993481
993481
إشراقات

دعا الأمة إلى التوبة والرجوع إلى الله - الخليلي: مكانة المسجد الأقصى عظيمة في الإسلام ويجب المحافظة عليه

27 أبريل 2017
27 أبريل 2017

أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في إحدى خطبه أن في اختيار الله سبحانه وتعالى المسجد الحرام والمسجد الأقصى ليكون أولهما بداية لمسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثانيهما نهاية لهذا الإسراء الذي شرف به الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام دليلًا واضحًا على ما لهذين المسجدين من مكانة عظمى عند الله سبحانه.

وقال: وقد شرف الله سبحانه عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- إذ بوأه في المسجد الأقصى إمامة النبيين، وذلك دليل على أن رسالته عليه أفضل الصلاة والسلام مهيمنة على رسالاتهم جميعًا، ثم بجانب ذلك كان استقبال هذه الأمة للمسجد الأقصى دليلًا وعنوانًا لما لهذا المسجد من مكانة عظيمة في الإسلام، ووجوب محافظة الأمة عليه وعلى حرماته حتى لا تنتهك أية حرمة من حرماته.

يثير شجونا

وأضاف سماحته: إن هذه الأيام أيام تمر بالأمة فيها ذكرى من أعز ذكرياتها، وهي ذكرى الإسراء الذي كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله؛ ليريه من آياته الكبرى؛ وليبوئه الدرجات العلى.

ولا ريب أن مرور هذه الذكرى بهذه الأمة يثير في نفوسها شجونًا وشجونًا؛ خصوصًا في هذه الأيام والمسجد الأقصى يئنّ تحت وطأة الظلم والاضطهاد، والمسلمون يلقون ما يلقون من مآسيَ عظام، ومن مؤامرات وتحديات، وهذا أمر يستوقف كل ذي لب، فأولا قبل كل شيء يدعو إلى استنفار المسلمين جميعا من أجل التوبة النصوح والصلة بالله تبارك وتعالى؛ فإن الصلة بالله تعالى هي التي تهون كل صعب، وهي التي تيسر كل عسير، وهي التي تقود الأمة إلى الخير كله؛ فإن الفاروق رضي الله عنه عندما جند الأجناد وصاهم بتقوى الله سبحانه وتعالى، وحذرهم من معصيته، وقال لهم: واعلموا أن ذنوب الجند أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، فإن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننتصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا.

لا بد من اجتماع الشمل

وبيّن سماحة المفتي العام للسلطنة أن السلف الصالح إنما انتصروا على أعدائهم بما كان لهم من صلة بالله سبحانه وتعالى، كانوا يتبتلون بين يديه آناء الليل وآناء النهار، يحاسبون أنفسهم على ما قدموا وعلى ما أخروا، وكانوا أحذر من الذنوب منهم من أعدائهم، ثم بجانب ذلك لابد من اجتماع الشمل وتوحد الصف، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الفرقة عذابا والوحدة رحمة وقوة، يقول الله سبحانه وتعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ»، وقد جعل الله تعالى هذه الأمة أمة وحدة فيما بينها كما أنها أمة توحيد لربها الذي تعبده، فهو القائل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»، وعليها بجانب ذلك أن تتواصى بالحق وأن تتواصى بالصبر؛ أي عليها أن تتآمر بالمعروف وأن تتناهى عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما صماما الأمان لهذه الأمة، وبدونها لا تقوم لها قائمة، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ».

وعليها بعد ذلك أن تحرص على الجهاد بالنفس والجهاد بالمال قدر مستطاعها، ومن جهز غازيا كان كمن غزا كما جاء ذلك في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى حض على إنفاق المال في سبيله، يقول الله سبحانه وتعالى: «مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»، ويحض عباده على الإنفاق من قبل لات حين مناص حينما يأتي الإنسان ولا شفيع يشفع له، ولا مال يتجر به، ولا خلا يأزر إليه، فالله سبحانه وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، وكذلك يحذر الله سبحانه وتعالى من تأخير الإنفاق إلى ساعة الموت عندما يغص الإنسان بالموت، ثم يتمنى أن لو يفسح له في عمره ولو شيئا قليلًا يسيرًا حتى يتمكن من الإنفاق، فالله تبارك وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ *وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»، وقد بين الله تعالى مضاعفته لأجور الذين ينفقون المال في سبيله عندما قال: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، فمن الذي يزهد في هذا الخير العظيم؟! ومن الذي لا يرغب في أن يجد بين يديه يوم القيامة رصيدا قد قدمه وهو في هذه الحياة الدنيا، يسعد به ذلك اليوم يوم لا يجد مالا ولا بنين، ولا يسعد الإنسان إلا بما قدم من عمل صالح يقربه إلى الله تبارك وتعالى زلفى؟!

وجوب المحافظة على الأقصى

وأوضح سماحته: إن في اختيار الله سبحانه وتعالى المسجد الحرام والمسجد الأقصى ليكون أولهما بداية لمسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثانيهما نهاية لهذا الإسراء الذي شرف به الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لدليلًا واضحًا على ما لهذين المسجدين من مكانة عظمى عند الله سبحانه، وقد شرف الله سبحانه عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم إذ بوأه في المسجد الأقصى إمامة النبيين، وذلك دليل على أن رسالته عليه أفضل الصلاة والسلام مهيمنة على رسالاتهم جميعا، ثم بجانب ذلك كان استقبال هذه الأمة للمسجد الأقصى دليلا وعنوانا لما لهذا المسجد من مكانة عظيمة في الإسلام، ووجوب محافظة الأمة عليه وعلى حرماته حتى لا تنتهك أية حرمة من حرماته، فكما أن المسجد الحرام أمانة في يد هذه الأمة، كذلك المسجد الأقصى هو أمانة في يدها، عليها أن لا تفرط فيها، ومع هذا دل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما للمسجد الأقصى من مكانة متميزة بين المساجد؛ إذ ضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجدين العظيمين المسجد الحرام ومسجده عليه أفضل الصلاة والسلام؛ عندما قال صلى الله عليه وسلم : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»، فهذه المزية تدل على ما للمسجد الأقصى من مكانة كبيرة في الإسلام وفي نفوس هذه الأمة، فمن هنا كانت المحافظة عليه من ضروريات الدين، ومن مقتضيات العقيدة الإسلامية الحقة، وكان الجهاد من أجله أمرا محتما على هذه الأمة، فلذلك يجب على المسلمين جميعا قبل كل شيء أن يتآزروا فيما بينهم بعد توبتهم إلى الله سبحانه من كل مظلمة ومن كل سيئة قارفوها، وعليهم أن يتعاونوا كل بقدر استطاعته، فإن الله سبحانه وتعالى فتح باب الجهاد لعباده، وجعله أمرا قائما إلى قيام الساعة، الجهاد بالنفس والجهاد بالمال، فالله تعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ».