salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة :حياتك أمانة

16 مارس 2017
16 مارس 2017

سالم بن حمدان الحسيني -

جاء شعار أسبوع المرور هذا العام تحت عنوان «حياتك أمانة» ليخاطب الضمائر الحية مذكرا إياها أن هذه النفس الإنسانية قدرها عند الله عظيم وعاقبة الاستهانة بها أمر جسيم فهي النفس المكنونة المصونة (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) حيث النجاح والفلاح متعلق بتزكيتها وعقوقها يعني الزج بها في المهالك وذلك هو الخسران المبين.

إن الشرع الحكيم صان هذه النفس وحفظها وأغلظ العقوبة الدنيوية والأخروية على من استهان واستهتر بها ونفس الإنسان التي بين جنبيه ليست ملكًا له يتصرف بها كيفما شاء وإنما هي وديعة عنده يجب عليه صيانتها والحفاظ عليها من كل ما يكدرها أو يعكر صفوها فمن حفظ الأمانة فله الحسنى ومن ضيعها، ولم يرع حقها فقد وقع في المحذور، ومن أبرز مواطن الاستهانة بهذه النفس الإنسانية والاستهتار بكرامتها افتعال الحروب العسكرية القذرة التي تشن دون اعتبار لدين أو خلق كريم، ثم هذه الحرب الطاحنة المتمثلة في حوادث السيارات.. فتلك السيارة التي صنعها الإنسان ليسخرها من أجل خدمته أصبحت سلاحا ذو حدين حيث أساء البعض استخدامها فغدت وسيلة «قتل» بدلاً من أن تكون وسيلة «نقل».. فكم أزهقت من أرواح وكم غادرت من أنفس في أوج قوتها وعطائها فأصبحت بين غمضة عين وانتباهتها تحت الركام تشكو إلى بارئها ذلكم المصير المحتوم الناتج عن طيش ورعونة واستهتار الذين أضاعوا هذه الأمانة العظيمة التي أبت السموات والأرض والجبال ان يحملنها (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) فهل من سبيل لوقف تلك المشاهد اليومية من الحوادث غير المبررة في الشوارع حيث تتهاوى تلك المركبات من كل حدب وصوب وكأنها وابل من الشهب توزع الموت هنا وهناك فتخطف هذا وتصعق ذاك.

ولا ريب أن تلك التصرفات غير المسؤولة غالبًا ما تكون نتائجها أقل حدة في الشوارع الفسيحة ذات المسارات الثلاثة أو أكثر، وتكون نتائجها كارثية في الشوارع ذات المسار الواحد وفي التحويلات الخطرة وفي الأزقة الضيقة من الأحياء السكنية وفِي الأسواق المكتظة بالمتسوقين والباعة وأمام المدارس، فهناك من الحوادث التي لم تكن لتخطر على بال أو يتصورها عقل، فهل أمن أولئك العقوبة فأساؤوا التصرف إذ ليست تلك المواطن مسرحا للسباق ولا حلبات لاستعراض المهارات والخطأ فيها بألف، ولذلك يجب أن تكون العقوبة فيها مضاعفة حتى تكون رادعا لكل من تسوّل له نفسه التلاعب بمشاعر الناس والاستهتار بحياتهم. كما أن من أسباب وقوع الحوادث في الشوارع العامة وفي الخطوط السريعة السير ببطء شديد في مسار التجاوز وكذلك في المسار الوسطي حيث يحتكر البعض تلكما المسارين ويقودون سياراتهم بسرعات بطيئة جدا لا تتناسب ووضعية الطريق الذي صمم لسرعات عالية حيث يحلو لهم شغل ذلكما المسارين دون اكتراث بأوقات الآخرين فيتسببون في اختناقات مرورية مفتعلة الأمر الذي يدفع ببعض السائقين للبحث عن ثغرة للتجاوز بأي طريقة كانت فيؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى وقوع حوادث خطيرة فمثل هؤلاء يجب توعيتهم ومساءلتهم فهم شركاء في وقوع مثل هذه الحوادث.

إن هذه السيارة هي نعمة من نعم الله الكثيرة فعلينا أن نتذكر هذه النعمة العظيمة التي منّ الله سبحانه وتعالى بها علينا، فبعدما كان الإنسان يستخدم الأنعام في تنقلاته ويكابد مشاق ومصاعب المسافات اصبح ينعم بهذه المركبة الفارهة التي يتوجب شكرها، فعلينا أن نكون من الشاكرين ولنستفتح القيادة بدعاء السفر حتى يجنبنا الله سبحانه وتعالى شرور الطريق.. ولنسأله الهداية والسلامة انه سميع مجيب.