abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: الـ «أنا»

22 مارس 2017
22 مارس 2017

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

لكل كلمة تخرج من الأفواه معنى يدل على المقاصد من قولها، وتجعل من تلك الكلمة مع تكرارها أو الزيادة عليها ببضع كلمات أخرى معان وفوائد، يستفيد منها صاحبها، ومن يسمعها أو يأخذ بها، ويدرك المعنى الحقيقي من قولها أو التلفظ بها وفق دلالتها في المعنى. سوى كلمة واحدة التي ليس لتكرارها من ذات الإنسان وإن اختلفت مواقف قوله لها، فهي تعبر عن دلالة واحدة، هي الأنانية الممقوتة التي تسلب صاحبها الحق المزعوم بأنه هو ولا أحد سواه.

اعتاد الناس أن يتحدثوا عن ذواتهم بكلمة الـ«أنا» بشكل مباشر أو بالضمير الدال عليها، والأكثر شيوعا تلك الـ«أنا» المربوطة بحبل العلم المزعوم، الذي كان يفترض أم يجرد صاحبه من تلك الكلمة بتواضع يحبب من هم حوله منه، لا بـ الـ«أنا» التي تدرك بالتعالي والتفاخر بالعلم، والذي هو في حقيقته لربما ليس له وجود سوى على قطعة ورقية مختومة بالشمع الأزرق أو المبطن بالحفر على تلك الورق بدائرة مذهبة.

فمن يمتلك العلم ترفع عن تكرار الـ«أنا»، وجعلت من نفسه تستعيذ من تلك الكلمة الممتزجة بالتعالي والتفاخر، في حين أن المحيط به يعلم تمام العلم بأنه لا يساوي شيئا في نظر من يمتلكون العلم الحقيقي، في زمن إن صح التعبير بالقول عنه بأنه زمن الشهادة الورقية، لا الشهادة بالتزكية بين بني قومه، فهو بدونها لا شيء.

الغريب في كل هذا وذلك أننا نحن البشر من رفع قدر مثل هؤلاء المتعالين بالـ”أنا”، الصادحين بها في كل محفل أو مناسبة، لتكون لهم الكلمة الخالدة أكثر من أي شيء آخر، بزعمهم أنها حق مشروع بعد تمكنهم من نيل الشهادة العلمية، التي كما قلت يفترض بأن تكون على القاعدة «من تواضع لله رفعه». لنكون نحن في ذات القارب المنتقد من القول، والمسؤولين مسؤولية أكبر من قائل تلك الكلمة التي ننفر منها، سوى في موضع الدفاع عن النفس في حقيقة قد يغيبها الظلم.

مع اليقين بأن من يكثرون استخدامها في دلالة الكلمة عن ذواتهم هم في الحقيقية ظالمون قد مارسوا الظلم وبات المنهجية التي جعلوا لأنفسهم الحق في التعالي بالـ«أنا»، وهو العلم المزعوم بتلك الشهادة ، أو ذلك اللقب المرتبط بتلك الشهادة، فما أجمل العلماء بلا ألقاب، وما أجمل المستعيذين من الـ«أنا» قولا وفعلا.