الملف السياسي

حرب ترامب ضد داعش ستطول

17 أبريل 2017
17 أبريل 2017

آرون ديفيد ميلر وريتشارد سوكولوسكي -

ترجمة قاسم مكي -

يو إس توداي -

تحكي لنا حادثتان وقعتا مؤخرًا حكاية محزنة حول السؤال التالي: لماذا لا يمكن للرئيس ترامب القضاء على داعش قضاءً مبرمًا» كما وعد بذلك؟ 

ففي اليوم نفسه الذي اجتمع فيه بواشنطن التحالف الدولي المتبجح ضد داعش الذي يضم 68 بلدًا ومنظمةً كان إرهابي منفرد من أبناء البلد يعيث خرابًا وسط لندن بشاحنة وسكين. تثبت هذه المفارقة (بين اجتماع التحالف وحادثة الإرهابي) حقيقة مؤلمة وغير مريحة سياسيًا هي أن الحرب ضد الإرهاب، كما تُسَمّي، ستطول وربما ستكون بلانهاية ومن المستبعد أن يكسبها المجتمع الدولي بأي معنى تقليدي (لكسب الحروب). ما لم يفهم ترامب ذلك فلن يفعل شيئًا سوى زيادة الوضع السيئ سوءًا. لماذا سيكون ذلك كذلك؟

أولا: حذار من الحل السريع.

يحب الساسة إعلان الحرب على الأشياء. فنحن لدينا حرب على الفقر (عمرها الآن نصف قرن) والمخدرات والمرض العقلي والسرطان والإرهاب. هذا إذا ذكرنا قلة قليلة فقط منها. والآن لدينا رئيس ظل يزعم باستمرار أنه سيحقق كثرة من الانتصارات مما سيدفع الأمريكيين إلى الضجر منها. ولكن الخطط الفخيمة لحل المشاكل المنظومية ليست الطريقة الأمريكية السائدة. بل هي «الحلول التقريبية للمشاكل التي لا يمكن حلها»، بحسب تعبير راينهولد نيبور. لقد احتجنا إلى 150 عامًا لمجرد الشروع في التعامل مع مشاكل الرّق وعدم المساواة العرقية في أمريكا. وعلى الرغم من التقدم الذي حققناه لم نصل، كما يبدو، إلى النهاية بعد. لقد مضت 16 سنة تقريبًا منذ الحادي عشر من سبتمبر. وعلى الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت ضد داعش والقاعدة لا نزال بعيدين عن سحق الجهاديين. فالقاعدة تتمدد في سوريا. والجماعات المرتبطة بها تدبر المكائد ضد الولايات المتحدة في اليمن. وامتدادات داعش تتحرك في سيناء وليبيا وأفغانستان وشرق إفريقيا.

ثانيا: المستنبت الخصب للإرهاب.

أحد أسباب عدم وجود حل سريع للمشكلة الجهادية العالمية أن الشرق الأوسط سيظل حاضنا لإرهاب الجهاديين لأعوام قادمة. فالخلطة المتشكلة من سوء الحكم وبؤس الفرص الاقتصادية والأحقاد الطائفية بين السنة والشيعة والمجتمعات السنية المحاصرة بالمصاعب والمشاكل في العراق وسوريا أوجدت معينا لا ينضب من المجندين ومن دواعي السخط والاستياء التي يتغذى منها الجهاديون وأفكارهم السياسية الشريرة. ولم تقر الحكومات العربية بعد بملكيتها لهذه المشكلة أو لحلولها. ولا يمكن أن يوضع هذا الشرق الأوسط المفكك والغاضب والمعطوب على مسار أفضل بدون مؤسسات تتسم بالصدقية وتكون خاضعة للمساءلة، وبدون شفافية ومحاسبة وحكم جيد بما فيه الكفاية على الأقل وبدون قيادة حكيمة. فإن هذا الصراع سيستمر لِعِدَّة أجيال.

ثالثا: مفارقة النجاح.

ربما أن تدمير خلافة داعش وهزيمتها في أرض المعركة لن يؤدي إلا إلى جعل التحدي أكثر تعقيدًا. فمقاتلو داعش المدربون والممولون جيدًا والذين تمرسوا في القتال سيتفرقون في صحاري سوريا والعراق وسيعززون صفوف فروع داعش في ليبيا واليمن وأفغانستان. وسيعودون إلى أوطانهم في أوروبا وهم عازمون على بث الفوضى هناك. ولا تملك الحكومات في العراق وسوريا والتحالف الذي يحارب داعش بقيادة الولايات المتحدة استراتيجية قابلة للتطبيق سواء لبسط الاستقرار وإعادة البناء في المناطق المحررة من داعش أو لهزيمتها في الأماكن التي تفر إليها. كما لا تملك الولايات المتحدة أيضا مثل هذه الاستراتيجية.

رابعا: المهدد الحقيقي للولايات المتحدة.

تشكل الجماعات الجهادية الأجنبية المنظمة تهديدًا يتسم بالجدية للولايات المتحدة على الرغم من أننا لم نشهد منذ الحادي عشر من سبتمبر هجومًا واحدًا ناجحًا خططت له أو نفذته منظمة أجنبية إرهابية في الداخل. ولكن هجوم لندن يؤكد أن الجهاديين المحليين المتأثرين بالدعاية والأيديولوجيا الجهادية يشكلون مهددًا أشد خطورة. وفي الواقع لقد كان كل الجهاديين الإرهابيين الـ13 المسؤولين عن قتل 94 أمريكيا منذ الحادي عشر من سبتمبر مواطنين أمريكيين أو مقيمين إقامة شرعية. وكان ثمانية منهم من مواليد الولايات المتحدة، بحسب بحث أجراه مركز أبحاث أمريكا الجديدة.

خامسا: ما ينبغي أن تفعله ولا تفعله الرئاسة.

في مواجهة هذه الحقائق الرصينة يحتاج الرئيس إلى إعادة تأطير الطريقة التي يفهم بها هذه المشكلة. فهو أولا عليه الكف عن تضخيم التهديد الجهادي. حقا إنه خطير ولكنه ليس مهددا وجوديا. وتضخيمه أو سوء فهمه يمكن أن يقودا إلى ردود فعل متهورة وكارثية. وهو ثانيا عليه أم يكون أمينا مع الشعب الأمريكي بشأن احتمال استمرار هذه المعركة لعدة أعوام. وهو ثالثا، عليه أن يكف عن وصم و استعداء 3 ملايين أمريكي مسلم يشكلون حليفا أساسيا في استباق ومنع انتشار الأصولية في أمريكا. فمع وجود ما يزيد عن 900 قضية مفتوحة تتعلق بأنشطة مرتبطة بالجهاديين تحتاج وكالة التحقيقات الفيدرالية إلى التعاون والتنسيق مع المجتمعات المسلمة المحلية إذا كان لديها أي أمل في التصدي للتطرف العنيف. لقد جعلت لغة الرئيس ومستشاريه المعادية للمسلمين في أثناء الحملة الانتخابية ورغبته الواضحة في منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة مهام تطبيق القانون أشد صعوبة. وأخيرًا، على الرئيس أن يتحدث ضد التطرف والتعصب والكراهية بكل أشكالها. إنَّ تأمين الوطن على حساب التقويض الأبدي للقيم التي نمثلها ليس مقايضة ضرورية أو مقبولة. وفي الحقيقة هذه القيم ليست عبئًا علينا ولكنها أصول بالغة الأهمية بالنسبة لنا في الداخل وكذلك في الخارج في الحرب ضد الجهاديين الدوليين التي تَعِدَنا بأن تكون حربا طويلة.

• ميلر نائب للرئيس بمركز وودرو ويلسون. عمل محللا ومستشارا ومفاوضا للشرق الأوسط بوزارة الخارجية في الإدارات الجمهورية والديمقراطية.

• سوكولسكي تقاعد مؤخرًا بعد 37 سنة قضاها في وزارة الخارجية والآن زميل أول غير مقيم بوقف كارنيجي للسلم العالمي.