سيرك، تكلمت عن ازدواجية تلك التجربة: «لا محالة من ندوب يتركها الميلاد والتعلم في مستعمرة». ومع ذلك أتساءل إن كنت تشعر أن تطورك ككاتب وناقد كان ليصبح كما هو الآن لو لم يكن عليك أن تناضل من أجل الاعتراف بلغتك وتاريخك وثقافتك.

ـ كل كاتب يتشكل بظروف نشأته، ومجمل تجاربه في الحياة، ونضاله. الشفاهي قادني إلى الأدبي. ومثلما أقول في «أحلام زمن الحرب»، كان يحكى لنا، ونحن أطفال أن القصص تختبئ بالنهار ولا ترجع للظهور إلا في المساء بعد إنجاز كل المهام. لعلها كانت خدعة من أهلنا لحملنا على القيام بمهامنا، فيكافئوننا بالخيال في المساء، ولكني صدقت ذلك حرفيا. ومع ذلك، بقيت أشتاق للقصص في النهار، وتعلم القراءة ساعدني أن أحكي القصص لنفسي في أي وقت من اليوم. لحسن الحظ، في تلك الأيام، كنا ندرس السنوات الأربعة الأولى من المدرسة بلغة الجيكووايو، فكان من أوائل الكتب التي قرأتها ترجمة للعهد القديم، وباستثناء الإنجيل، لم يكن متاحا من الكتب بلغة الجيكووايو إلا الكتب المدرسية. فكانت الإنجليزية هي الباب الذي دلفت منه لاحقًا إلى عالم الكتب الشاسع.

ولأوضح هنا أنني استمتعت بقراءة الكتّاب الإنجليز: شكسبير وجين أوستن وجورج إليوت وديكنز وجوزيف كونراد ودي إتش لورنس وإي إم فورستر وغيرهم. واستمتعت بالأدب الروسي الذي قرأته في ترجماته الإنجليزية: دوستويفسكي وتشيخوف وتورجينيف وتولستوي وجوركي وشولوخوف. ومن الكتاب الفرنسين كان بلزاك رائعًا. وسأكتشف في وقت لاحق الأدب الكاريبي: جورج لامينج وفي إس نايبول وروجر مايس وكامو براثويت وطبعا الكتاب الأمريكيين الإفريقيين: لانجستن هيوز وكلود مكاي وريتشارد رايت وجيمس بولدوين وأميري بركة وسونيا سانشيز. والكتاب الأفارقة الذين كتبوا مباشرة بالإنجليزية، أو قرأتهم مترجمين إليها، كانوا اكتشافا آخر: بيتر أبراهامز، إسكيا مفاهليلي، أليكس لاجوما، وغيرهم.

ولكن هؤلاء وصلوا إليَّ من خلال الإنجليزية. ما كان غائبا عن المشهد الأدبي هو الأدب المكتوب باللغات الأفريقية، بل وبلغتي نفسها. كان هناك نزر قليل مكتوب بالكسواحيلية، ولكن الكم الأكبر كان مكتوبًا بالإنجليزية. ولما بدأت أنا أكتب، كان بديهيا بالنسبة لي مثلما للكتاب من جيلي، أن الإنجليزية هي اللغة الطبيعية للتعبير الأدبي لدينا. وسأتشكك لاحقا في هذه الفرضية وفي الخلل التام في توازن القوى بين اللغات الأفريقية والأوروبية. بت أتشكك في التعليم الاستعماري الذي جعل اللغات الإفريقية خفية في مواجهة الإنجليزية واللغات الأوروبية. وهذا الكفاح الخاص باللغة ساقني إلى السجن والنفي، ولكنني فخور بحقيقة أنه قادني إلى الاجتراء على الكتابة بالجيكووايو.

ـ كثير من الأفارقة مروا بمثل التجربة التي مررت بها: حرمت عليهم لغاتهم الأصلية، وغرس لسان المستعمر في أفواههم بقوة التعليم. أنت من أنصار تعليمهم لغة أفريقية تكون لغتهم الثانية. هل شهدت تقدما في هذا الصدد؟

ـ الحق في اللغة أحد حقوق الإنسان، وليس ترفا. لكل شعب الحق في لغته، وفي الإنتاج الفكري بهذه اللغة. ولكنها ميزة عظيمة أن يجيد الفرد أكثر من لغته الأم. آيميه سيزار من المارتينيك في كتابه خطاب في الاستعمار (1950) وصف التواصل الثقافي بأكسجين الحضارة. ولكنه ليس الاتصال الثقافي بين الراكب والجواد. وأعتقد أن مثل هذا ينطبق على اللغة: بوسع الاتصال اللغوي أن يثمر أكسجينا لإنسانيتنا المشتركة، ولكن هذا فقط في حالة أن تكون العلاقات بين اللغات قائمة على الأخذ والعطاء لا على هيراركية القوة. صحيح أن حكومات ما بعد الاستعمار استمرت في سياسات تهميش اللغات الإفريقية وإعلاء اللغات الأوروبية. العملية المعرفية الطبيعية هي أن تضيف إلى ما تعرفه أصلا، لا أن تقتلع شخصا مما يعرفه وتعيد غرسه في مجموعة أخرى من الوسائل اللغوية بهدف تحقيق المعرفة. لو أنك تعرف كل لغات العالم ولا تعرف لغتك الأم أو لغة ثقافتك، فهذه عبودية. لكن لو أنك تعرف لغتك الأم أو لغة ثقافتك وتضيف إليها كل لغات العالم، فهذه قوة. أحادية اللغة هي ثاني أكسيد كربون الثقافة. بالطبع هناك مجتمعات سلبت حقها في اللغة بقوة القانون والعنف ـ كما في حالة الأفارقة المستعبدين. لكنها أبدعت لغات جديدة. وهذه اللغات لغات قائمة بذاتها، وهي شأن اللغات الأفريقية ليست درجات دنيا على سلم الصعود إلى جنة الإنجليزية.

عن لوس أنجلوس رفيو أوف بوكس