1007075
1007075
إشراقات

فتاوى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

11 مايو 2017
11 مايو 2017

ما مدى تأثير الزكاة في المجتمع المسلم؟

الزكاة تثمر في نفس المزكي الرحمة والعطف على الفقراء والمساكين، وتطهر قلبه من آثار الشح، وذلك هو المعنى من قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}، فهي تطهر النفس من آثار الشح وتزكيها - أي تنمي ما فيها من أخلاق فاضلة - فهي داعية الرحمة والعطف، وتقضي حاجة المساكين، وتجعل قلوبهم تميل نحو إخوانهم الأغنياء، وتستل ما في القلوب من السخائم والأحقاد تجاه الطبقة التي منَّ الله عليها بالمال. والله أعلم.

متى شرعت الزكاة؟

مشروعية الزكاة إجمالاً في العهد المكي ـ على الصحيح - بدليل الآيات المكية التي نصت على ذلك، كقوله تعالى في سورة المزمل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}، فهي من أول السور القرآنية نزولا، وما قيل من أن هذه الآية مدنية ليس بصحيح، لأنها لو كانت مدنية لما كان هذا الجزء وحده مدني، ولكانت كلها مدنية، مع أن الجزء الأول منها هو ناسخ لما كان مفروضا من قبل في صدر السورة من قيام معظم الليل، وهذا مما كان في العهد المكي فذلك دليل واضح على مكية هذا الآية الكريمة.

ومن أدلة ذلك قوله تعالى في سورة المعارج: «وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» وما نزل في سورة النساء من قوله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ». وقوله تعالى من سورة فصلت وهي مكية: «وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ» وما نزل في سورة النساء من قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ». فإن هذه الآية وإن كانت مدنية تحكي حالة كانت في العهد المكي، فإن المؤمنين قيل لهم: كفوا أيديكم في العهد المكي، وعندئذ قيل لهم: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وقد فرض عليهم بعد ما انتقلوا إلى المدينة المنورة الجهاد ولم يؤمروا عندئذ بكف أيديهم، وهذا يعني أن الزكاة كانت مفروضة، ولكنها موكولة إلى ضمائر الأغنياء أنفسهم، ويؤدي كل واحد منهم من ماله بمقدار ما يسد به حاجة الفقراء بقدر استطاعته، وعندما استقرت الأوضاع في المدينة المنورة أنزل الله تعالى تفاصيل أحكام الزكاة، واستمرت على ما هي عليه، أما فرضها إجمالاًَ ففي مكة المكرمة. والله أعلم.

ما هي النية التي ينبغي أن يستحضرها كل من المزكي والآخذ للزكاة؟

إن معطي الزكاة ينوي بزكاته العبادة، طاعة لله تعالى الذي منّ عليه بما أعطاه من المال، وفرض عليه هذا الجزء من المال يخرجه، وينوي المزكي تزكية نفسه وتطهيرها من آثار الشح، وينوي الرحمة بالفقراء والمساكين، وأما الآخذ فيأخذها ليسد بها حاجته، ويعف بها نفسه، حتى لا يأخذ شيئا من أموال الناس. والله أعلم