991469
991469
مرايا

أول عمانية تمثل السلطنة في المجلس الاستشاري لجيل الفضاء

26 أبريل 2017
26 أبريل 2017

زينب الصالحية: علينا أن نسير على  خطى أجدادنا الأوائل لنستطيع تحقيق النجاح -

أجرت الحوار- مروة حسن -

زينب الصالحية فتاة شابة في مقتبل العمر، عندما تراها وتتحدث إليها تبهرك بكم الحماس والعلم والرغبة في تحقيق شيء كبير لوطنها الحبيب بشكل خاص وللعالم العربي والإسلامي بشكل عام. استطاعت بنجاح أن تمثل عمان في محافل علمية عالمية، وأن تكون أول عمانية تمثل مقعد السلطنة في المجلس الاستشاري لجيل الفضاء التابع للأمم المتحدة، كما حصلت مؤخرا على منحة من قبل الوكالة الإيطالية للفيزياء النووية كأول شخصية خليجية تحصل على هذه المنحة.

في جعبتها الكثير من الأحلام والأمنيات التي تسير نحو تحقيقها فعليا، وقد سعدت بلقائها والتحدث إليها لأنقل لكم جزءا بسيطا مما يحتويه عقل وفكر تلك الفتاة المبدعة وذلك من خلال هذا اللقاء...

- متى وكيف بدأ بداخلك هذا الشغف بالفضاء؟

عندما يشعر الإنسان بلذة كونية علمية تفوق لذة الجسد، تستطيع أن تقول أنه ميل فطري لا منتهى له، أو ذاك الشغف الذي يحملك على تجاوز مطالب الجسد والروح إلى ذلك العالم. وانتابني ذلك الشعور بالضبط عندما بدأت في التفكير في الصحوة الفكرية التي كانت تتمتع بها الحضارة الإسلامية، فقلت في نفسي لم لا نعود إليها من جديد وندرك ما بقي منها لنستنير، ولنتسلح في زمن الفتنة، حيث أن ردع الفتن لا يحصل إلا بالعلم والثقافة.

الحقيقة أنني لم أحلم بالفضاء عندها أبدا، أصلا لم أتخيل في بادئ الأمر أنني سأسترسل في هذا العالم يوما ما، رغم أنني كنت مولعه بالصخور والجيولوجيا، كنت مأخوذه بحب “ الفسحة في البرية “، كنت دوما أقوم بملاحظة تفاصيل الأرض، وما زلت أتذكر أنني شاركت في جماعة البيئة المدرسية لمدة 6 سنوات متتالية. هذا المجال هو الذي ساقني لعلم الفضاء، كنت على يقين أن هناك شيئا أكثر روعة، كنت دائما ابحث عن الأكثر إثارة على الإطلاق.

في الحقيقة لم أكن أحصل على علامات كاملة في الدراسة، بسبب ميولي وانشغالي إلى تلك الوجهة، وحين أتيت إلى مسقط للدراسة الجامعية، انخرطت في قسم الهندسة المدنية التي تجمع بين التقنية الرياضية وعلوم الارض وعلم المواد والتصميم، ووجدت في مسقط ميدانا واسعا للتجريب العلمي الطريف، وتوافر المصادر والمكتبات، وتجمع المؤسسات، وساحة بكرا لفهم وإعمال الرياضيات والفيزياء والجيولوجيا والفلك عليها. وأصبحت من متقني مقابلة المعلمين، والسباقين في تلك المجالات، ومحاولة المضي قدما، عندها أتاني ذلك الشعور نفسه الذي يشعر به أي طالب يرى بصيص الأمل، بعد الكثير من المحاولات والفشل الذريع.

وتابعت موضحة: الصراحة كنت محظوظة في بداية سنواتي الدراسية بالتعلم على أيادي الفلكيين والمهندسين وأكاديميي الفيزياء والرياضيات، هناك أشخاص كان لهم الدور الكبير في تشكيل شخصيتي، تعلمت منهم اللانهائية في علم الكون، وأن البحث عن التقنية الكونية ودينامية بنية الفضاء والأرض، هو عملنا الأهم، وأن البحث العلمي لا يمكن إتقانه إلا بالتدريب على يد المعلم، واستشارته بين الحين والآخر، لأن النقاش بحد ذاته يعطيك الإلهام والأفكار المبدعة، كما أن الاحتكاك بحد ذاته بالأشخاص الإيجابيين الطموحين من أصحاب العلم بالذات، ينقل لك الطاقة في عملية أشبه بالعدوى.

وأصبحت متعتي تشريح النظريات والمواد والمواضيع العلمية، والظواهر وابتكار الحلول، غير أنني وبسبب عدم انسجامي الكلي مع نظام التعليم التقليدي، فطبيعة شخصيتي تتفاعل بقوة ضمن “نظام التلقين“ و“التعلم الذاتي“. عندها بدأت أنساب تماما بشكل أعمق في هذا النشاط، وباستمرار وجدت أكاديميين متمرسين، مرشدين ذواقين، وأناسا من الشغوفين بالإبداع، شديدي الذكاء، خفيفي الروح، سريعي النكتة يداعبهم العلم هنا وهناك، ويلقون الكثير من المحاضرات حتى خارج الحدود.

النشاط الذي كنت أمضيه بدأ أمرا خاطفا، كان مليئا بأحداث جسام، ثم فجأة بدأت اتصالاتي الدولية، رحت أتعاطى المراسلات مع كبار العلماء، سواء في عالمنا العربي أو خارجه. وهنا بدأت العمل مع بعض الشخصيات الكبيرة، بالإضافة إلى جامعات ووكالات فضاء، حتى تم ترشيحي في المجلس الاستشاري لجيل الفضاء الداعم لبرنامج الأمم المتحدة لتطبيقات الفضاء السلمية كممثلة للسلطنة، بعد أن قام المجلس بالاتصال بي بعد تحكيم نشاطي في مجال علوم الفضاء، وكان هذا هو التمثيل الأول للسلطنة.

أستطيع الجزم الآن أن لحسن الحظ أنني ولدت في عمان لا في سواها، فقد أتاح لي جو الحرية أن أسير في اهتمامي إلى المدى الأخير، وأنني أسعد حظا في ظروفي بكثير من العلماء، كما أن صيت السلطنة وجلالة السلطان قابوس المعظم- حفظه الله- في الجانب السلمي، والروح الودية البريئة التي يتمتع بها العمانيون، جعلني دائما أُستقبل بكل الود والحفاوة والاحترام العميق لدى الشعوب الأخرى.

علم الفضاء

- هناك من يعتقد أن الفضاء هو فقط يتعلق برواد الفضاء والصعود على القمر واستكشاف المريخ، فكيف تصححين هذه المعلومة؟

في حين أن أول المهن التي تتبادر إلى الذهن عندما يفكر معظم الناس في مهن علوم الفضاء هي رواد الفضاء، هناك الكثير من الأجزاء في هذا المجال، حيث لا يشكل رواد الفضاء سوى عدد قليل جدا من جميع العاملين في مجال الفضاء.

المهندسون هم من يجعلون السفر لاستكشاف الفضاء أمرا ممكنا، بالإضافة إلى تصميم المركبات الفضائية والمحطات، هناك جزء من الأعمال الفضائية تقوم بإنشاء السوائل الفضائية التي تساعدنا على فهم أفضل لظروف الطقس والمناخات التي تؤثر على حياتنا اليومية، هناك هندسة طيران وإلكترونيات طيران، وهندسة أجهزة وحاسوب ومواد وميكانيكا وروبوتات، وهندسة المركبات الفضائية والاتصالات السلكية واللاسلكية. أو مواصلة البحث والتطوير الوظيفي في علوم الفضاء على سبيل المثال هناك العديد من الباحثين في مجال الصيدلة يبحثون عن طرق لتطوير أدوية جديدة من المواد المكتشفة خلال رحلات استكشاف الفضاء.

هناك أيضا مجموعة واسعة من المجالات التي تندرج تحت مسمى قطاع الفضاء، كتصميم تكنولوجيا علوم الفضاء، أو التخصص فيما يكشف في الفضاء الخارجي، ويلعب التقنيون والفنيون دورا مهما في ميدان علوم الفضاء، حيث يعمل هؤلاء الأفراد عن قرب مع المهندسين والعلماء لبناء واختبار مثالية أنواع مختلفة من تكنولوجيا الفضاء والابتكارات في الكهرباء والليزر وضمان الجودة والرادار والأقمار الاصطناعية والتخصص في توفير السلع والخدمات وصناعة الطيران.

هناك أيضا مجالات تشمل جميع التخصصات العلمية المعنية باستكشاف الفضاء ودراسة الظواهر التي تحدث في الفضاء الخارجي مثل الطب الفضائي وعلم الأرصاد الفلكي، حيث تقوم المراصد على الأرض وكذلك المراصد الفضائية بإجراء قياسات للكيانات والظواهر السماوية، ودراسة حركة الأجرام السماوية، والنمذجة الرياضية للكيانات السماوية والظواهر.

ودراسة فيزياء الكون للأجسام خارج الأرض والمسافات البينية، وفيزياء بلازما الفضاء والميكانيكا المدارية والتي لديها أيضا تطبيقات على المركبات الفضائية، ودراسة النجوم والشمس والكواكب وخاصة تلك القريبة من الأرض، ودراسة مجرة درب التبانة والكون الأكبر وما وراء درب التبانة، ودراسة الكون ككل، والطيران والملاحة الفضائية والأحياء الفلكية والكيمياء الفلكية والكيمياء الكونية والفلك الشرعي، وعلم آثار الفضاء، ومكافحة الكويكبات، والاستشعار عن بعد، والسياحة الفضائية، وصناعة الفضاء، والفضاء التجارية والطاقة الشمسية المستندة إلى الفضاء.

المجلس الاستشاري

- كثير من الناس لا يعرفون ما هو المجلس الاستشاري لجيل الفضاء، هل لك أن تعطينا نبذة عنه وعن أعماله؟

الكونجرس منظمة غير حكومية في منزلة مراقبة لجنة الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي التابع للأمم المتحدة والتي تكرس إلى توليد صوت شباب اليوم في قضايا الفضاء المستقبلية، ففي عام 1999 تم تأسيس المجلس الاستشاري لجيل الفضاء بعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للفضاء الثالث في اعتراف بالمساهمة الثمينة للشباب من ناحية الاهتمام بقضايا الفضاء العالمية.

كل دولة يتعين عليها تعيين نقطة اتصال لتعمل على تنسيق أنشطة المجلس الاستشاري في بلدانهم ودوري أن أكون قناة اتصال بين طلبة السلطنة والشبكات الفضائية المهنية للشباب وللمجلس الاستشاري مع الحفاظ على تواصل منتظم مع المنسق الإقليمي الخاص بنا، بالإضافة إلى تحديث صفحتنا الرئيسية بانتظام للمجلس الاستشاري وتقديم تقرير سنوي في نوفمبر من كل عام، بالإضافة إلى المساعدة في التثقيف والتوعية باسم المجلس الاستشاري في عمان مع التدخل في قضايا الفضاء العالمية والحصول على فرصة العمل في المشاريع التي تخاطب المواضيع التي تعالج من قبل وكالات الفضاء القيادية، العلمية، السياسية، والصناعية من الاستخدام والاستكشاف المستقبلي من الفضاء إلى تطوير الفضاء التربوي حول العالم بالإضافة إلى فرص الانضمام إلى مشاريع عالمية والتدريب على كسب المهارات القيادية والانضمام إلى شبكة من كبار زعماء الصناعة الفضائي.

- ما هي مشاريعك ومشاركاتك القادمة؟

أعمل حاليا على تحضير رسالة علمية في موضوع «الثلوج والفيضانات وتأثيرها على الأسفلت، والطرق الجبلية (شديدة الانحدار)” وسأقدمه في المؤتمر الـ102 الدولي حول الهندسة المدنية والبيئة في تورونتو بكندا، وسأتنافس به على جائزة أفضل ورقة عمل خلال هذا الحدث العالمي.

أيضا أقوم بمحاولة تأليف كتاب وهو يحمل تجربة في الكتابة القصيرة في سيرة مرحلة الشباب، تغلب عليها عناصر العفوية مع الاستدلال والمراجعة العلمية لأكثر الأحداث تأثيرا لهم، حاله حال أي كتاب يحاول التعبير عن ما يجول في خواطر الشباب، ومحاولة لتحقيق التواصل الفكري والسعي للنهوض من حالة القصور الفكري.

في ثنايا الكتاب عناصر إجابة على أغلب الأسئلة المطروحة من قبل الشباب العربي، ولكن تبقى الإجابة علمية بأسلوب أنثروبولوجي واقتباسات مؤرخون وفلاسفة في حوارات عميقة وواضحة وممتعه في آن واحد. الكتاب يعتبر محاولة علمية جادة تبحث عن المعجزة المادية والروحية التي تتجلى في عمليات الكون والنفس البشرية وطبيعة تكوينها واتساق أنظمتها الهندسية العملاقة التي تجسدت في بناء كوني عميق. كما أدون فيه أبرز المعتقدات وتاريخ النظريات العلمية الغابرة والاكتشافات المعاصرة التي تخص الكون والإنسان وطبيعته التخليقية والخليوية والجينية والذرية ومستقبله على وجه الأرض وفي الفضاء. وتشرح أبرز المعجزات والظواهر الطبيعية وما فوق الطبيعية وحركة المجرات والسدائم والكواكب والبروج والنجوم والمذنبات. وطبيعة تكوينها الفيزيائي والبيولوجي، ونظام دورانها ومسارها الدقيق، هو كتاب إنساني وتاريخي في الوقت نفسه يهدف إلى إظهار كيفية تحقيق البشر لإنسانيتهم ويعالج موضوع الفضاء والزمن على مدى فترة تمتد من الإثنولوجيا الحيوانية إلى الكوزمولوجيا الحديثة.

منحة الوكالة الإيطالية

وتابعت قائلة: كما حصلت مؤخرا على منحة من قبل الوكالة الإيطالية للفيزياء النووية كأول شخصية خليجية تحصل على هذه المنحة، والمتخصصة في دراسة مكونات المادة الأساسية والقوانين التي ‏تحكمها، والتي توظف حوالي 5000 عالم يعترف بأعمالهم على الصعيد الدولي في مساهماتهم في مختبرات ومراكز ‏البحوث في جميع أنحاء العالم.‏ وتجري الوكالة العديد من البحوث الأكثر أهمية على الإطلاق من ضمنها مشروع سيرن في جنيف في المركز الأوروبي لبحوث فيزياء الجسيمات. هذه المنحة كانت بالتعاون مع شركة كاين - كوستروزيوني ابارتيساتور وهي الشركة الوحيدة في العالم التي ‏توفر مجموعة كاملة من أنظمة الإمداد بالطاقة ذات الجهد العالي ‏أو المنخفض ووحدات الواجهة الأمامية للحصول على البيانات التي ‏تفي بمعايير A للفيزياء النووية والجسيمات، وعملائها هم من المهندسين والعلماء والتقنيين الذين يثقون ‏جميعهم لتحقيق أهدافهم بشكل اسرع وأكثر فاعلية.‏

وتنفذ الوكالة في منحتها هذه دورة تعليمية في مجال ‏فيزياء الجسميات‏، الفيزياء الفلكية، الفيزياء النووية، الفيزياء النظرية، والبحوث التكنولوجية المتخصصة وتعمل على بحوث في إطار منافسة دولية بالتعاون مع الجامعات الإيطالية. ومن المتوقع أن أقدم ورقة عمل عن “الكون بين الفيزياء والميتافيزياء“ في الوكالة بالإضافة إلى اختبار مشروعي في علاج مشكلة الثلوج والفيضانات التي تؤدي إلى شروخ ومشاكل مرورية في الطرق الإسفلتية، باستخدام تطبيقات فيزيائية، بالاضافة إلى حضور فصول دراسية في مدرسة أزاركويل في الفيزياء النجمية المهنية والفيزياء النووية.

- كلمة أخيرة للشباب العماني بشكل خاص وللشباب العربي بشكل عام.

المطلوب من الأجيال الحالية العمل والابتعاد عن الاتكالية، فالوطن خلية حركية متآزرة يشد بعضها بعضا، ولهم أن يقرأوا في سير وقصص كفاح الأولين عن آبائهم لأخذ العبر والدروس من كفاحهم وقتالهم في سبيل الوصول بنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، إن علينا السير على خطاهم حيث رووا تراب هذا الوطن الطهور من عرقهم ودمائهم الزكية في سبيل الارتقاء به، إننا فعلا لم نشهد تلك الفوضى والتناحر والاقتتال على الموارد، كما شهدها أجدادنا، فلا يسعنا بعد حمد الله إلا الدعاء للأجداد بالرحمة والغفران وقبول دعواتنا لهم بقبول العمل على ما ننعم به الآن من أصناف النعم التي تستعصي على العد، ووفاءً لأرواحهم الطاهرة. هناك أيضا كذبة يحترق الشباب العربي من أجلها، كذبة تشبه الفايروس في عقل البشرية وهذه الكذبة هي “لا يوجد خير كاف للجميع، هناك نقص وهناك حدود وببساطة ليس هناك كفاية” هذه الكذبة تدفع الشباب للعيش في حالة هلع، وتقطير، وهذه الأفكار حول الخوف والبخل والشح، تنسي الواقع الذي يعيشونه، لقد تناول العالم قرصا مسببا للكوابيس، والحقيقة أن هناك خير يكفي ويزيد للجميع، ما يزيد ويكفي من الأفكار المبتكرة من الطاقة ومن الحب ومن السعادة، تبدأ بالظهور من خلال عقل واع لطبيعته غير المحدودة له.

واضافت: إن في بنية الإنسان العظيم نور خافت لا نشعر به ولا ندركه، وإن الانبعاث الحقيقي قادم من الداخل من أعماق النفس، عندما تركز على إحساسك ومشاعرك وأفكارك وخيالك وروحك، قد تشعر أنك وحيد تخاطب نفسك، ثم أنت تفهم نفسك وتفهم نفوس الآخرين، ثم تفهم الكون، ثم تساعد في فتح العقول، وأن تنمي الثقة بالنفوس، وتكسب الأمل في تغيير العديد من الأفراد الذين أصبحوا مدمرين ذاتيا. أن تعيد فتح صناديق الكنوز تلك، وتمنح البشرية فرصة أخرى لتطوير أفكار علمية، أو نمنح النور لفكرة ما، فهذه أكثر الأعمال نبلا وشرفا.