صحافة

الحياة الجديدة: معركة الكرامة وذاكرتها المتجددة

24 مارس 2017
24 مارس 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب يحيى رباح، مقالاً بعنوان: علامات على الطريق - معركة الكرامة وذاكرتها المتجددة، جاء فيه:

وقعت معركة الكرامة في الحادي والعشرين من مارس عام 1968، وكانت هزيمة يونيو التي تعرضت لها مصر وسوريا والأردن لم يمض عليها سوى أقل من عشرة أشهر فقط، حتى ان موشيه دايان وزير حرب إسرائيل كان يكرر مقولاته العبثية التي قال فيها (إن حركة فتح كالبيضة في يدي استطيع كسرها متى أشاء) وكان يقول (إنني اجلس في مكتبي بالقرب من جهاز الهاتف، انتظر أن يقرع في أي وقت، لأسمع الزعماء العرب يطلبون الاستسلام بلا قيد او شرط)، لكن الأمة العربية كان لها رأي آخر، وجاءت معركة الكرامة التي خاضتها حركة فتح بشكل أساسي، وتحملت قرارها وأعباءها الباهظة، وشارك فيها الجيش الأردني ببسالة تفوق التوقعات، إذ إن قرار المعركة كان أبعد حتى من قوانين حرب العصابات، وكان اليائسون الذين يوجد مثلهم في كل مكان وزمان قد انسحبوا من المعركة على اعتبار أن خوضها يعتبر انتحارا، ولكن فتح التي كانت تسعى لتبديد هزيمة يونيو من خلال خلق معطيات جديدة أصرت على القتال ولم تقع ضحية لسيناريوهات الـ «سندروم» المسيطرة، وقد تمخضت معركة الكرامة عن انتصار كبير، لأن نتائجها من الدبابات الإسرائيلية المدمرة، وجثث الجنود القتلى لم يكن بالإمكان إخفاؤها، فقد تم استعراضها في عمّان وسط حضور شعبي كبير، برغم أن قرار فتح بخوص المعركة كلفها عشرات من القتلى الذين كانوا من عناصر النخبة، وقد استطاع أولئك أن يثبتوا ان عامل القوة متغير في المكان والزمان، فالهزيمة في عام 1967 حل بدلا منها النصر في الكرامة، ومقولات الجنرال الإسرائيلي دايان التحقت بالوهم، وإرادة الحضور القوي أصبحت هي الصمود والتصدي وحرب الاستنزاف التي قادت إلى انتصارات أكتوبر عام 1973، التي أعطت شهادة ميلاد أخرى للوجود الفلسطيني في مسيرة البقاء، وتحقيق الأهداف الكبرى. قبل الكرامة كان الوضع العربي يعاني من اختلالات كثيرة، فجرح الهزيمة كان غائرا والشماتة بين دول المنطقة كانت متبادلة، والدعوات إلى اليأس كانت صاخبة، والألعاب الضارة من بعض الأطراف كانت علنية ودون حياء ولو بالحد الأدنى، لكن معركة الكرامة بشهدائها الأبطال، ونموذج الصمود الذي أكدوه، وبتضامن أبطال الجيش الأردني معهم، خلق معايير جديدة تعلو فوق صوت اليائسين، ولهذا نحن نحتفل بذكرى الكرامة، لأنها تجسد الوفاء للرؤى الصائبة:- تدحر: الرؤى المرتبكة والعاجزة، وتجسد الوفاء لصورة المناضلين الذي يثقون بأنفسهم مهما كانت مخاطر الطريق.