أفكار وآراء

البنوك وخطاب الضمان

19 أبريل 2017
19 أبريل 2017

د. عبدالقادر ورسمة غالب -

Email: [email protected] -

تقوم البنوك بإصدار خطاب الضمان بناء على طلب الزبون الآمر وتلتزم فيه بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر المستفيد، دون قيد أو شرط ، ويطلب المستفيد دفع المبلغ خلال المدة المعينة في الخطاب. في الغالب يوضح في خطاب الضمان غرض اصدر الضمان، ويجوز للبنك أن يطلب تقديم تأمين مقابل إصدار خطاب الضمان في شكل نقد أو أوراق تجارية أو مالية أو بضائع أو تنازلاً من الزبون الآمر للبنك عن حقه تجاه المستفيد. هذا و لا يجوز للبنك أن يرفض الوفاء للمستفيد بسبب يرجع لعلاقة البنك مع الزبون الآمر أو لعلاقة الزبون الآمر بالمستفيد.

في أغلب البنوك يوجد نموذج خاص بخطابات الضمان ويقوم الزبون بتعبئة هذا النموذج الذي يعرفه البنك جيدا. ولكن، من الممكن ان يقوم الزبون بتقديم طلب من اعداده أو بمعرفته. وفي كل الحالات يتضمن خطاب الضمان اسم المستفيد من الضمان، عنوانه الكامل، نوع خطاب الضمان، مبلغ الضمان، الغرض من الضمان، مدة الضمان، التعليمات الواضحة للبنك بأن يدفع كل أو بعض مبلغ الضمان إلى المستفيد لدى أول طلب منه وعدم الالتفات لأية معارضة قد يبديها الزبون، السماح للبنك بأن يخصم من حساب الزبون الجزء غير المغطى من الضمان والرسوم والمصاريف المقررة... ألخ.

بعض البنوك تضع فقرة في الخطاب تمنح البنك الحق في أن يقوم بتجديد سريان خطاب الضمان بعد انتهاء مدته إذا طلب المستفيد ذلك، أو فقرة تنص بأن الزبون يفوض البنك في تجديد خطاب الضمان. ومثل هذا النص، وغيره من النصوص، يجب دراسته جيدا لأنه قد يخلق مشاكل في المستقبل بين البنك والزبون، وفعلا هناك قضايا أمام المحاكم حيث يتقدم الزبائن بطلبات للمحكمة لاعتبار بعض الشروط مجحفة، وأنهم أذعنوا للقبول بها للحاجة الماسة للخطاب في ذلك الوقت، ولذا فإنهم يطلبون من المحاكم شطب الشرط أو الشروط. وهكذا تبدأ دوامة المحاكم، وفي جميع الأحوال، فإن الذهاب للمحاكم يشكل مخاطر قانونية غير مأمونة العواقب ومن الأفضل تداركها كلما كان لذلك سبيلا.

ولتجاوز كل هذا، ومن واقع التجربة، نقول إنه من الأفضل للبنوك اعداد نماذج «نموذجية» خاصة لخطاب الضمان والتمسك بهذه النماذج وإقناع الزبائن بقبولها كصمام أمان لكل الأطراف. وعند اعداد النماذج، دائما، يجب أن نضع في ذهننا ما قد يحدث في المستقبل، مع الحرص المتواصل على اعادة صياغة واعداد هذه النماذج حتي تكون متطورة ومتماشية مع واقع السوق وتطور الأعمال.. بعض البنوك أعدت هذه النماذج منذ عشرات السنين، وظلت هكذا لم تحرك ساكنا ولذا أصبحت هذه النماذج تمثل التاريخ وليس الحاضر، ولذا يرفضها الزبائن أو يوافقون عليها علي مضض. هذه النماذج بضاعة البنوك وتحتاج للتجديد والابعاد عند انتهاء فترة الصلاحية.

بعد التعريف الموجز لخطاب الضمان، من المفيد أن نتطرق لتناول بعض أنواع خطابات الضمان، خاصة وأن خطابات الضمان عديدة وكثيرة ويمكن أن يلجأ الزبون للبنك لإصدار خطاب الضمان كلما احتاج لذلك وهذه الحاجة تزداد وتتنوع مع مرور الزمن. ومن خطابات الضمان التي تصدرها البنوك نذكر مثلا، خطاب ضمان العطاء الأولي (بد بوند)، أو خطاب الضمان الابتدائي، الذي يرفقه الزبون مع العطاء الذي يقدمه في المناقصات ويمثل نسبة معينة من قيمة العطاء. والغرض من هذا الخطاب تطمين مقدم المناقصة واشعاره بجدية العطاء المقدم وعدم تراجع مقدم العطاء إذا تغيرت الأسعار أو تبين له خطأ تقديره. وهذا الضمان يعتبر ابتدائيا أو مؤقتا لأجل لأن الغرض منه ينتهي بعدم رسو أو رسو المناقصة وتوقيع العقد.

وهناك خطاب الضمان النهائي أو (بيرفورمانس قرنتي) وهذا الضمان يقدمه من يرسو عليه العطاء بغرض ضمان «حسن تنفيذ» العقود المبرمة مع الجهات المستفيدة وذلك وفق شروط العقد. والكثير من الزبائن يطلب هذا الخطاب خاصة في المقاولات والانشاءات، ويظل خطاب الضمان النهائي ساري المفعول بكامل قيمته حتي انتهاء غرضه أو مدته..

وهناك خطاب ضمان الصيانة (مينتنناس قرنتي) وبموجبه تقوم الجهة المستفيدة بالمطالبة بإصدار هذا الخطاب كضمان واستعدادا لمقابلة ظهور عيوب أو ثغرات غير ظاهرة في ذلك الوقت. و نظراً للحاجة لإجراء الصيانة المطلوبة عند الحاجة فإن الجهة المستفيدة، وحتى تعيد خطاب الضمان النهائي، فإنها تطلب اصدار خطاب ضمان الصيانة لضمان إجراء الصيانة أو استكمال أية عيوب قد تظهر، وفي الغالب لا تتجاوز مدة ضمان الصيانة فترة السنة ما لم تكن هناك حالات خاصة تتطلب فترة معينة.

وهناك خطاب ضمان الدفعة المقدمة (أدفانس بيمنت قرنتي) وهذا الضمان في بعض المشاريع الكبيرة حيث لا تكفي موارد المقاول الذاتية لتمويل المشروع المطلوب إنجازه وقد تطرأ الحاجة للحصول على دفعة مقدمة تقدر بنسبة من قيمة المشروع يتم الاتفاق عليها بين الأطراف. وهذه الدفعة المقدمة في الغالب تستخدم لتغطية الاحتياجات الأولية من المواد والادوات والآلات... وغيره. ويصدر خطاب الضمان عن الدفعة المقدمة لضمان ردها أو رد ما تبقى منها عند التسوية النهائية للحساب. وغالباً ما ينص خطاب الضمان على إجراء تخفيض تلقائي لقيمة المبلغ بقدر النسبة المستقطعة من المتحصلات. ويجب أن يتضمن خطاب ضمان الدفعة المقدمة ما يفيد بتنازل الزبون عن مستحقاته في المشروع لصالح البنك، ويجري تخفيض قيمة خطاب الضمان تلقائياً وفقا للأسس المتفق عليها.

وهناك أنواع أخرى لخطابات الضمان، التي تتنوع باختلاف الحاجة، ومن المهم أن نقول أن خلف كل خطاب ضمان قصة ووقائع معينة لهذه القصة. ويجب على الأطراف، وخاصة البنك، استيعاب مضمون هذه القصة ثم أخذ الريادة في إعداد خطاب الضمان الذي يضمن حقوق جميع الأطراف. وبهذه الخدمة المصرفية الراقية، تساهم البنوك في دعم التنمية والمشاريع العمرانية والإنشائية المختلفة التي نحتاج لها جميعا.