986474
986474
شرفات

المؤسسات الثقافية وجمهورها في دائرة الاتهام - المؤسسات: أبوابنا مفتوحة.. والمثقف: فعالياتكم لا تلبي الطموحات

17 أبريل 2017
17 أبريل 2017

تحقيق ـ عاصم الشيدي -

ليس غريبا عندما تخطو إلى فعالية ثقافية في السلطنة تنظمها أي مؤسسة ثقافية حكومية أو مدنية وتجد الكراسي شبه فارغة من الحضور، أو أنها تتأخر نصف ساعة عن موعدها في انتظار حضور قد يغطي الكراسي الأمامية على أقل تقدير ويحفظ ماء الوجه أمام عدسات الصحافة.

هذا الأمر بات، في الغالب، لازمة الفعاليات الثقافية الذي يعلله البعض بالقول إنه «حضور نخبوي متخصص وهذا في حد ذاته يكفي» لكن الحقيقة هذه ليست أكثر من محاولة استرضاء ذاتية لتغطي على كارثية المشهد.

قبل أيام بالكاد انعقدت الجمعية العمومية لجمعية الكتاب والأدباء، ولم يكتمل النصاب القانوني إلا بعد انتظار وصبر كاد يطول. وهناك فعاليات أقامتها الجمعية في إدارات مختلفة تأجلت لعدم وجود حضور أبدا، وانتقلت فعاليات في النادي الثقافي من القاعة الرئيسية إلى قاعة المجلس بسبب قلة الحضور أيضا. وهذا الأمر يتكرر كثيرا حتى في الأمسيات الشعرية التي يفترض أن تستقطب جمهورا أكبرا ولو حدثت في مؤسسات تعليمية. وأذكر أن فعاليات الملتقى الأدبي الذي تنظمه وزارة التراث والثقافة بشكل سنوي في الصيف وينتقل من محافظة إلى أخرى كل عام لا يحضره إلا بعض المشاركين فيه فقط من الذين يحضرون لقراءة نصوصهم أو لمجاملة أصدقائهم حتى أن هلال العامري المشرف على الملتقى الأدبي في سنواته الماضية أراد أن يضع استمارة حضور وانصراف للمشاركين!!.

وليس هذا الأمر في السلطنة فقط، فبعض الذين تحدثنا معهم أكدوا أن الأمر متكرر في أغلب البلاد العربية التي صارت فعالياتها الثقافية بلا جمهور وبلا تفاعل كما كان الأمر في عقود ماضية.

وقبل سنتين كنتُ أحضر فعاليات مهرجان جرش صاحب الشهرة الواسعة ولم يحضر الأمسية الشعرية التي شارك فيها نخبة من الشعراء العرب إلا الشعراء الذين جاءوا في الباص من مدينة عمّان لإلقاء نصوصهم أو لمصاحبة أصدقائهم، بينما لم يكلف أي أحد من جمهور «جرش» الكبير أن يدخل المسرح رغم جمال الأمسية الشعرية وتحليق النصوص التي قرأوها عاليا فوق سماوات جرش الجميلة. وبعد ساعة كان مسرح آخر في المهرجان يغص بالآلاف لحضور حفلة الفنانة نانسي عجرم!!.

وإذا كان النادي الثقافي قد رسّخ حضوره في المشهد الثقافي العماني منذ ثمانينات القرن الماضي ويعتبر جمهوره هو الأفضل بين جماهير الفعاليات الثقافية فإن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تعتبر الأضعف من حيث حضور الفعاليات رغم الشعار الذي ترفعه كل الإدارات التي تتوالى على الجمعية بأنها «بيت المثقفين والكتاب» ولكن ربما لحداثة تجربتها لم تستطع أن تكون جمهورها الدائم كما فعل النادي الثقافي على سبيل المثال.

وهذا الأمر يطرح الكثير من الأسئلة حول جمهور فعاليات «الجمعية» وبين نوعية الفعاليات التي تقدمها الجمعية أو حتى النادي الثقافي وما إذا كانت هي أحد أسباب عزوف الجمهور عن حضورها أم أن في الأمر تسجيل مواقف ضد إدارة بعينها أو فعالية بعينها أو شخصية بعينها سواء كانت لجمعية الكتاب أو النادي الثقافي أو المنتدى الأدبي.

حملنا هذه الأسئلة وطرحناها على مجموعة من الكتاب والمثقفين العمانيين والقائمين على المؤسسات الثقافية وكذلك حضور الفعاليات.

في البدء كان الحديث مع الشاعر خميس قلم، الذي بادر بنفسه وطرح مثل هذه الأسئلة على بعض الصحفيين مطالبا البحث عن إجابة خاصة فيما يتعلق بجمعية الكتاب والأدباء.. وعندما سألته لماذا لم تحضر اجتماع الجمعية العمومية لتطرح أسئلتك على مجلس الإدارة أمام الجمعية العمومية كان رده:« كانت وما زالت لدي تساؤلات أوجهها لمجلس الإدارة المنتخب معظمها يتصل بفرع البريمي؛ وأردت أن أنتهز فرصة عقد الجمعية العمومية للاستيضاح وفهم وجهة نظرهم غير أن ظروفا طارئة حالت دون حضوري الشخصي وقد حملت أحد الزملاء رسالة باستيضاحاتي وملاحظاتي ولكن يبدو أنه لم يتمكن كذلك من حضور الجمعية العمومية»!!

وأضاف خميس قلم لمزيد من إيضاح فكرته: «شخصيا أومن بفلسفة العمل الكنفوشية بأن إيقاد شمعة في الظلام خير من لعنه، كما أومن بإمكانية ارتقاء الإنسان في مدارج القيم حتى و إن كان ساقطا في سافل الدركات لذلك أجد أن التواصل مع الجمعية بصراحة ومنطق هو السبيل لزحزحة الأوهام العقلية ودحر الأسقام النفسية؛ فبعض العقول تنظر إلى الجمعية مؤسسة للنفع الذاتي وبعض النفوس تنتظر من الجمعية أن تحقق الخلاص الجمعي للكتاب.. وبين خدعة تلك العقول وخديعة تلك النفوس يأتي دور الأعضاء المنتسبين للجمعية لإعادة الأمور إلى نصابها من خلال تقصي الحقائق بالنقاش والحوار وإنارة مدلهم المجهول..

وعندما قلت له ما أهم أسئلتك قال: «كان ومازال في نفسي السؤال عن مقر الجمعية وما يحيط به من حيثيات حيث سيكمل عاما: إذ كم اجتماع أو فعالية عقد فيه منذ تم استئجاره؟ ثم لماذا انتقل الفرع إلى هذا المقر بالذات؟ هل هو أفضل حالا؟ هل إيجاره أقل؟ متى تم مصادقة عقد الإيجار من البلدية بمعنى هل تعليق اللوحة الموسومة باسم الجمعية قانوني؟

و كنت سأسأل أيضا كم من أعضاء الفرع انتخب للمشاركة الخارجية من غير الإداريين؟ ألم تكن من التوصيات التي خرجت من تسليم عهدة الفريق التسييري للإدارة الحالية اختيار أحد الكتاب الشباب للمشاركات الخارجية؟ كم كتاب لأحد منتسبي الفرع احتفل به وكم وكم كمات كثيرة..؟؟

ثم لماذا توقف استمارات الانتساب ومتى ستصرف العضويات لمن سجل استمارة ودفع الرسوم؟

وكنت سأستفسر كذلك إن سمح الوقت عن العريضة التي رفعها مجموعة من الكتاب ولم يتم الرد عليها (لكن الموضوع انتهى).

وقد كانت لدي ملاحظات شخصية لأفراد بعينهم تواصلوا معي لإقامة مناشط شعرية وعلقوني منتظرا مع وعود وضيوف ولم يردوا عليّ حتى الآن.

وعندما سألت خميس قلم عن أسباب غيابه عن بعض فعاليات الجمعية هل هو عائد في الأساس إلى تسجيل موقف أو مقاطعة للأسباب التي ذكرها أعلاه قال قلم: «لست من أنصار مقاطعة الجمعية إنما أنا مع الوضوح والصدق في العمل وقد قبلت متابعة لجنة الشعر بفرع الجمعية بالبريمي طالما وجدت تجاوبا وجدية».

ليس خميس قلم وحده الذي يحمل مثل هذه الأسئلة ولكن أيضا ليس وحده الذي غاب عن فعاليات الجمعية وعن اجتماع الجمعية العمومية لطرحها، فهناك أسماء كثيرة لم تحضر الاجتماع ولم تكن من بين الذين يحضرون الفعاليات ولكنهم قدموا نقدا قاسيا للجمعية ولفعالياتها ولفعاليات ثقافية أخرى من الخارج.

ورغم أن سليمان المعمري أحد الأسماء التي تحرص على حضور الفعاليات الثقافية والصحفيين الذين يغطونها إذاعيا إلا أنه غاب أيضا عن اجتماع الجمعية العمومية الأخير. وعندما سألته عن أسباب غيابه عن الاجتماع هل هو في سياق اتخاذ موقف من الجمعية؟ قال المعمري:سأعيد ما كتبتُه على الفيس بوك من أن عدم حضوري اجتماع الجمعية العُمومية لجمعية الكتاب كان لظرف طارئ ألمَّ بي عصر يوم الاجتماع ولم يكن موقفا من الجمعية، لسبب بسيط ومُعلن من قبلي هو أنني مهما كنتُ مختلفاً مع توجهات وأفكار القائمين على مؤسسات المجتمع المدني فلستُ أؤمن بمقاطعتها، بل بنقدها ومحاولة إصلاحها من الداخل. لأن الإدارات تجيء وتذهب، وتبقى هذه المؤسسات لخدمة الكتّاب والسهر على ما يفيدهم وينفعهم، قد تنشط أحيانا، وتكسل أحيانا أخرى حسب الإدارات المتعاقبة ولكن تبقى هي الجامع لشمل الكتّاب والأدباء في عُمان.

وحول أسباب العزوف عن حضور الفعاليات الثقافية وأيضا اجتماع الجمعية العمومية «للكتاب والأدباء» الأخير يقول المعمري: من وجهة نظري تضافرت عدة أسباب لهذا الحضور الضعيف في اجتماع الجمعية الأخير، أهمها ربما هو المناخ الثقافي العام. إذ نلاحظ في الفترة الأخيرة عزوفا عن حضور الفعاليات الثقافية في الجمعية بل وحتى في النادي الثقافي، لضعف مستوى الفعاليات المقامة إلا فيما ندر (وهذا بسبب ضعف التمويل الثقافي)، وأيضا لفشل هذه المؤسسات الثقافية في تحقيق ما ينشده المثقف، فلا هي استطاعت حمايته من التعدي على حريته، ولا نجحت في تعديل قانون المطبوعات والنشر الذي ما زال يجثم على الكاتب بقانون الثمانينات، ولا حتى نجحت في تفريغه للعمل الثقافي، وغيرها الكثير من الآمال والطموحات التي بناها المثقف على مثل هذه الجهات الثقافية. وهي في الحقيقة طموحات أكبر من قدرة الجمعية أو النادي الثقافي ما لم تكن الدولة نفسها متبنية لها ومشجعة عليها. زد على ذلك أن إدارة الجمعية لم تهتم بتكثيف الإعلان عن الاجتماع بالرسائل الهاتفية كما فعلتْ السنة الماضية. وتضافر هذا مع كسل ولا مبالاة كبيرة من قبل الكتّاب. وربما أيضاً لأن الاجتماع عادي وليس اجتماع انتخابات جديدة الذي يحظى في العادة بحضور أكبر بسبب التنافس بين قائمتين يحشد كل منهما جمهوره وراءه.

من جانبه أيضا تحدث يعقوب الخنبشي عن عدم حضوره اجتماع الجمعية العمومية للكتاب والأدباء «بداية ما منعني شخصيا من حضور الاجتماع كان مانعا عائليا قاهرا تصادف في نفس اليوم. وعادة هناك عزوف لافت ومستمر في غالبية اجتماعات مجالس الجمعية العمومية».

رغم ذلك قول الخنبشي «للأسف مازلنا لا نتفهم الأدوار التي يجب أن نقوم بها في مجالس الجمعيات العمومية وما يجب أن ينعكس منه على مجالس الادارات للقيام بواجبها في حالة تقصيرها». ويضيف: «الإدارات التي لا يكون لها خطة على مدار العام واضحة ونابعة ومشتقة من أهداف الجمعية بلاشك أن نشاطها سيكون محدودا ومرهونا بمبادرات شخصية تظهر وتختفي حسب نشاط وهمت الأفراد».

وهناك عدد من المثقفين اعتذروا عن الحديث مباشرة ولكنهم عبروا عن ملاحظتهم غياب الجمهور عن الفعاليات الثقافية معتبرين الأمر عائدا في المقام الأول إلى نوعية الفعاليات مستشهدين بفعالية أخيرة أقيمت في النادي الثقافي حول مستقبل منطقة الخليج السياسي والاقتصادي وشهدت حضورا كبيرا، معتبرين أنها تمس هموم الناس الحالية ومخاوفهم من المستقبل.

وفي جانب آخر تحدثنا مع بعض المثقفين القائمين على المؤسسات الثقافية في السلطنة لنتعرف من خلالهم على أسباب عزوف الجمهور عن حضور الفعاليات الثقافية.

في البدء التقينا بالباحث خميس بن راشد العدوي رئيس المنتدى الأدبي ورئيس مجلس إدارة جمعية الكتاب في الإدارة الماضية وطرحنا عليه مجموعة الأسئلة التي طرحها الكثير من المثقفين حول مشهد الفعاليات الثقافية وجمهورها.. يقول العدوي «شكرا على الاهتمام بمثل هذه المواضيع وهي من المواضيع التي تحتاج أن تكون حاضرة بشكل مستمر في صحافتنا.. لأن السكوت عنها قد ينسينا القضية وبالتالي قد لا نشعر حتى بالمرض ناهيك عن البحث عن العلاج. ويضيف: طبعا حتى نتحدث عن ضعف في حضور فعاليات الجمعية علينا أن نتحدث عن عدة محددات: المحدد الأول بنظري إن الجمعية ما زالت في طور النشأة والتشكل رغم أن عمرها عشر سنوات لكن بنظري إلى حد الآن لم تكتسب التقاليد التي تحتاجها ولم تستكمل هيكلها الإداري.. حتى اللجنة الاستشارية التي كنا قد طرحناها في إدارتنا لم نستطع استكمالها وتفعيلها.. وكل هذا لا بد أن يؤخذ في الاعتبار عند الحديث عن الجمعية.

أما الأمر الثاني الذي تحدث عنه العدوي هو توزع المشهد الثقافي كثيرا. وأوضح العدوي فكرته أكثر بالقول: توجد لدينا في البلاد مؤسسات كثيرة يتوزع فيها المشهد الثقافي. وعندما استوقفته للقول إن هذه ظاهرة صحية قال: طبعا ظاهرة صحية على المستوى العام، ولكنها أوجدت المشكلة التي طرحتها وهي قلة حضور الفعاليات لتوزع الأنشطة في أماكن مختلفة.. أنت تتكلم عن العشرات من المنافذ التي تقيم هذه الفعاليات: النادي الثقافي، المنتدى الأدبي، جمعية الكتاب، بعض المكتبات، والكثير من المبادرات الثقافية المدنية، والصالونات المنتشرة في عدة أماكن في السلطنة وهذه لا بد أن نضعها في الحسبان عند الحديث عن حضور الفعاليات.

ويصر خميس العدوي أن كلامه لا يعني تبريرا للعزوف الذي تشهده الفعاليات مؤكدا أن هناك عزوفا حقيقيا وهذا العزوف ليس على مستوى الفعاليات فقط ولكن أيضا على مستوى التواصل والتشارك في مجالس إدارات الجمعية أو حتى المؤسسات الأخرى.. وهناك أعضاء في جمعية الكتاب لا يعرفونها إلا يوم الانتخابات فقط أو خلال الفعاليات النوعية. ويضيف العدوي لا بد أن نؤمن أن الجمعية هي بيت المثقفين وهذا البيت يحتاج منا مشاركة وتشارك والجمعية ليست مجلس الإدارة فقط كما هو قار في نفوسنا اليوم وبالتالي علينا أن نبادر بالتعاون مع الإدارة من أجل الجمعية.

ويرد خميس العدوي على من يتهم الجمعية أنها لم تقف مع قضايا أعضائها بالقول: خلال الإدارتين السابقتين حيث كنت في مجلس الإدارة كنت أتساءل ما هو الذي يحتاج المثقف أن تراعيه به الجمعية، وهو جزء منها، ما الذي يريده المثقف من الجمعية؟؟ الجمعية أنشأت على سبيل المثال صندوقا للطوارئ في حالة تعرض أحد أعضائها للمرض أو دخل في قضية معينة.. وبحسب علمي كل القضايا التي تعرض لها أعضاء الجمعية كانت الجمعية واقفة بشكل كبير مع الأعضاء وتدخلت وتابعت وبذلت جهدا من أجل حل قضيته.

أما اعتقاد البعض أن التدخل لا بد أن يكون بإصدار البيانات فقط فإن الجمعية تعمل باعتبارها مؤسسة، الإدارات تعمل في مؤسسة، مؤسسة ذات سيادة قانونية، في دولة ذات سيادة قانونية، وبالتالي عندما تقوم بأي عمل من الأعمال هي تلاحظ سيادتها وسيادة الدولة كذلك. ويتساءل العدوي: هل البيانات تحل المشكلة؟ وهل بعدم إصدار البيانات لم تحل المشاكل؟

ويجيب العدوي على السؤال الذي طرحه بالقول: بنظري حُلّت كل المشكلات التي وقع أعضاء الجمعية أو للمثقفين فيها بشكل عام.. ويضيف العدوي:لكن هناك فرق في أن تدخل الجمعية «لنصرة» المثقف «ظالما» أو «مظلوما» أو أن أقف معه.. لا يمكن أن أنصر المثقف إن كان مخطئا لكن هذا لا يعني أنني لا أقف معه ولا أحوال مساعدته للخروج مما هو فيه. ويقول العدوي: أنا شخصيا أقف مع بعض المثقفين وأنا معترف أنهم ارتكبوا أخطاء، ولكن لأن أقف معهم وأحاول أن أخرجهم من أزمتهم وأن أبرر لهم شيئا آخر، وفي هذا الجانب إذا كان مطلوبا من الإدارة أن تصدر بيانا لكل شيء فأعتقد أن هذا لن يحل المشكلة بل بالعكس قد يفاقمها ويعقدها.

ويقول العدوي: أنا من حقي أن آتي للجمعية وأقول للإدارة أنتِ مقصرة في المناشط النوعية مثلا فيما لو كنت وقفت مع الإدارة وقدمت رؤيتي فيها وقدمت أعمالي في هذا الجانب ولكن وجدت الصدود من الإدارة. ويشدد العدوي: عليّ أن أنتقد من الداخل وليس من الخارج، ورغم كل ذلك يقول العدوي: ما زال الطريق أمام الجمعية طويلا سواء بالنسبة لخدمة المثقف أو بخدمة الثقافة أو بترسيخ وجود الجمعية ذاتها ولكن هذا لا يأتي بين يوم وليلة هذا يأتي بمراحل.

وخميس العدوي الذي لم يتمكن من حضور الجمعية العمومية للكتاب والأدباء التي أقيمت الشهر الماضي يقول: من خلال خبرتي هناك عزوف فعلا.. وخاصة في الاجتماع الثاني للجمعية الذي لا يتضمن انتخابات.

رغم أن العدوي يؤكد على أهمية هذا الاجتماع الذي لا يتضمن انتخابات لأن فيه يمكن محاسبة الإدارة على ما قدمت وعلى ما لم تقدم خلال سنة عمل كاملة. ويرى العدوي أن حتى فكرة وصول إدارات إلى رئاسة الجمعية عن طريق التزكية، كما حصل خلال إدارتنا، ظاهرة ليست إيجابية، والإيجابي أن تكون هناك انتخابات ويكون هناك تنافس كما حدث في الإدارة الحالية حيث تنافست قائمتان منافسة قوية.. وإذا تتذكر فقد كان هناك حضور كبير في الانتخابات السابقة فاق 140 عضوا هم مجمل المجددين من بين أعضاء الجمعية.

من جانبه تحدث رئيس جمعية الكتاب المهندس سعيد الصقلاوي في الموضوع نفسه بالقول:المؤسسات الآن تحاول تقديم فعاليات، وهذه الفعاليات تمس المشهد الثقافي ولكن ما يحصل أن المثقف أصبح لديه من المشاغل الشخصية والهموم الشخصية ما يؤخر أو يعوق حضوره في أوقاتها الملائمة ولذلك تجد الحضور ضعيفا في كثير من الفعاليات أو حتى في مهرجان الشعر العماني الذي تجد الحضور فيه ليس كما كان في السابق، ومن ناحية ثانية هناك جانب شخصي ونفسي يتعلق بقضية الدعوة المثقف لا يريد أن يُعلم عن الفعاليات عبر دعوة عامة، وإنما يريد نوعا من التمييز والتواصل الشخصي من خلال دعوة شخصية تأتيه ليحسب أنه مُلزم بالحضور.

ويستعيد الصقلاوي بعضا من تاريخ النادي الثقافي في مرحلة الثمانينات يوم كان النادي قدم دعوات شخصية للجمهور لحضور الفعاليات وكان حضور النادي في تلك المرحلة كبيرا.

وعندما سألت الصقلاوي هل تعني أن المثقف يريد بطاقة دعوة شخصية لحضور الفعاليات قال: نعم، يريد بطاقة دعوة وهذا الأمر ليس في عُمان فقط كنت في الأردن قبل أيام ولمست هذا الأمر، وكذلك في المغرب العرب، المثقف يريد أو يحب هذا النوع من التواصل الشخصي الفردي أو «الفرداني» بين المؤسسة وبينه.

قلت للصقلاوي وهل تنوون تطبيق مثل هذا الأمر قال: الآن نحاول ذلك فإلى جانب الدعوة العامة، نحاول أن نوجه دعوات تحمل خصوصية لكل مثقف حتى يشعر أنه مدعو شخصيا ويلزم نفسه بالحضور.

وعندما سألت الصقلاوي إن كانت إدارته قد استطاعت تجسير الهوة بين أعضاء الجمعية وبين الجمعية كما طرحت إدارته منذ البدايات الأولى قال: في الحقيقة بذلنا جهودا أثمرت في كثير من الأشياء، أولا: عملت الجمعية على تقديم فعاليات خارج مسقط لردم الهوة بينها وبين الأعضاء والجمهور الذين يسكنون خارج مسقط ، ولذلك قدمت الجمعية فعالياتها إلى حيث يقطن المثقف والجمهور في المحافظات.

أيضا حاولت الجمعية أن تتواصل مع أعضائها سواء في الأرفراح أو الأتراح من ضمنها قد يلاحظ الكثير من الأخوة أن هناك كثيرا من القراءات لكتابات الكتّاب والكثير من حفلات التوقيع وهذا من خلال أن الجمعية بيت مفتوح للجميع. ويضيف الصقلاوي: سعينا إلى تشجيع هذه المبادرات والفعاليات والقراءات للإصدارات التي أصدرتها الجمعية أو صدرت من خلال مؤسسات نشر غير الجمعية وهذا حققّ حضورا لا بأس فيه وأعطى للجمعية تنوعا للفعاليات التي تقدمها ولكن في هذا العام نحاول بذل جهود أكبر ونحاول أن يشعر الكاتب أن الحضور للفعالية هو مسؤولية لتحريك النشاط وبحضوره يكون تفاعلا في الرأي وتجاذبا وطرح رؤى ونقاشا.

وحول استمرار حضور الفعاليات الثقافية التي تقيمها الجمعية وأيضا اجتماع الجمعية العمومية سألت المهندس سعيد الصقلاوي حول ما إذا كانت الإدارة تعتقد أن هذا مؤشر لمقاطعة الجمعية وفعالياتها رد الصقلاوي: دائما ننظر للجانب الإيجابي ونقول إننا مع الأخوان ونبعد أي تفكير سلبي ونلتمس الأعذار للذين لم يتمكنوا من الحضور لظروف خاصة ولا نتصور أن هناك مقاطعة لأن أيدينا ممدودة للكل وعيوننا تستوعب الكل ونتمنى من الجميع أن يحس أن الجمعية هي بيت كل الكتاب ومن واجب الكتاب أن يقفوا معها ويثروها.

وتقول الدكتورة عائشة الدرمكية رئيسة النادي الثقافي في السياق نفسه: أعتقد أن المثقف بشكل عام أو المتلقي يحضر للفعاليات التي يعتقد أنها تضيف له شيئا أو يستفيد منها. وتتوقف الدرمكية قليلا قبل أن تكمل: لو تلاحظ، نحن نقيس نجاح أي فعالية بعدد الحضور، أو اهتمام المتلقين لها، وعندما يكون الحضور قليلا نقول إنها لا تعبر ربما عن المشهد الحالي الذي يشغل الناس، أو أنها لا تضيف للمتلقي أي شيء. ولكن بعض الفعاليات التي يكون حضورها قليلا ربما لأنها كذلك ولكن أيضا ربما لأن الفعالية متخصصة ولذلك حضورها المتخصص بسيط.

لكن عندما تكون الفعالية جماهيرية ويحضرها جمهور بسيط نعتقد أننا لم نستطع خدمة الفعالية والترويج لها بشكل جيد.. لكن الدرمكية تصل إلى نتيجة لتقول أنه ليس دائما قلة الحضور يعني ضعف الفعالية.

ولا تنفي الدرمكية أن هناك بعض المثقفين أو بعض الجمهور يغيبون عن الفعاليات نتيجة اتخاذهم مواقف من المؤسسة نفسها.

لكن الفكرة المهمة التي تطرحا الدرمكية هي في أن بعض المثقفين لا يحضرون الفعاليات ولكنهم يكتبون عنها بصرف النظر طبعا عن نوعية الكتابة إيجابية أم سلبية ولكن كيف تكتب عن شيء لم تحضره؟