أفكار وآراء

تحفيز الاستثمار وضرورة التخلص من الروتين

18 مارس 2017
18 مارس 2017

عبد الله العليان -

في الآونة الأخيرة زارت اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى محافظة ظفار، وشمل برنامجها زيارات للعديد من المنشآت والموانئ وغيرها، ومنها اللقاء برجال الأعمال ورائدات الأعمال بمحافظة ظفار بفرع غرفة تجارة وصناعة عمان بصلالة، وقد طرحت في هذا اللقاء العديد القضايا والملاحظات التي تهم الاقتصاد والتجارة، والكثير من القضايا التي تحرك هذا الجانب، وتدفعه بصورة أكبر أمام أصحاب السعادة أعضاء اللجنة، وكيفية وضع الحلول للعديد من الموضوعات التي تواجههم، وكيفية معالجتها، من خلال مجلس الشورى ولجانه المختصة. والذي لفت نظري في هذا اللقاء من خلال الأسئلة التي طرحت على أعضاء اللجنة من جانب بعض رجال الأعمال، مسألة الروتين والبيروقراطية المعيقة في بعض الأحيان،من بعض الوزارات والهيئات الحكومية، مع أن التوجه العام للدولة منذ سنوات، يؤكد على أهمية تبسيط الإجراءات وتسهيلها، بما يسهم في الإسراع بتنفيذ كل المهام التي تجعل الأعمال أكثر سرعة وإنجازاً، والحقيقة أن الروتين والبيروقراطية، عانت وتعاني منه دول عديدة، ولا تزال هذه البيروقراطية، عاملاً مهما في تخلف الإدارات وتراجعها عن إزالة الخلل في هذا الجانب، وتأخر الكثير من الجوانب التي تسهم في إعاقة الكثير من الجوانب الدافعة للإنجاز . وقد كثر الحديث منذ فترة حول مسألة الروتين وسلبياته، الذي يؤثر على حركة النشاط التجاري، ويسهم في إثارة عقبات أمام بعض المستثمرين، ومن هذه الإشكالات التي يعاني منها رجال الأعمال أحيانا، مسألة تأخر دفع مبالغ شركات المقاولات التي تعاني بسبب ذلك في عملها وحركة عمالها، مما يؤثر على عملها بالطبع، وتوقف بعض العمال عن عملهم أحيانا، عندما لا يحصلون على حقوقهم كاملة، وكما سمعنا هناك تحرك لإنهاء هذا الأمر، وتسهيل دفع مبالغ هذه الشركات حسب جدولة الإنجاز، دون أن يتم التأخير أكثر مما ينبغي، وقد عانت بعض الشركات، بل ان بعضها توقف عن العمل، بسبب هذه الإشكالات المالية. والحقيقة أن القضاء على الروتين الإداري والمالي، ووضع نظم وقوانين تبسط في الإجراءات مهمة وضرورية، خاصة أن بلادنا مقبلة على خطط وبرامج جديدة ضمن البرنامج الوطني لتعزيز الاستثمار، وضمن هياكل ونظم جديدة تحتاج معها الجهات المعنية، الى استئصال عقبات الروتين والبيروقراطية تماما، لأننا بحاجة إلى سهولة حركة وسرعة في تخليص المعاملات في أقل فترة، وهذه من أهم الأشياء التي تجعل الاستثمار في بلادنا نموذجا ميسرا لكل الإجراءات دون إبطاء، وهذا في حد ذاته من الأولويات التي تجعل المستثمرين أكثر إقبالاً وحماسة على الاستثمار.

ولعله من أولى الخطوات التي يجب وضعها موضع التنفيذ، هي تبسيط الإجراءات وتسهيلها، و قد حظي هذا الأمر بالكثير من النقاشات، سواء في الصحافة، أو في غيرها من وسائل التواصل، وقد يكون هناك خطوات تمت من قبل المجلس الأعلى للتخطيط، والوزارات والهيئات المعنية بالاستثمار، في مجالاته المختلفة، لمعالجة كافة معوقات الاستثمار، وخاصة الإجراءات التي تهم المستثمر الجاد، التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة، وفي أحاديث للكثير من المستثمرين ومنهم من العمانيين، ومع أهمية إنهاء هذا الجانب إزالة كل ما يعيق، بشكل مباشر أو غير مباشر . من جانب آخر، جرى الحديث مع أعضاء اللجنة الاقتصادية، حول سبل الاستفادة من التقنية الحديثة مثل الإنترنت وغيرها من الوسائل، وليس وجعل قضية إجراءات المستثمر في مكان واحد فقط، وليس عبر مؤسسات وهيئات متعددة .

لذلك فإن علينا التحرك الجاد لإنعاش الاستثمار وتسهيل حركته، بحيث يكون مدخلا جيدا، لحلول الكثير من الإجراءات الاقتصادية الاستثمارية، وهذه تحتاج إلى خطوات وخطط محفزة للاستثمار الجاد،وتحقيق التنمية المستدامة من خلالها،ولم يكن مفهوم التنمية مفهوما ساكنا أو جامداً، وإنما يرتبط بديناميكية عملية متحركة من خلال التنمية ذاتها، لذلك لابد من التحرك سريعا في هذا المضمار، وأن يعاد النظر في الكثير من اللوائح والقوانين ذات الصلة بالاستثمار وتشجيعه مرة أخرى، وبما يتناسب مع الحاجة إلى المستثمر الجيد، والحمد لله بلادنا تعيش استقراراً رائعاً، يتحدث عنه كل زائر وكل متابع للسياسات التي تنتهجها السلطنة، داخليا وخارجيا، وهذا أحد العوامل التي سوف تجعل الكثير من المستثمرين يقبلون على الاستثمار في السلطنة. ولعله من الملائم أن تشكل لجنة لهذا الغرض، وأن تقوم هذه اللجنة بزيارات للعديد من دول العالم العربي والأجنبي، لعرض المقومات والمزايا الاستثمارية في السلطنة،والتعريف بها، وهذا ما يجعل الكثير من المستثمرين يتدفقون على السلطنة من أجل الاستثمار، إذا ما عرفوا عن السلطنة ومقوماتها المتعددة. المهم أن نضع اللوائح والقوانين المحفزة للاستثمار، بعيدا عن العوائق الروتينية والبيروقراطية التي تعتبر البيئة الطاردة للاستثمار في الكثير من دول العالم،ولا شك أن خطوة وزارة التجارة والصناعة مؤخراً، بتعديل قانون الاستثمار الأجنبي، حيث وضعت تعديلات على مشروع قانون الاستثمار الأجنبي في السلطنة، وهي إلغاء رخص القيد الإلزامية، واشتراطات الملكية المحلية العامة، والحد الأدنى لقيمة الاستثمار . كما أن المشروع أوضح المسؤوليات التنظيمية بخصوص الاستثمارات الأجنبية،وتوفر المزيد من الانفتاح وتقليص الكثير من البيروقراطية،وهذا بلا شك سيساهم في تحفيز المستثمرين الأجانب،ويعطي المجال لهم للإقدام على الاستثمار دون تردد، وليتواكب مع مرحلة البرنامج الوطني لتعزيز الاستثمار، وهذا ما نود أن يتم النظر إلى تلك الإجراءات باعتبارها مرحلة ماضية،ولم تعد صالحة لهذا الوقت ومتطلباته.