976612
976612
تقارير

نعمة الغاز قد تكون نقمة على إسرائيل

06 أبريل 2017
06 أبريل 2017

محمد عابد - الأناضول: أعلنت شركة «نوبل» الأمريكية العملاقة، في 7 مارس الجاري، البدء بأعمال الحفر في حقل «ليفياثان» الإسرائيلي للغاز، ثاني أكبر حقل للغاز في حوض البحر الأبيض المتوسط، بعد حقل «الشروق» المصري.

يعني هذا أن التجاذبات حول الغاز الإسرائيلي، على الساحة الدولية، ستتضاعف في الفترة المقبلة، وقد تنتهي بتحويل تلك «النعمة» إلى «نقمة» على تل أبيب، ما لم تجد لغازها أسواقاً لا تصطدم فيها مع عمالقة الطاقة في العالم.

فمن الواضح أن السيطرة على مصادر الغاز وطرق تصديره، علاوة على أسواقه، يشغل حيزاً كبيراً من التأثير في سياسات واستراتيجيات عدد من القوى العالمية، أهمها روسيا، أكبر مصدر للغاز في العالم.

ولدى الحديث عن الغاز الإسرائيلي، فإن الأنظار تتجه مباشرة إلى السوق الأوروبية العملاقة، التي تحكم موسكو قبضتها عليها، نظراً لقربها وبعد غيرها عن الحقول الإسرائيلية، وهو ما يشكل تحدياً للإسرائيليين، في ظل سعيهم للحفاظ على علاقات قوية مع الروس.

وبالرغم من مساعي الإسرائيليين النأي عن أي صدام مع موسكو، إلا أن شركاءهم الأمريكيين لم يخفوا رغبتهم باستخدام غاز «ليفياثان» في التخفيف من اعتمادية الأوروبيين على الغاز الروسي، كما أشار إلى ذلك وزير الطاقة الأمريكي السابق، إرنست مونيز، في لقاء مع وكالة «بلومبرج» الاقتصادية، في أبريل الماضي. وفي خطوة لاستباق أي صدام، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للعب دور في تطوير حقول الغاز الإسرائيلية، وذلك في زيارة له إلى الكرملين في يونيو الماضي، الأمر الذي يعد مجاملة إلى حد ما، في ظل امتلاك «نوبل» الأمريكية حقوق تشغيل الحقول الإسرائيلية، وحصصاً تقارب الـ40% من عوائدها، ورفضها مشاركة الروس، وفق ما ذكرت صحيفة «جلوبز» الإسرائيلية في أبريل الماضي.

وبالرغم من توصل تل أبيب إلى حل مؤقت، يتمثل ببيع كميات من غازها من حقل «تمر»، الذي كان أهم حقل غاز إسرائيلي قبل العثور على «ليفياثان»، لكل من الأردن ومصر، إلا أنها ستضطر عاجلاً أو آجلاً للبحث عن موطئ قدم في أوروبا لتصريف غاز الحقل الجديد، خصوصاً مع اقتراب بدء القاهرة إنتاج الغاز من «الشروق».

وبالفعل، ففي يناير الماضي، قالت صحيفة «جلوبز»، إن مدير عام وزارة الطاقة بالحكومة الإسرائيلية، شاؤول ماريدور، توجه إلى بروكسل للقاء نظرائه من قبرص واليونان وإيطاليا، لبحث سبل نقل الغاز الإسرائيلي عبر أنانبيب إلى الأسواق الأوروبية.

سيعد ذلك، إن تم بدون مشاركة روسية، ضربة جديدة من تل أبيب لموسكو، قد لا تمررها الأخيرة دون رد هذه المرة، ففي عام 2013، وقع عملاق الغاز الروسي، غازبروم، مذكرة تفاهم مع الجانب الإسرائيلي، تقضي بشراء الروس 3 ملايين طن من غاز حقل «تمر»، بعد إسالته في منشأة روسية عائمة، الأمر الذي لم تصادق الحكومة الإسرائيلية على تنفيذه إلى اليوم.

ويزيد من تعقيد المشهد، وجود خيار آخر على طاولة صناع القرار في تل أبيب، تدفع باتجاهه لندن هذه المرة، ويتمثل في نقل الغاز الإسرائيلي إلى مصر لإسالته في منشآت شركة «مجموعة بي جي» البريطانية الخاصة بذلك، والتي تفتقر إليها تل أبيب، ومن ثم نقله إلى الأسواق العالمية.

الثابت في هذا المشهد أن كلاً من تلك الأطراف سيمارس ضغوطاً على إسرائيل، وخصوصاً موسكو، التي يتنامى حضورها في المنطقة، وفي السيطرة على أسواق الغاز كذلك، في الآونة الأخيرة، الأمر الذي قد يجبر تل أبيب على الموافقة على تسوية ما مع الروس قريباً.

فكميات الغاز في «ليفياثان» لن تشكل بالتأكيد تهديداً على روسيا، فأحدث التقديرات الإسرائيلية (صدرت في يونيو 2015)، تشير إلى وجود 467 مليار متر مكعب من الغاز في الحقل الإسرائيلي، أي قرابة نصف ما يحتويه حقل «الشروق» المصري (850 مليار متر مكعب)، إلا أن قربه من أسواق جنوب وجنوب شرق أوروبا، واحتمال العثور على المزيد من الغاز في شرق المتوسط، حتَّم على موسكو التحرك.

وتتهم روسيا بالدخول في حروب ونزاعات عدة، بشكل مباشر وغير مباشر، في سياق سعيها للسيطرة على قطاع الطاقة عالمياً، ومن ذلك تدخلها في أوكرانيا عام 2014، بعد صراع طويل بين الجانبين حول أنابيب الغاز التي توصل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا. ولا يخلو التدخل الروسي في سوريا، عام 2015، من ذلك البعد، حيث يشكل الساحل السوري الميناء الأهم لشحن مصادر الطاقة من العراق وإيران إلى الأسواق الأوروبية، الأمر الذي قد يتكرر في ليبيا ذات الثروات الكبيرة، مع أنباء عن بدء تدخل موسكو في الصراع الليبي.

كما استحوذت شركة «روسنفت» الروسية، في ديسمبر الماضي، بعد مساع حثيثة، على 30% من حقل «الشروق» المصري، في صفقة مع «إيني» الإيطالية، التي اكتشفته عام 2015، والتي كانت تحظى بـ90% من ملكيته.