969292
969292
العرب والعالم

الاتحاد الأوروبي يتسلم رسالة خروج بريطانيا رسميا

30 مارس 2017
30 مارس 2017

بعد استفتاء استمر 9 أشهر -

بروكسل - لندن - (رويترز - أ ف ب): تلقى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أمس رسالة من تيم بارو سفير بريطانيا إلى التكتل تؤكد عزم لندن الخروج منه.

وتطلق رسالة الإخطار الرسمي التي تسلمها توسك في مكتبه بحضور الصحفيين عملية تستمر عامين لفض الارتباط بين التكتل وبريطانيا بموجب الفقرة 50 من معاهدة لشبونة التي أنشأت الاتحاد.

وكانت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي وقعت رسالة الإخطار أمس الأول لتدخل البلاد مرحلة مجهولة وعامين من المفاوضات الغامضة التي ستشكل اختبارا لتماسك الاتحاد الأوروبي.

وبعثت ماي بالرسالة إلى توسك بعد تسعة أشهر على الاستفتاء الذي قرر بموجبه البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي انضموا إليه عام 1973.

وقالت ماي أمام النواب في البرلمان «المملكة المتحدة تغادر الاتحاد الأوروبي.

إنها لحظة تاريخية لا رجعة عنها».

وفي هذه المرحلة تواجه ماي (60 عاما) مهمة أصعب من أي سلف لها في التاريخ المعاصر تتمثل في الحفاظ على وحدة البلاد في وجه تجدد مطالب الاسكتلنديين بالاستقلال وإدارة محادثات شاقة مع 27 دولة أوروبية في الشؤون المالية والتجارية والأمنية وغيرها من القضايا المعقدة.

وترسم نتيجة المفاوضات مستقبل الاقتصاد البريطاني أكبر خامس اقتصاد في العالم ويبلغ حجمه 2.6 تريليون دولار وستقرر ما إذا كانت لندن ستحتفظ بمكانتها كأحد أكبر مركزين ماليين في العالم. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي ينوء تحت ثقل الأزمات المتتالية جراء الديون واللاجئين، يشكل خروج بريطانيا أكبر ضربة له خلال ستين عاما من جهود إقامة وحدة أوروبية بعد حربين عالميتين مدمرتين. وفي غضون 48 ساعة سيرسل توسك مسودة الخطوط العريضة للمفاوضات إلى أعضاء الاتحاد الآخرين البالغ عددهم 27 دولة يلي ذلك اجتماع لسفراء هذه الدول في بروكسل لمناقشة المسودة.

وقال توسك: إن الاتحاد الأوروبي سيسعى إلى تخفيض كلفة هذه العملية على المواطنين والشركات الأوروبيين مشددا على رغبة بروكسل في التوصل إلى انسحاب منظم لبريطانيا.وتوجه إلى بارو بالقول «نفتقدكم بالفعل. شكرا ووداعا».

وقالت ماي في إخطار الخروج «علينا أن نعمل سويا من أجل الحد من الارتباك وبث أكبر قدر ممكن من الطمأنينة» معبرة عن رغبتها في إبرام اتفاقية طموحة للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.

وأضافت «إذا غادرنا الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاقية فان الوضع الأمثل هو اعتماد شروط منظمة التجارة العالمية».

وعبرت ماي عن رغبتها في إتمام عملية الخروج والمفاوضات بشأن العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي في غضون عامين غير أن الزعماء الأوروبيين اعتبروا أن هذا الأمر سيكون صعبا.

وقال مارتن شيفر المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية «الإطار الزمني ضيق للغاية.»

وأكدت ماي أنها تعرف أن يوم إطلاق عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون حافلا بالاحتفالات للبعض وبخيبة الأمل للبعض الآخر.

وقالت أمام البرلمان «الآن بعد اتخاذ قرار المغادرة وبدء العملية حان الوقت للم شملنا».

واعلان اطلاق هذا الانفصال غير المسبوق في تاريح الاتحاد الاوروبي الذي احتفل للتو بالذكرى الستين على تأسيسه أكدته تيريزا ماي امام النواب في برلمان ويستمنستر.

وقالت ماي انه «لا عودة إلى الوراء» عن هذه الخطوة داعية البلاد إلى «الوحدة».

ولا تزال بريطانيا تشهد انقساما كبيرا بين مؤيدي ومعارضي خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي الذي أيده 52% من السكان في 23 يونيو 2016.

ونشرت الحكومة البريطانية أمس الأول صورة للحظة توقيع ماي على الرسالة التي ستغير مصير بريطانيا.

وتبدو فيها رئيسة الحكومة جالسة الى طاولة أمام مدفأة تعلوها صورة لروبرت والبول رئيس الوزراء بين 1721 و1742. وتصدرت الصورة الصفحات الاولى لعدة صحف أمس.

وكتبت «ذي تايمز» أن «التاريخ يراقبنا» بينما عبرت «ذي غارديان» عن الخوف من «قفزة في المجهول»، وكتبت «ديلي ميرور» من جهتها «ايها الاتحاد الأوروبي العزيز، حان وقت الرحيل».

أما الصحف المشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي فكانت سعيدة بالحدث وعنونت «ديلي ميل» «الحرية!» وكتبت «ذي صن» على صفحتها الاولى «وداعا دوفر».

«عراقيل منذ الآن»

تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، والتي تنص على خروج دولة عضو من الاتحاد الأوروبي يعتبر ساريا اعتبارا من اللحظة التي تسلم فيها توسك الرسالة باليد. لا يزال مضمون الرسالة سريا، اذ تحرص بريطانيا على عدم الكشف عن الحجج التي ستستخدمها في المفاوضات التي ستدوم عامين.

لكن المحللين يرون أن هذه المهلة قد لا تكفي لفك الروابط التي نسجت على مدى أربعة عقود والملفات المعقدة التي سيتم التباحث بشأنها سواء على صعيد التجارة او القضاء او القضايا الإنسانية.

تقول كاثرين بارنارد استاذة القانون الأوروبي في جامعة كامبدريج «الحقيقة أن النطاق واسع إلى حد أن عامين لن يكونا كافيين ابدأ»، مضيفة «عند ازالة كل عثرة، سيظهر غيرها».

أما كامينو مورتيرا مارتينيز الباحثة في مركز الإصلاح الأوروبي في لندن فتتوقع «على الأرجح» ألا تنتهي المفاوضات في غضون عامين.

وتقول باتريسيا هوغوود استاذة العلوم السياسية في جامعة وستمنستر «هناك عراقيل منذ الآن»، قبل انطلاق المفاوضات حتى، مشيرة الى الكلفة التي ستترتب على الخروج من السوق الأوروبية والدخول اليها من جديد.

وترفض ماي ضمان حقوق نحو ثلاثة ملايين أوروبي يقيمون في بريطانيا بينما هدفها الأساسي يقوم على الحد من الهجرة القادمة من الاتحاد الأوروبي.

وألمح الوزير المكلف ملف بريكست ديفيد ديفيس إلى أن لندن لن تدفع الفاتورة التي سيقدمها الاتحاد الاوروبي او على الأقل لن تدفعها كاملة خصوصا في ما يتعلق بالبرامج التي التزمت بها بلاده قبلا.

وقال مسؤول أوروبي كبير إن المفوضية الأوروبية قدرت قيمة الفاتورة بين 55 و60 مليار يورو.

«وضع حد لهذا الجنون»

إزاء هذه الخلافات ورغبة بروكسل في التأكيد على ان بريطانيا لا يمكنها الحصول على اتفاق افضل «خارج الاتحاد الأوروبي مما لو كانت في داخله» وذلك لتفادي انتقال عدوى الخروج إلى دول أخرى، هناك مخاوف فعلية بعدم التوصل إلى اتفاق.

تؤكد ماي أنها لا تخشى هذا الاحتمال، وتقول «عدم التوصل إلى اتفاق افضل من توقيع اتفاق سيء». لكن الأوساط الاقتصادية ترى أن ذلك سيكون السيناريو الأسوأ بما ان نصف المبادلات التجارية لبريطانيا تتم مع الاتحاد الأوروبي.

في الوقت الحالي، الاقتصاد البريطاني متين، فنمو إجمالي الناتج الداخلي ثابت عند 1,08% في العام 2016، ويمكن أن يبلغ 2% في 2017.

لكن تفعيل بريكست يمكن أن يحمل بعض المستثمرين على الرحيل في الوقت الذي بدأت الأسر تشعر بتأثير التضخم الناتج عن تراجع سعر العملة الرسمية.

كما أن الخلافات المرتبطة بالتصويت لا تزال قائمة ويمكن أن تهدد حتى وحدة المملكة المتحدة.

فقد تظاهر عشرات آلاف الأشخاص السبت في لندن لمطالبة الحكومة بـ»وضع حد لهذا الجنون» المتمثل بخروج البلاد من الاتحاد الاوروبي.

وفي اسكتلندا، وافق النواب أمس الأول على إجراء استفتاء جديد حول الاستقلال بعد الاستفتاء الاول في سبتمبر 2014.

وأعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أن «الظروف تغيرت مع بريكست» مذكرة بان شعبها صوت بنسبة 62% لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.

وان كانت ماي تكرر بان «الوقت ليس مناسبا» إلا أنه لن يكون بوسعها تجاهل هذا الطلب الذي يهدد بتقسيم المملكة المتحدة.