ahmed-ok
ahmed-ok
أعمدة

نوافـذ :أنقذوا ما تبقى..

17 مارس 2017
17 مارس 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

لا يزال عشمنا كبيرا في (الهيئة العامة للصناعات الحرفية) التي تعمل بجهد العاملين المخلصين فيها على حماية كل ما ينضوي تحت «صناعة حرفية محلية» والدليل هذا الكم النوعي من الحرفيين العمانيين المنضمين في سجلات الهيئة على امتداد محافظات السلطنة وولاياتها، والذين تقدر أعدادهم بالآلاف، وما الإنتاج الملموس الذي بين يدي المستهلك لمختلف الصناعات الحرفية المختلفة والمتعددة؛ إلا حقيقة ماثلة لهذا الجهد، ولهذه الرعاية الكريمة من قبل العاملين في الهيئة تجاه الحرفيين العمانيين، وهذا وجه مشرق على جبين الصناعات الحرفية العمانية، يجب أن يبقى هكذا ناصع البياض من خلال بذل جهد أكبر لحماية مختلف الصناعات الحرفية التي يعول عليها أصحابها من المشتغلين بها كمورد مالي مهم، يجابهون به مختلف ظروف الحياة، كما كان من كان قبلهم، حيث شكلت هذه الحرفيات مورد رزق لكثير من أبناء المجتمع، واعتمدوا عليها اعتمادا كليا في جلب رزقهم بأيديهم، في وقت كانت خيارات المنافسة قليلة، وإن كانت هناك من منافسة من نفس أبناء المجتمع بعضهم بعضا، فليس في ذلك من خوف، حيث يبقى التميز في الأداء وفي الإتقان هو الذي يميز عمل هذا الحرفي/‏‏ الحرفية عن الآخر، ولطالب الخدمة أن يختار وفق أسس الإتقان والتميز.

اليوم يختلف الوضع كثيرا، فلا يكفي أن ينحاز المستهلك الى التميز والإتقان، وحتى الحرفي نفسه لا يكفي أن يجهد نفسه في هذا الأمر، بل لا بد أن تكون له حماية قوية تعفيه عن التفكير في المنافسة غير المتكافئة، وهي ليست منافسة من جانب أخيه المواطن في ذات الصنعة، وإنما المنافسة من «آخرين» ليس لهم علاقة بهذا الصنعة سوى التربح السريع، والمنافسة غير المتكافئة هنا ليست فقط في التميز والإتقان، وإنما في الكم، فبينما يعتمد الحرفي المواطن على أدواته البسيطة التقليدية، يأتي في المقابل «الآخر» ليسخر أدوات العصر من الحاسب الآلي والآلات الأخرى المنجزة للكم في أوقات قياسية، وإن كان الأول غير معذور في الأخذ بهذه الأفكار، فلربما تقف أمامه العقبات المادية في تطوير حرفيته، فإن «الآخر» لا يجب ان يترك له «الحبل على الغارب» ليسبح ويمرح في حرفيات هي من خصوصيات أبناء المجتمع.

أضرب هنا مثالين لهذا الواقع؛ الأول: الكمة العمانية، حتى عهد قريب كانت المرأة العمانية (الحرفية) هي متسيدة هذا المشهد، وكنا كمستهلكين نشتري هذه الكمة ما بين (50 – 100) ريال عماني باعتماد السعر على أشياء فنية عديدة، وهذا الدخل يعتبر دخلا معقولا لامرأة تمارس هذه الحرفة مع القيام بأدوارها في بيتها الكاملة، اليوم نجد نفس الكمة، وتقريبا بنفس الجودة بـ (10 - 50) ريالا، ولكنها مصنوعة في تايلاند، وبنجلاديش، والهند، وبكميات غير عادية.

المثال الثاني: «الخياطة» -مسماها المحلي- التي تزين بها المرأة العمانية لباسها التقليدي، كانت حتى عهد قريب صناعة محلية خاصة بالمرأة العمانية وتصل قيمتها ما بين (30 -50) ريالا عمانيا، اليوم تنتشر نفس الصنعة بـ(10) ريالات عمانية ولكنها أيضا صناعة غير محلية، وهذه ضربة قاسية في حق الحرفية العمانية التي تجد لها متنفسا ماديا وهي معززة مكرمة في بيتها.

السؤال: أين «الحماية الوطنية» لمختلف الصناعات الحرفية ذات الخصوصية المحلية التي تضعها الهيئة العامة للصناعات الحرفية حماية لهؤلاء الحرفيين كلهم، سواء للمثالين المذكورين أو لغيرهما إن كانت هناك صناعات حرفية خاصة بدأت تغزوها القوى العاملة الوافدة؟.