978299
978299
شرفات

ترحال نعيم قطان ومخاضات لغة الضاد وموليير

10 أبريل 2017
10 أبريل 2017

حاوره أحمد ضياء  -

ترجمة عن الفرنسية: عنفوان فؤاد -

يعد الروائي والناقد الفرانكفوني الكندي العراقي اليهودي نعيم قطّان المولود عام 1928م في بغداد، علماً أساسياً في مجال الإبداع الكتابي إذ به يتصدر مشهدية العلاقة الفرانكفونية بحكم تواصله وعيشه هناك، لذا ظل يواكب كل ما هو متغير على الصعيد الكتابي والفلسفي بمجمل الطروحات البيذاتية.

ويذكر أن قطان في عام 1944 كان الأول في فحص اللغة الفرنسية الطور الابتدائي الذي أجرته مدرسة التحالف الإسرائيلي ببغداد وهذا الأمر جعل لديه حافزاً أساسياً في الشروع صوب الانتماء للغة الفرنسية، كما أن ممتحنه الأستاذ جان غولمييه، مدير كلية الآداب ببيروت وعده بالحصول على منحة دراسية بفرنسا، الأمر الذي عزز من موقفه التعلمي والقرائي بخصوص الذهب إلى أرض الثقافة.

وبعد برهة من الزمن وفىّ بوعده، وفي عام 1947 حصل قطان على أول منحة من فرنسا لطالب عراقي مما جعل الأفق الإبداعي أمامه واضحاً وقبل أن يغادر كاتبنا إلى فرنسا، كان يكتب باللغة العربية ولعل الأسئلة التي وجهها المحاور كانت بها أيضاً باللغة اﻷم (العربية) إلا أن عدم امتلاكه للحروف العربية بالكيبورد خاصته جعل منه مجاوباً باللغة الفرنسية.

كان قطّان من ضمن مؤسسي المجلات الأدبية للفكر الحديث، الوقت والضياء، كما كان محرراً لصفحة أدبية بجريدة الشعب إبان تلك الفترة. درس نعيم قطان في جامعة السوربون بباريس في الوقت نفسه حرص على مزاولة عمله كمراسل لجريدة الشعب لمدة قدرها سبع سنوات، باسم مستعار هو (موريس كلار) لأن مدير الجريدة الأستاذ يحيى قاسم أراد تفادي ذكر اسمه اليهودي. كتب قطان باسمه الحقيقي في جريدة الأديب لبيروت. وهذا الأمر لم يكن ذا امتداد صارخ فلم يعترف بالمسألة الإسرائية لذا ظل خارج هذه الحدود بكندا ملتفتاً إلى العراق بحسرة المشتاق. في عام 1950 لم يتم تجديد جواز سفره بالسفارة العراقية، لأنه بحوزته جنسية يهودية.

وفي السنة التي تلتها عام 1951 قامت عائلته، كمعظم العائلات اليهودية، بمغادرة العراق للذهاب إلى الدولة العبرية. في حين قرر قطان الهجرة إلى كندا منذ سنة 1954 وقضى معظم حياته بها. تولّى كاتبنا أعلى منصب ثقافي في كندا، بحيث أصبح مديراً لمجلس الفنون في كندا.

أول رواية له باللغة الفرنسية عام 1975م المعنونة «وداعاً بابل» ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، وبعد سنوات إلى اللغة العربية عن منشورات الجمل، ثم أصدر قطان روايته الشهيرة «فريدة» عن منشورات الجمل أيضاً 2006م

«وداعاً بابل» يستذكر الكاتب فيها حقبة واحدة في العراق وهي في أربعينات القرن المنصرم والتي تستعرض أيضاً الحالة المعاشة بين المسلمين واليهود في بغداد، ذات الأحداث المرتبكة إبان تلك الفترة.

•هل تجد نفسك فرانكونياً في ظل هذه التعابرات الثقافية أم إن اللاهوية هي الفعل الأكثر حضوراً ضمن مشغلك السردي؟

عندما وصلت إلى كندا أصبحت فرونكفونيا، قمت بنشر ثلاثة وخمسين كتابا باللغة الفرنسية في مونتريال وفي باريس حصلت على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة الأكاديمية الفرنسية، جائزة أكاديمية الملكية البلجيكية وأعلى وسام من كيبيك، جائزة أثاناز دافيد.

• كيف كانت بداية التحاور مع الآخر قطان بعدك أحد الفرانكفونين؟ وهل تتبنى الشروع بالفرانكفونية؟ وكيف كانت لثقافة الأم حضور فيما تدون؟

بدأت الكتابة الأدبية باللغة الفرنسية بتأكيد أصلي على أني من يهود بغداد في المقالات على أرض الواقع، في المسرح ورواية «وداعا بابل».

• الفرانكفونية إيديولوجية نيوكولونيالية بغطاء ثقافي/‏‏ تبادلي؟ إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا السؤال وهل من جواب شافٍ إليه؟

الثقافة الفرنسية عالمية، بالنسبة لي، وهي مطواعة لكل من يكتب باللغة الفرنسية.

• هل جاء التحاور مع الفرنسي من منطلق كولونيالي أم في مجال الرديف الاستيطاني بحيث أصبح الفرد تحت اليافطة العامة لهذه الدولة يشرع في تأثيث برنامجها العام؟

الفرانكفونية ليست حكرا على فرنسا فحسب. الكيبيك بالنسبة لي، أحد منازلي. لقد أصبحت كاتبا كيبيكيا كنديا.

• التعايش المفاهيمي أساس راكز في المشروع الفرانكفوني كيف تعلل ذلك؟

كندا رحبّت بي، وفتحت كل الأبواب. دون التنكّر لأصلي.

أعمل على ازدهار ثقافة هذا البلد، الذي أصبح موطنا لي.

• الدفاع عن الآخر بوصفه أنا؟ إلى أي مدى نجد الأثر فاعل في هذه الجغرافية التبعية؟

عندما أعربت عن أصلي، قام العالم كلّه باحتضاني.

• الانتشار الواسع للفرانكفونية جعل منها خطاباً موازياً للأنجلوسكسونية كيف يتم بيان الفروقات بينهما؟

الفرانكفونية تجاوزت الحدود الثقافية. بينما تعتمد الثقافة الأنجلوسكسونية على المجتمعات الثقافية المتميزة.

* «أنا عراقي وأتحدث الفرنسية»، هكذا قلت ذات مرة.. كيف لك أن تجد حضورك الثقافي في فرنسا بعدك كاتباً بلغتها؟

أملك ثقافة فرانكفونية ككندي من أصل عراقي.

• اللغة العامل الأبرز نحو أي إشهار مشروط هل يحيلنا إلى انضباط أكاديمي أو إيديولوجي؟

اللغة التي تعبّر عن الثقافة تعتبر حرّة، واللغة الفرنسية تمنحني حرية التعبير بلا حدود سياسية أو أيدلوجية عقائدية.

• أجد أن هناك نوعين من الفرانكفونية الأول مدافع عنها والثاني متملص من ثيابها هل للهوية العلاقة الرئيسية إزاء هذا السلوك؟ وإلى أي نوع بالإمكان أن نصرف أفعالك الكتابية والحياتية؟

لقد كتبت كتابا عن مدائن نشأتي، حيث أذكر أنني أملك ثلاث مدن لميلادي: بغداد، باريس، ومونتريال.

• التثاقف قائمة مهمة في هذا المنتج فهل يحتوي على صدام معهم أم أن مرحلة الصدامات الآن تم ترحيلها؟

تُعرض رواياتي، قصصي، أعمالي المسرحية في العراق، في العديد من البلدان بأوروبا، أمريكا، وآسيا.

كتبت مقالات عن العلاقات ما بين الشرق والغرب.

كما كتبت أيضا عن الأدب الكندي، أدب الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية.

•الهيمنة شروعاً فكرياً لأن الإيديولوجيا تبث أركانها بقوالب أكثر حكمة بعيداً عن الدماء، إلى ما تشرع ادعاءه هذا؟

أشعر، ككاتب، بالإنسانية جمعاء دون أية حواجز أيديولوجية.

• كيف كان أثر روايتك «وداعاً بابل» في فرنسا؟

نُشرت «وداعا بابل» ثلاث مرات في مونتريال، من ضمنها، واحدة كتاب جيب، مرتين في باريس، طبعة واحدة، كتاب جيب. وقد تُرجمت إلى اللغة العربية، والإنجليزية: طبعتان في كندا، طبعتان في الولايات المتحدة وطبعة في لندن. وتُرجمت أيضا إلى اللغة الإيطالية والإسبانية. وقد كتب مقدمة الطبعة الفرنسية الكاتب الشهير مايكل تورنيي. تمّ تقديم عدة أطروحات دكتوراه عن كتبي في العديد من البلدان: العراق، كندا، فرنسا، إيطاليا، اليابان، النمسا، ألمانيا، وصربيا.