983377
983377
تقارير

اعتداء ستوكهولم يخنق التسامح السويدي

13 أبريل 2017
13 أبريل 2017

ستوكهولم، (رويترز): لم تكد تمضي ساعات على الاعتداء الذي وقع بشاحنة وراح ضحيته أربعة قتلى في قلب ستوكهولم حتى وجد عابدي ضاهر سائق سيارة الأجرة المسلم الراكب في المقعد الخلفي يطبق بيده على رقبته ويكاد يخنقه.

كافح ضاهر، الذي انتقل للسويد من الصومال وهو طفل، لاستنشاق الهواء، وهو يشعر بأنه قد يموت هو أيضًا على يدي الراكب الغاضب الذي راح يردد أن فتح بلاده أمام المهاجرين المسلمين هو السبب فيما حدث بعد ظهر ذلك اليوم.

وأظهر تسجيل صوتي لما حدث أن الرجل قال لضاهر مزمجرًا قبل أن يطبق على عنقه من الخلف «عملنا كل شيء لكل واحد. منحناهم مساجد ومنحناهم كل شيء لكنهم يقتلون شعبنا. سنقتلهم إذا».

وقال ضاهر الذي سجل جانبا من الحوار على هاتفه المحمول إنه قام بتشغيل نظام إنذار خفي دفع الشرطة للتدخل. وقالت شرطة ستوكهولم إنها تحقق في الحادث.

وأضاف ضاهر بصوت لا يزال مبحوحا «حاولت أن أعمل لكني أشعر بتوتر شديد من جلوس أحد خلفي في السيارة».

وتمثل مشاعر الغضب المناهض للمسلمين امتحانًا للتقاليد الليبرالية المترسخة في السويد، وذلك بعد أن قاد رجل شاحنة مخطوفة واقتحم بها شارعًا تجاريًا مزدحمًا في وسط المدينة. كان الشخص المتهم بتنفيذ الهجوم، ويدعى رخمات أكيلوف (39 عامًا) من أوزبكستان قد تقدم بطلب للجوء لكن طلبه رفض وطلبت السلطات منه مغادرة البلاد ليصبح واحدًا من أكثر من 12 ألفًا مطلوبين لترحيلهم في السويد. وقال محاميه: إنه اعترف بارتكاب جريمة إرهابية في المحكمة يوم الثلاثاء.

وفي السنوات الأخيرة شددت السويد، أكثر دول أوروبا ترحيبًا بطالبي اللجوء، سياسة الهجرة، وتفكر في فرض إجراءات جديدة بعد هجوم يوم الجمعة بما في ذلك تحسين الإشراف على تنفيذ أوامر الترحيل، ومنع عضوية الجماعات الإرهابية. كما أنها تتأهب لزيادة التعصب وجرائم الكراهية.

قال محمد نور (25 عامًا) وهو سياسي محلي من الحزب الديمقراطي الاجتماعي والذي يمثل دوائر في منطقة رينكيبي الواسعة التي تضم شققا سكنية وتم تخطيطها وبناؤها للعمال في أواخر الستينات «أنا في غاية القلق على المناخ السياسي». وتمثل تلك المنطقة جزءًا من حزام من الأحياء التي يتركز فيها المهاجرون حول ستوكهولم. وتصطف في الشوارع بيوت باهتة بمداخل رمادية حيث تعلن المتاجر الصغيرة عن المنتجات الحلال باللغتين العربية السويدية. وترتدي كثير من النسوة الحجاب عند خروجهن.

وقال نور المسلم المنحدر من أصل صومالي: «نحن نرى بالفعل صورًا تعرضت للتلاعب على أيدي النازيين وغيرهم ممن يريدون نشر رسائل بغيضة». وشهدت منطقة رينكيبي اضطرابات مثل أعمال شغب قام بها شبان غاضبون غير أنها تبدو أفضل حالاً بالمقارنة بالكثير من المناطق المتداعية في مدن كبرى بأوروبا.

وفي محطة رينكيبي لقطارات الأنفاق راح ريفا جعفري (23 عامًا) النحيل الجسد الذي جاء إلى السويد من أفغانستان صغيرًا بلا مرافق عام 2010 يوزع شرائح هواتف محمولة مجانية لحساب شركة للاتصالات.

قال جعفري: «سأحاول أن أثبت للسويديين أن أصحاب الشعر أسود اللون ليسوا كلهم مسلمين وأن المسلمين ليسوا جميعًا إرهابيين. فنحن كنا نعاني من المشكلة ذاتها في بلادنا الأصلية. ولهذا السبب جئنا إلى هنا».

سطوة البيض

خوفًا من أي أعمال انتقامية بدأت الشرطة السويدية بتشديد رقابتها على الجماعات التي تنادي بتفوق البيض على بقية الأجناس.

وقال أندرس ثورنبرج رئيس الشرطة الأمنية للتلفزيون المحلي: «الحديث يتردد عن الانتقام، عن استخدام العنف، أو عن التهديد بالعنف لإظهار غضبنا مما حدث هنا»، وأشار إلى أن متطرفين يشتبه أنهم يمينيون زرعوا قنابل في مراكز اللجوء في الماضي.

وكانت السويد التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة قد استقبلت حوالي 700 ألف من طالبي اللجوء منذ نهاية التسعينات. وفي عام 2015 الذي شهد دخول مئات الآلاف من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي عبر البلقان استقبلت السويد 163 ألفًا أي أكثر من أي دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي مقارنة بعدد السكان. وقد انحسرت تلك الموجة الضخمة من الهجرة بعد أن توصل الاتحاد إلى اتفاق مع تركيا لإعادة لاجئين إليها وكذلك المهاجرين الذين يعبرون الحدود بالمخالفة للقوانين.

لكنها كانت حافزًا لوقفة مع النفس في السويد حيث شددت الحكومة قواعد الإقامة وخفضت امتيازات المهاجرين وفرضت المزيد من الضوابط على الحدود.

وتنامي التأييد لحزب الديمقراطيين السويديين المناهضين للهجرة الذي تضعه استطلاعات الرأي في المرتبة الثانية بعد حزب الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء ستيفان لوفن. وقالت جوليا كرونليد نائبة رئيس حزب الديمقراطيين السويديين: «لم نؤخذ على محمل الجد بل وربما تعرضنا لبعض السخرية وأرجو أن نتمكن من إلقاء ذلك وراء ظهورنا الآن». وأكبر عمل إرهابي وقع في دول شمال أوروبا لم ينفذه مهاجر بل متطرف مناهض للهجرة يدعى أندرس بريفيك قتل 77 شخصًا عام 2011 في تفجير قنبلة في أوسلو وإطلاق النار عشوائيًا على مخيم صيفي في النرويج. ورغم أن العداء للهجرة مازال من المحظورات السياسية بالنسبة لأغلب الأحزاب الرئيسية في المنطقة بدأت الأصوات تتعالى بالدعوة لإغلاق الباب أمام المهاجرين.

وبعد ساعة من وقوع هجوم ستوكهولم الأسبوع الماضي اتهم تيبرنج جيده النائب من الحزب التقدمي الشعبوي الحاكم في النرويج لوفن على فيسبوك «بتنفيذ أكثر سياسات الهجرة في أوروبا لامبالاة وسذاجة وتدميرا للذات».

وفي فبراير الماضي انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سجل الهجرة في السويد. وفي الأسبوع الماضي وقبل هجوم الشاحنة دخل عضوان من جماعة مناهضة للهجرة اسمها «جنود أودين» مدرسة الأزهر الإسلامية في حي فالينجباي بالقرب من رينكيبي. وكانت هذه الجماعة قد وسعت نشاطها من فنلندا إلى دول شمال أوروبا ودول البلطيق.

وقال روجر ليندكويست نائب مدير المدرسة لرويترز: إن رجلين دارا حول فناء المدرسة قبل أيام من الهجوم والتقطا صورًا للتلاميذ ووضعا ملصقات تحمل شعار جماعتهما، وأضاف: إن المدرسة شعرت بأنها مضطرة لتعيين حراس أمنيين، وتابع «لماذا يكرهوننا؟ لماذا يريدون أذيتنا ولماذا يريدون إغلاق مدرستنا؟».