983370
983370
تقارير

الاستفتاء التركي.. آخر خطوة قبل الانفصال عن الاتحاد الأوروبي

13 أبريل 2017
13 أبريل 2017

بروكسل - سيدريك سيمون - (أ ف ب): يقول خبراء إن العلاقة التركية الأوروبية اتسمت دائمًا بالاضطراب لكن الارتياب بلغ في الأسابيع الأخيرة مستوى غير مسبوق إلى درجة أن انفصالا بات على ما يبدو ممكنا إذا ما عزز الرئيس التركي صلاحياته نتيجة الاستفتاء الأحد.

وقد توعد رجب طيب أردوغان بذلك أيضًا في الفترة الأخيرة، عندما قال: إن «مسألة الاتحاد الأوروبي ستطرح من جديد على بساط البحث» بعد هذا الاستفتاء الذي يمكن أن يقود تركيا إلى ديكتاتورية، كما يقول وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله.

هل يريد الرئيس التركي فعلا دفن مفاوضات انضمام بلاده، التي تراوح مكانها منذ سنوات، لكن أيا من الطرفين لم يجاهر برغبته في التخلي رسميًا عنها؟ أو أليس ذلك سوى عرض جديد للعضلات يقوم بها رئيس اعتاد على طرح التهديدات؟.

ولاحظ جان ماركو استاذ العلوم السياسية في غرونوبل بفرنسا والمختص بالشؤون التركية، ان العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا «لم تكن على الإطلاق نهرًا طويلًا هادئًا»، لكنها بلغت «كثافة لفظية وتدهورًا غير مسبوقين».

وقال هذا الباحث: «لم يعد في إمكاننا أن نطمئن إلى أنها ستصمد في الأشهر المقبلة»، معتبرا أن «رفض تركيا المشاركة في مؤتمر حول سوريا» مطلع أبريل، ينطوي على «دلالات كثيرة».

ويبدو أن الاتهامات بالتصرف «النازي» التي وجهها رجل تركيا القوي إلى القادة الأوروبيين، بعد إلغاء لقاءات مؤيدة لأردوغان خلال الحملة للاستفتاء في عدد كبير من بلدان الاتحاد الأوروبي، قد شكلت منعطفا.

وقال مارك بيريني من مركز «كارنيغي أوروبا» للبحوث ان «هذه اهانة كبيرة»؛ لأن «إحياء هذا الجرح هو أسوأ ما يمكن أن نفعله للاوروبيين»، واعتبر هذا السفير السابق للاتحاد الأوروبي في تركيا «اننا احرقنا جسرا يتعلق بالعلاقات الشخصية».

إلا أن المصالح المشتركة التي كانت تقود الطرفين إلى تجاوز العثرات السابقة، لم تختف. فتركيا، العضو في الحلف الأطلسي، ما زالت شريكا عسكريا لا يستغنى عنه. وعلى رغم تقاربها «الغامض» مع روسيا، كما يقول جان ماركو، «يمكن بصعوبة أن نتخيل سياسة خارجية تركية تبتعد كثيرا من أوروبا».

وحتى لو أن أنقرة هددت مرارًا بإلغاء ميثاق الهجرة المعقود في 2016 مع الاتحاد الأوروبي، فلا يزال الاتفاق يؤتي ثماره، من خلال وصول مهاجرين إلى اليونان عبر بحر إيجه، بأعداد اقل من أعدادهم في ذروة التدفق في 2015.

وقال: إن «تركيا تجد مصلحة أيضا في هذا الاتفاق»، مشيرًا إلى المشاكل التي تواجهها الأراضي التركية من جراء تدفق المهاجرين إلى أوروبا، والمساعدة المالية الكبيرة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي.

وأكد بيريني من جهة أخرى، أن «الجانب الاقتصادي من العلاقة بالغ الاهمية للطرفين»، مذكرا بأن المفوضية الاوروبية عرضت اواخر 2016 تحديث الاتحاد الجمركي بين الشريكين، والذي ازدادت قيمة مبادلاته الثنائية على صعيد البضائع اربع مرات منذ 1996.

وما بين تفاقم التوتر وتلاقي المصالح، يمكن أن تكون نتيجة الاستفتاء حاسمة.

وإذا ما فازت «نعم» فيمكن أن يصبح الانفصال حتميا. لذلك توقع بيريني «قيام نظام الشخص الواحد الذي تتضاءل فيه كثيرا سيادة دولة القانون والتوازنات، نظام متسلط يتناقض بالتأكيد مع معايير السياسة الأوروبية».

وقالت أصلي أيدينت أسباس الخبيرة في المجلس الاوروبي للعلاقات الدولية، ان «السيناريو المتفائل هو ان يحمل فوز «لا» -او حتى فوز ضعيف لـ«نعم» على الارجح- الرئيس التركي على إعادة النظر في موقفه المتشدد من أوروبا، والقيام بمساع لإصلاح العلاقة بينهما».

وأضافت: إن «ذلك يتطلب إحراز تقدم على صعيد الوضع الرهيب لحقوق الإنسان في تركيا» التي ازدادت تدهورًا بعد موجات القمع بعد الانقلاب الفاشل في يوليو 2016. لكنها أوضحت أن «أردوغان يتصف بالبراجماتية المفاجئة في وقت لا يتوقعه أحد».

ويقول جان ماركو: إن تركيا «أدركت جيدًا أنها لن تدخل الاتحاد الأوروبي». لذلك تتمحور المسألة في نظرها حول ما إذا كانت ستتمسك مع ذلك ب «ترشيحها الأبدي» أو ما إذا «كانت ستعتبر في لحظة ما أن من الأجدى أن تقطع علاقتها بالاتحاد الأوروبي».

وأكد هذا الباحث أن «هذه المسألة كانت تبدو عبثية قبل سنوات... لكنها اليوم لم تعد كذلك، في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بركسيت). ففي الإمكان أن يستمر بقاؤنا في الفضاء الأوروبي، من غير أن نكون مرشحين» لدخول الاتحاد الأوروبي.