salem
salem
أعمدة

نوافـذ :وطن يحلم بالغد

20 مارس 2017
20 مارس 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

بين أوساط المتابعين لأحوال السلطنة الاقتصادية، يتردد الكثير من المقارنات بين بلدنا وبلدان أخرى، أكانت مجاورة أم في قارات أخرى، هذه المقارنات ناتجة عن حرص أغلب تلك الأوساط على أن تكون السلطنة في وضع اقتصادي أفضل حالاً، وهنا يقصد أن يكون لديها بدائل عن النفط الذي هوى بأحلام الجميع واعطل عمل المؤسسات التي كانت في يوم ما قائمة على الحركة الاقتصادية الدائرة بين أفراد المجتمع.

لن ندخل في أرقام وإحصاءات ومقارنات فالأزمة لم تتضرر منها السلطنة فقط، بل كل دول العالم القريب منها والبعيد، لكن هناك تفاوتا في ذلك الضرر يعتمد على قدرة الدول في البقاء مندفعة نحو مستقبلها مستفيدة من موارد أخرى غير النفط، فيما أخرى تواجه صعوبة الاستمرار لأنها لا تتوفر لها موارد بديلة كافية ومنها السلطنة وهذا ما يزعج هذه الفئة من المتابعين.

نعم لا نتفق مع البعض من التابعين للشأن الاقتصادي عندما تتم مقارنة دولة بأخرى، فكل واحدة منها لها مقوماتها، فهناك من الدول من يتفوق سياحيا وتجاريا واقتصاديا وتعليميا، لأن كل بلد له خصائصها، فقد لا تتوافق بعض الخصائص والتسهيلات التي تقدم للمستثمرين مثلا في بعض الدول.

نعم هناك تفوق لدول في الجانب التجاري في المنطقة، لأنها لم تنشغل بإنشاء طريق يبلغ 1200 كيلو متر، وتوازيه خطوط نقل الطاقة والهواتف والاتصالات والخدمات، لأن تلك الدول لا تكاد تزيد مدنها عن 4 هي محدودة جدا، قد لا تصل مساحة كل مدينة إلى 20 كيلو مترا طولا في 20 كيلو مترا عرضا، تضخ في إعداد البنية الأساسية لها عشرات الملايين من الريالات، لأن عوائدها النفطية تقترب من الـ 5 ملايين برميل يوميا واكثر بعضها عن 10 ملايين برميل يوميا، فيما لدينا اقل من مليون برميل يوميا وهذا أشبه بالإنجاز في إعلاء دولة من هذا الطراز بتلك الإمكانيات خلال 46 عاما.

نعم ليس هذا طموحنا ونرى أن المستقبل يحتاج إلى بدائل فورية للنفط، حتى لا نقع فيما وقعنا فيه خلال هذه الأيام، التي تعاني فيها مؤسسات القطاع الخاص من خطط التقشف المفرط ولإغلاق وقبلها مؤسسات الدولة، لا أحد يريد لهذه البلد أن تصل الى هذا التراجع، لكنها أسعار النفط التي خانت الجميع.

لدينا بعض القصور وبعض البطء وبعض التراخي خلال السنوات الماضية، نعم لدينا عدم وجود المسؤول الكفء في المكان المناسب إلا فيما ندر، ولدينا بعض المحسوبية والمجاملة في إعداد القيادات لإدارة مرافق الدولة، ولدينا نظرة أن المستقبل لن يكون أفضل لأبنائنا دون أن نستعد له أو نقدم له جديدا أو ابتكارا أو فارقا يضيف قيمة ما.

لدينا قصور كبير في بناء الصناعة والزراعة والسياحة وفى الاستثمارات الخارجية ولأنها كلها ضعيفة فإن عوائدها أضعفت الدولة ولم تسندها في محنة كهذه.

فالموارد التي لدينا قليلة ولا بدائل لموارد النفط وهذا انكشف بقوة في الأزمة الراهنة، ولن تكون الأخيرة وهذا ما سيجعلنا في وضع صعب للغاية اذا ما تكررت مثل هذه الأزمات، كما حدث في تسعينات القرن الماضي و ٢٠٠٨ و٢٠١٦، نظراً لعدم وجود تنوع لها تسند بعضها البعض في الأيام السوداء، مما أوجد حالة الخلل الاقتصادي الذي يعد روح الدولة.

لذلك نحتاج إلى جرعات وخطوات أكثر جرأة في الفترة القادمة لتنشيط التجارة والاستثمار والاقتصاد والسياحة وكذا الزراعة وأيضاً في الإدارة التي هي أساس أي عمل ناجح.

نعم نتفق مع المتابعين بضرورة إعادة النظر في أشياء كثيرة و العمل على تسهيل وتبسيط الإجراءات ودفع الكوادر الشابة إلى مناصب القيادات العليا، وفتح المجال أمام العالم في حرية القدوم بشكل أكثر سلاسة مع بعض الضوابط الحافظة، وإيجاد أسعار تنافسية في خدمات الموانئ والتخزين والدعم اللوجستي، والمطارات والفنادق والمعاملات والحكومة الإلكترونية وتسريع خطوات منح المحافظات المساحة التنافسية بينها لتبدع كل منها بإمكانياتها المتوفرة في تطوير ذاتها، وفتح المجال فيها لتبني الأفكار الإبداعية الجديدة في إدارة الدولة، والنظر إلى المستقبل على أنه التحدي الأكبر لنا.