salem
salem
أعمدة

نوافـذ :بيت آيل للسقوط

27 مارس 2017
27 مارس 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

لم تعد القمم العربية تجذب اهتمام المواطن العربي من الخليج إلى المحيط، كما كان وهجها الذي انطلق نهاية النصف الأول من القرن الماضي في 1946 التي سجلت 27 قمة اعتيادية، و9 قمم طارئة، و3 قمم اقتصادية.

لم يعد ينتظر المواطن العربي من القمم العربي ما يرجوه، بعد أن أصابه بعض من الملل والأسى الذي وصل إليه، لأنه استشعر أنها أقل من أحلامه وأصغر من أمانيه، وأن ما كان يرجوه أكبر وأعظم وأوسع من القرارات التي تصدرها أمانة الجامعة قبل انطلاق قممها بأيام.

يشعر المواطن العربي بشيء من الإحباط، من زعاماته وحكوماته ومن خلافاتهم ومن تحالفاتهم مع الغير، ومن انعدام الثقة بينهم ومن انشغالهم بمصالحهم الداخلية، على حساب القومية العربية التي بقيت شعارا فقط في دفاتر طلابنا وأحلاما في أدمغة شبابنا.

طال انتظار المواطن العربي أملا في نتائج قرارات اتخذتها القمم العربية يقربه من أخيه سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا، بل بالعكس تشرذم الوطن الكبير وعاد اليمن ليقترب من يمنين، والعراق إلى قطع على الرافدين، وليبيا إلى دويلات وعشائر، وسوريا إلى مرتع للإرهاب، لأن العرب اختلفوا معه واتفقوا بعضهم معه، فالمقاومة في نظر البعض أصبحت إرهابا والدفاع عن الحدود مع إسرائيل خيانة، ونصرة الجار «غير الشقيق» للشقيق حتى لا يسقط اعتبر انتصارا للمذهب، فيما العرب يوغلون جراح بعضهم البعض في الساحات الأربع، وينحرون بعضهم بعضا أينما وجدوا دون أي مبرر.

وبدلا من أن يتحدوا أمام عدو غاصب، يقتل أبناءهم كل يوم، وينكل بأهلهم كل ساعة، ويمنع عنهم الهواء والماء، ويغتالهم كل دقيقة ويذرف دموعهم كل حين، اتحدوا للأسف أمام شقيق يحتضر ليعجلوا من نهايته، وليطردوه من بيت أبيهم، فيما لم يطرده أبناء جنسه من البيت العالمي الذي كانوا فيه أرحم من أبناء جلدته.

لم تمزق الأمة ولم تمر عليها أيام حالكة كما هي اليوم، ولم يعش العرب أسوأ فترة كما هي اليوم، ولم يختلفوا ثم تباعدوا ثم تناحروا، ثم صفوا بعضهم بعضا بالحراب كما يحدث اليوم، لأنهم اختلفوا في المواقف والمصالح والحسابات.

فكيف للجامعة أن تعيد هذه الأمة إلى جادة الصواب؟ ومتى؟، وكم نحتاج من شهداء لنعود إلى صوابنا؟، وأين يمكن أن يلتقي العرب وعند أي تقاطع؟، وهم الذين يمتدون على مساحة 13،333،296 كم² وبعدد سكان يناهز 400 مليون نسمة من شرق الوطن الكبير إلى غربه. ما الثمن الذي سنقدمه لنعود إلى إرادتنا وإلى استعادة بوصلتنا؟ وما إمكانيات جامعتنا لتجمعنا تحت سقفها مرة أخري؟

الحال العربي ليس ورديا، بل قانيا بلون الدم، وليس أبيض كورد نقي، بل حالكا كسواد ليالي حصارية تفتقد إلى القمر.

الجامعة نفسها تحتاج إلى عملية إعادة بناء بمنظومة حديثة، وليس كما هي عليها الآن تجاوزها الزمن، وتحتاج إلى فكر ناهض، إلى رؤية عصرية ابتكارية إبداعية مستقبلية، وإلى قيادات تستطيع أن تجمع ولا تفرق، وأن توحد ولا تختلف إلى مستقبل يعيد للمواطن العربي وعيه الذي فقده منذ سنوات.