991145
991145
المنوعات

«الندوة العامة» ببهلا تناقش سيرة الشيخ محبوب بن الرحيل

22 أبريل 2017
22 أبريل 2017

نزوى - محمد الحضرمي -

نظمت مكتبة الندوة العامة ببهلا مساء أمس الأول ملتقى ثقافيا درس حياة وسيرة وفكر الشيخ محبوب بن الرحيل القرشي، إحدى الشخصيات المؤسسة في التاريخ الثقافي العماني، تمثل بتقديم عدة ورقات قدمها أربعة من الباحثين العمانيين، حيث قدم صلاح الرحيلي ورقة حول سيرة وحياة الشيخ أبي سفيان محبوب بن الرحيل القرشي، قال فيها: إن الشيح المحتفى به يعد أحد أبرز قيادات المدرسة الإباضية في البصرة في القرن الثاني الهجري، ووصفته المصادر العمانية بأنه آخر أئمة المذهب، يكنى أبو سفيان، ولا يوجد تاريخ محدد لمولده ولكن يمكن تقدير ولادته بعد سنة 100 هجرية، كما ذكر الباحث الرحيلي أن من أولاده محمد بن محبوب، وسفيان بن محبوب، والمحبر بن محبوب.

وقال صلاح الرحيلي في سياق بحثه: ولد الإمام محبوب القرشي في البصرة، ونشأ في كنف شيخه الإمام الربيع (رحمهما الله) الذي اعتنى به وتولى تربيته وتعليمه وكان الشيخ محبوب من أخص تلامذة الإمام الربيع ومن أقرب المقربين إليه، ويظهر ذلك جليا في مروياته وآرائه التي احتضنتها كتب الفقه والسير والآثار.

أما أهم الآثار العلمية للإمام محبوب بن الرحيل، فله رسالتان، في الرد على هارون بن اليمان في حكمه بشرك المشبهة وخروجهم من الملة، وجه إحداهما إلى إباضية عمان، والأخرى إلى إباضية حضرموت، وله كتاب يحوي العقائد والفقه والسير، ويقال: إنه احترق مع احتراق المكتبة الرستمية، ولا تسعف المصادر بتاريخ وفاته أما مكان وفاته، فبين رأي يقول: إنه توفي في عمان، وآخر يرى أنه توفي في مكة المكرمة.

وقدم المكرم الباحث الدكتور إسماعيل الأغبري في ورقته عن المدارس السياسية والفقهية وتأثيرها في حياة الشيخ محبوب، حيث قال في محاضرته: إن الشيخ محبوب بن الرحيل أشير إليه أنه من آخر أئمة الكتمان، وقد لا يقبل الباحث الحصيف أنه من آخر أئمة الكتمان، لأنه في زمان محبوب الرحيل قد قامت الدول، فطالب الحق في اليمن أقام الدولة هناك، وفي عمان قامت دولة الإمام الجلندى في عام 132هجرية، وفي طرابلس بليبيا قامت الدولة على يد أبي الخطاب عام 140، وفي عام 160 قامت الدولة الرستمية في تيهارت بالجزائر، ومن طبيعة الكتمان أنه يكون في خفاء، ومن أسس الدولة وأظهر التشريعات وسن القوانين فلا حاجة له عندئذ إلى كتمان.

وعن مؤلفاته أشار الباحث الأغبري إلى كتاب «السيرة» ويشار إليه عند الدرجيني والشماخي والعوتبي كذلك، ولكن أين هذا الكتاب؟ يقال: إنه تلف عندما أحرقت مكتبة المعصومة بتيهارت، بعد الغزو الذي أطاح بالدولة الرستمية، لكن ورود الإشارة والنقل حتى زمن العوتبي في القرن الخامس، وكذلك عند الدرجيني في طبقات المشايخ، وفي سير الشماخي، يدل أن الكتاب لم يتلف في زمن الدولة الرستمية، وعسى أن يعثر عليه.

وقال المكرم الدكتور إسماعيل الأغبري: إن الشيخ محبوب بن الرحيل يعد سياسيا وفقيها وراوية، ولو عثر على كتاب السير لسد فراغا تعاني منه المكتبة الإباضية.

وأضاف: إن للشيخ محبوب رسالة إلى حضرموت وأخرى إلى عمان، وهذه الرسالة ترد على هارون بن اليمان الذي يرى كفر المشبهة والمجسمة، وقد توافقت إرادة أهل عمان واليمن وجميع المنتسبين لهذه المدرسة، أن لا يكفر المشبه، وهنا نخرج بنقاط مهمة وهي عدم جواز تكفير المسلم، ذلك أن الربيع يروي هذا الحديث: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، كما نخرج بنتيجة أن عدم التكفير هو أصل أصيل في المدرسة الإباضية، ليس وليد ضغط دولي أو إقليمي باعتبار النقص في العدد، كما نخرج بنتيجة أخرى وهي أن هذه المدرسة رأس الاعتدال، ومن كان معتدلا فلا بد أن يحفظ رسميا وشعبيا.

وله إلى الإمام عبدالوهاب بن عبدالرحمن رسالة يصوب فيها رأي الإمام عبدالوهاب في عدم السماح بتولية خلف بن السمح أمر طرابلس، بسبب الاستكبار الذي فيه، وهو ما يتنافى مع مسألة الدبلوماسية، فإذا ما شد الناس أرخى، وإذا ما أرخى الناس شد.

وضعَّف الدكتور الأغبري ما ينسب إلى الإمام محبوب أن له رسالة إلى الإمام طالب الحق، للاختلاف بين زمنيهما، لأنه ربما ولد محبوب بن الرحيل عام 130 هجرية، بينما استشهد طالب الحق عام 129 هجرية. أما المهام التي كلف بها أبو سفيان محبوب بن الرحيل، من قبل شيخه الربيع بن حبيب، فقد كلفه بأن يقوم بعملية حصر الموالين لأهل الدعوة، وهي عملية تشبه ما يعرف اليوم بحصر التعداد السكاني، لعدد أفراد هذه المدرسة وعدد أنصارها في مدينة البصرة، والنتيجة أنه أحصى 800 بيت يناصرون فكر أبوعبيدة والربيع.

وقدم الباحث الشيخ ناصر بن سليمان السابعي، المشارك في الملتقى ورقة حول «المنهج الروائي والتاريخي» وقال: إن المنهج الروائي في المذهب الإباضي متأصل وقديم، ويمكنني أن أزعم أنه من أسبق المناهج في الفكر الإسلامي، وبأن المدرسة الإباضية من أسبق المدارس إلى المنهج الروائي، سواء المتعلق بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو المتعلق بنقل الأحداث التاريخية، بشمولها وأشخاصها وما فيها من أحداث بصورة عامة.

ويمتاز المنهج الروائي في المدرسة الإباضية بجملة أشياء من أهممها، أن لحظة التدوين ليس بينها وبين الحدث فارق كبير، وفي رأيي أن جابر بن زيد دون أحاديث المسند، تلقاها عن الصحابة، وقد ورد في كتب الحديث أن الإمام جابر بن زيد كان يكتب الأحاديث، فالتدوين لم يتأخر عن الحدث.

وقال الشيخ السابعي: إنه تمخض عن أعداد الرواة ظهور جملة من الكتب الروائية، وقد حاولت أن أحصيها فوجدته 20 كتابا روائيا يرويها بالسند، سواء أكانت أحاديث نبوية، أو أحداثا تاريخية أو أقولا فقهية.

وقدم الدكتور عبدالله بن مبارك العبري قراءة في الإنتاج العلمي للشيخ محبوب الرحيلي، وذكر منها كتابه السير، وهو المعروف بسيرة محبوب بن الرحيل، يتضمن حديثا عن علماء وأئمة الإباضية الأوائل، بداية بمرداس بن حدير وحتى علماء العصر الذي عاش فيه. ثم قام راعي الحفل والحضور بافتتاح معرض الكتب السنوي، حيث دأبت مكتبة الندوة على إقامته كل عام على هامش هذا الملتقى السنوي، تعرض فيه الكتب التي دخلت المكتبة حديثا، والتي قامت بشرائه من معارض الكتب خلال العام، وأكثرها من معرض مسقط الدولي للكتاب.