issa
issa
أعمدة

الصكوك الإسلامية وكيفية الاستفادة منها 1- 2

19 مارس 2017
19 مارس 2017

عيسى بن سالم الريامي/ مدير وحدة الامتثال الشرعي ميثاق للصيرفة الإسلامية - بنك مسقط -

إن من أبرز قطاعات الاقتصاد الإسلامي التي تشكل اليوم رافدا مهما في الاقتصاد المحلي هي البنوك الإسلامية وشركات التأمين التكافلي والصكوك وقد ساعدت الجوانب التشريعية الحاكمة لها بزيادة نموها كقطاعات داعمة للتنمية المحلية وفي هذه الأسطر أود أخذ القارئ الكريم في مجال الصكوك الإسلامية كأداة استثمارية مهمة للأفراد حيث يعتقد البعض أن الاستثمار فيها يقتصر على الشركات ولمزيد من تقريب الصورة فقد لخصت عددا من القراءات والمطالعات فيما يأتي لنقترب أكثر من ماهية الصكوك وتعريفاتها وكيفية استفادة الأفراد منها ومزاياها وضماناتها ومخاطرها وأنواعها وأوجه المقارنة بينها وبين السندات والأسهم.

فالصكوك صيغة تمويلية مبتكرة تتميز بقلة المخاطر والمرونة في إصدارها وتداولها كما أنها مجازة من مجامع الفقه الإسلامي وتشرف عليها هيئات للرقابة الشرعية ، وتخضع للرقابة من قبل جهات الاختصاص الحكومية وفقا للتشريعات والقوانين المنظمة لها والتي تكفل في المقام الأول حقوق المستثمرين وفي وقت قصير منذ نشأتها أصبحت الصكوك خيارا مفضلا وبديلا عن السندات وذلك لمزاياها ومنافعها سواء على صعيد الحكومات أو الشركات المصدرة للصكوك أو المستثمرين وتشير بعض الدراسات إلى أن الصكوك الإسلامية لها مستقبل كبير متنام حيث توصي بالعمل بها كبريات المؤسسات التمويلية في العالم.

ومن أهم إسهامات الصكوك الاستثمارية هو تحقيق التنمية لعدد من الدول الإسلامية والعربية والغربية حيث ساهمت مباشرة في إقامة وتمويل المشروعات الحكومية العامة أوفي تحديث البنية الأساسية وكذلك تمويل بعض المشاريع الكبيرة للشركات وللبنوك دون الضغط على الميزانيات حيث لا يتأتى القيام بمثل تلك المشاريع إلا بتوفير مبالغ كبيرة لإنجازها كونها مشاريع ضخمة عالية التكاليف وذات جدوى مدروسة ومخططة، بل الصكوك في ذاتها وديناميكيتها تعد حلا لمشكلات المديونية والعجز المالي ، وساعد في تحقيق ما تقدم جاذبية هذه الأداة التمويلية للمستثمرين - من الشركات والأفراد - لمزاياها العديدة التي تحقق المصالح الفردية والمجتمعية والاستراتيجية ومن أقرب الأمثلة التي تدلل على ذلك هو تجاوز قيمة الطلبات على البرنامج الأول للصكوك السيادية العمانية نسبة 68% من حجم الإصدار البالغ 200 مليون والتي تم طرحها في الربع الأخير لعام 2015م .

كما أن صكوك الاستثمار الإسلامية مهمة جدا بالنسبة للبنوك الإسلامية وشركات التأمين التكافلي وشركات الاستثمار الإسلامية وذلك في إدارة سيولتها حيث تستثمر فوائضها المالية في الصكوك وتسيّلها متى ما احتاجت للنقد عن طريق بيعها في السوق الثانوية (أسواق المال) ، كما أنها أداة فاعلة في إدارة الموجودات والمطلوبات حيث يمكن للمؤسسة المالية أن تطلق صكوكا في حالات قلة السيولة دون اللجوء لزيادة رأس المال ومن شأن ذلك تحسين كفاية رأس المال بتوفير سيولة من خارج الميزانية.

والآن لنتعرف على معانى كلمة «الصكوك» هي جمع «صك»، وفي اللغة «الصك» هو وثيقة بمال أو نحوه، وقد اصطلح القانونيون على أن الصك: هو وثيقة تثبت حقا أو تمثل حقا، كما أن كلمة «صك» تطلق على المحررات الرسمية المنشئة والمثبتة للحقوق الصادرة عن المحاكم ودوائر الكتاب بالعدل وقد تعارف الناس في عمان على تسمية اتفاقيات الصلح والإقرارات ونحوها من المحررات العرفية بالصكوك .

وفي اصطلاح الاقتصاديين فإنّ الصك هو: وثيقة تثبت ملكية صاحبها لموجودات حقيقية، وقد أفردت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية معيارا مستقلا للصكوك الاستثمارية - المعيار رقم 17- وعرفتها بأنها: (وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله).

كما عرّف الصكوك مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته 19وفقا للقرار رقم 178 (19/‏‏‏4) بأنها: ( وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أعيان أو منافع أو حقوق أو خليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون) قائمة فعلاً أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه).

ولتقريب الصورة بشكل أوضح لنتعرف على الفكرة التي تقوم عليها ، وقد سبق وذكرنا أن الصكوك هي وثائق تمليك لموجودات حقيقية وهذه الموجودات (أصول أو منافع) مقسمة إلى أجزاء متساوية القيمة وكل صك يمثل إثبات تملك لجزء واحد من تلك الموجودات. هذا يعني أن حامل الصك يساهم بقيمته ويصبح شريكا حقيقيا في الأصول التي تندرج في الصكوك. وعليه فيمكن لذوي المدخرات القليلة والكبيرة أن يشارك في ملكية الأصول التي صككت بناء على عقد شرعي ويكون له حصة مشاعة في تلك الأصول وكونه شريكا فيستحق نصيبا من الأرباح المشتركة - طيلة فترة سريان الصكوك - الناتجة عن تثمير تلك الأصول المصككة بمقدار الحصة التي يمتلكها وعند إطفاء الصكوك بنهاية مدتها فإنه كذلك يسترد قيمة حصته حيث تقوم الجهة المصدرة للصكوك بشراء الأصول المصككة وذلك بناء على تراضي الطرفين إما بالقيمة السوقية أو بالسعر الذي يتفقون عليه وفقا للآلية المصرح بها في نشرة الإصدار ، فيتحصل حامل الصك (المستثمر) على حصته من تصفية الموجودات بالإضافة إلى الأرباح التي تحققت له مدة سريان الصكوك وكل ذلك يتم بعمليات حسابية دقيقة ذات مستوى عال من العدالة.

وهذه الشراكة في الأصول المصككة مبنية على قاعدة «الغنم بالغرم» أي يكون المستثمرون شركاء في الربح المتولد عن الاستثمار وشركاء كذلك في ارتفاع قيمة الصكوك في الأسواق المالية، وفي حال وقوع خسارة - لا قدر الله - بدون تعد أو تقصير أو إهمال من الجهة المصدرة للصكوك فإن حملة الصكوك يتقاسمونها بمقدار مساهمتهم في الاستثمار ،ويتوجب التنبيه إلى أن الخسارة في مثل هذه المشاريع الاستثمارية عادة ما تكون في أدنى مستوياتها وذلك لدراسات الجدوى التي تسبق عملية إطلاق الاكتتاب في الصكوك وللضمانات القانونية والائتمانية التي تتوفر للأصول المصككة كما أن تصميمها أصلا يكون بعناية فائقة بقصد تحقيق الربح.