940935
940935
المنوعات

هل ما زال قراء الشعر يتراجعون مقارنة بالرواية؟

27 فبراير 2017
27 فبراير 2017

940939

من وجهة نظر دور النشر في معرض مسقط الدولي للكتاب -

استطلاع: ماجد الندابي -

هل ما زال الشعر متراجعا على المستوى القرائي مقارنة بالرواية التي أصبح يطلق عليها فن العصر؟ وهل هذا عائد إلى الشعر ذاته أم إلى ذائقة القراء؟ وهل الرواية العربية تزاحم مثيلاتها الأجنبية في نسبة القبول والقراءة؟ هذا الاستطلاع يحاول أن يقترب من هذه الأسئلة برؤى أصحاب دور النشر في معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الثانية والعشرين.

حسن كمال من شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ببيروت يرى أنه من صلب اهتمامات شركة المطبوعات هو أن تأتي بما في الغرب إلى الشرق بمعنى أنها متخصصة في طباعة ترجمات أهم الكتب على الصعيد السياسي أو الروائي وأخذت نصيب وافر من الشهرة ولها علاقة بالثقافة العربية أو المنطقة العربية، حيث يقول :« نقوم بعملية الترجمة لهذه الكتب بعد الحصول على وكالات حصرية لترجمة ونشر هذه الكتب».

عائد إلى الشعر ذاته

ولكنه يشير إلى موضوع قلة الاهتمام بقراءة الشعر أنه عائد إلى عوامل عدة منها ما يتعلق بالشعر ذاته، فهو يحتاج إلى قارئ ذوّاق، وانتقائي، فهو يوضح بأنه :« في عالمنا العربي أصبحت ظاهرة قراءة الشعر متراجعة، مقابل صعود الروايات والكتاب السياسي». مبينا أنه :« ربما عبارة أن هذا العصر هو عصر الرواية ليست دقيقة، ولكن نستطيع أن تقول أن قارئ الشعر ذو إحساس مرهف، ولكن هل تتوفر لدى مجتمعنا بأوضاعه السياسية والمعيشية المتأزمة هل بقي هنالك مجال للإحساس الشفاف المرهف الذي يقرأ الشعر، فالصياغة العامة أو المسلك الثقافي في عالمنا العربي ابتعد كثيرا عن الآداب والشعر ودخل في عصر العولمة والأخبار السياسية والمعارك، حتى لو وجدت هنالك نواة لقراء يهتمون بقراءة الشعر إلا أن هذه الأوضاع تجعل نسبتهم في تراجع».

ولكن لا يزال من يبحث عن الجديد في الدواوين الشعرية في شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ومن أبرز هذه الأعمال ديوان للشاعر اللبناني مهدي منصور، ومجموعات شعرية لسليم حيدر.

وحول اهتمامات القراء في معرض مسقط فهو لاحظ أن الزوار يسألون عن الكتاب الجديد سواء في الروايات التي لها أبعاد روحية أو أبعاد معرفية :« فلذلك يسألون عن روايات باولو كويلو الذي يمثل الجانب الروحي التأملي للرواية، وكذلك روايات الكاتبة الأمريكية جين ساسون التي عاشت فترة من حياتها في الشرق الأوسط، وعندها قصص واقعية حدثت لها في المنطقة العربية وتكتب بحس روائي، ونحن نركز في طباعتنا للروايات الأجنبية أن تكون ذات اعتلاق بالثقافة العربية أو المنطقة العربية فمثلا باولو كويلو نجد أن أغلب رواياته لها علاقة بالثقافة العربية أو بالمنطقة العربية وكذلك الحال عند الكاتبة الامريكية جين ساسون».

حصة الأسد

أما فضيل ناصر رئيس المصلحة التجارية بوحدة توزيع المؤسسة الوطنية ممثل المؤسسة الوطنية للفنون المطبيعة بالجناح الرسمي للجزائر فقد أوضح أن الجناح يلبي مختلف فئات القراء واهتماماتهم لأنه يمثل 35 دور نشر جزائرية في مختلف التخصصات فتوجد الروايات وكتب الفلسفة وكتب التاريخ والكتاب الديني والكتاب القانوني، والكتاب العلمي.

ولكنه أوضح أن: «الإقبال على الرواية في المجالات الأدبية نال حصة الأسد، كما أن العناوين المطلوبة من قبل القراء العمانيين الذين يزورون المعرض أكثرها تتعلق بالآداب والفلسفة، وأرجع سبب ذلك أن الرواية تقترب من الواقعية أكثر، فهي تلامح حياة الناس في صورها المتعددة، أما الشعر فبدأ ينحى منحى التجريد والغموض مما جعل عملية الإقبال عليه ضئيلة.

وفي ما يطلبه الناشر من المؤلف فهو يرى أنه يجب احترام الكتاب ككتاب وأن لا نخرجه من موضوعه فالذي يريد المكسب المادي كغاية، فعليه أن يغادر الكتاب، والمطلوب من المؤلف أن يكون موضوعيا واقعيا مخلصا لما يكتب، فهذه هي مهمة الكاتب ودار النشر أن يسعى بالرقي لهذه الثقافة.

الشهرة التراكمية

ويرى وليد أحوش من بيسان للنشر والتوزيع بلبنان أن الزوار يقبلون على الروايات وذلك حسب الشهرة والدعاية وليس على الأهمية، :«على الرغم من أننا نطبع الشعر ولكن الإقبال عليه نادر، فالقراء المتابعين للشعر قليلون جدا مقارنة بقراء الرواية» مبينا أنه:« بالنسبة للروايات العاليمية الكلاسيكية اكتسبت شهرتها بطريقة تراكمية تدريجية، ولكن الروايات الحديثة تكسب شهرتها وفق معايير وعوامل مختلفة قد لا تجد لها تفسيرات ظاهرة».

ويضيف:« بالنسبة للمسابقات ومدى مساهمتها في انتشار الرواية نجد أن هذا الموضوع حساس فبعض الروايات التي تصل إلى القائمة القصيرة وتكون جيدة ولكن عملية اختيار العمل الفائز بالجائزة قد يخالف كل التوقعات وذلك أن الرواية تدخل فيها مسألة الذوق.

موضحا أنه يجب أن يكون الكاتب على قدر كبير من الثقافة والمعرفة والإطلاع والقراءة والمعرفة بالأساليب الحديثة في الكتابة وخاصة الرواية، حتى يتسنى له عملية كتابة رواية ترقى إلى مصاف الروايات التي تجد قبولا ورواجا عند القراء».

الروايات السينمائية

ويرجع علي عساف من منتدى المعارف لبنان أن مسألة تراجع اهتمام القراء بالشعر ربما عائد إلى طبيعة الشعر الحديث في ذاته فهو:« يحتاج إلى جهد في مسألة تذوقه وفهمه، أما الرواية فهي يمكن قراءتها من قبل شريحة كبيرة من القراء بمختلف مستوياتهم المعرفية، وظاهرة إقبال القراء على الرواية أكثر من الشعر ملاحظة في كل المعارض العربية وليس في معرض مسقط». مطالبا المؤلف بأن يوصل الفكرة في الوقت المناسب وأن يواكب الأحداث، والتجديد في الكتابة وليس فقط الإتكاء على كتب التراث، ينبغي أيضا من المؤسسات المعنية بالثقافة أن تعنى بالترويج للأعمال الشعرية والروائية لأن الكاتب أمام هذا الكم الهائل من الأعمال من يستطيع أن يصل إلى القارئ بسهولة.

ويلاحظ أيضا أن القراء يفضلون الروايات المترجمة أكثر من الروايات العربية، وذلك لأن الروايات الأجنبية تسبقها حملات دعائية لان الكاتب ترعاه مؤسسات ثقافية، كما أن بعض الروايات تم تقديمها للجمهور على شكل أعمال سينمائية مما أكسب الكاتب شهرة واسعة لدى الجمهور، وبذلك أصبحت كل رواياته ينتظرها القراء بشغف كبير.

جائزة شعرية مثل البوكر

مندوب شركة رياض الريس في معرض مسقط الدولي للكتاب ناصر الفليطي يقول متسائلا: «بالنسبة للشعر لماذا لا يتم وضع جائزة تماثل جائزة البوكر في الرواية؟!» وهو يرى أن موضوع الإقبال على القراءة مضمحل نوعا ما، وعملية ضعف القراءة تشمل جميع صنوف المعرفة وليست مقتصرة على الشعر وحده.

وبالنسبة للروايات فهو يؤكد أنه: « في شركة رياض الريس أخذنا على عاتقنا أن لا نترجم الروايات أو أن ننشر الروايات المترجمة، لأننا نؤمن بالإمكانات التي يتوفر عليها الكاتب العربي، فإذا أتيحت لهم الفرص فهم لا ينقصهم الإبداع، التفاعل بين الثقافات مطلوب ولكن أخذ حيزا ربما طغى على الإبداع العربي، فالأديب العربي ليس أقل شأنا».

بالنسبة لدواوين محمود درويش ونزار قباني وأحمد مطر، تمثل العلامات المضيئة في عالم الشعر فكل من قرأ الشعر قرأ لهؤلاء الشعراء، فهم أصبحوا خارج إطار المقاربات، فلا يمكن أن نضع قراءة الشعر مقابل القراءة لهؤلاء الشعراء، فمبيعات محمود درويش تماثل مبيعات الرواية معنا في الدار.

موضحا: «أن رياض الريس أصدرت سابقا جائزة اسمها جائزة يوسف الخال وهي جائزة لا تعنى بالشعراء المتحققين وإنما هي جائزة مخصصة للشعراء الذين يصدرون ديوانهم الأول، لأننا كنا نعتبر أن الشعر هو صفوة الثقافة والأدب، ولكن مشاكل الكتابة بشكل عام وخاصة تضاؤل عدد القراء جعل دور النشر تنتقي ما يتم طباعته».

أما إيهاب رفاعي من دار القلم العربي بسوريا فهم لا يطبعون الدواوين الشعرية: «وذلك لقلة الإقبال عليها من قبل القراء، الزوار يقبلون في الأغلب على الروايات المترجمة أكثر من الروايات العربية، هذا الإقبال على الروايات المترجمة عائد ربما إلى الدعاية التي تحضى بها هذه الأعمال، كما أن بعضها تم إخراجها في أعمال سنيمائية فنالت حظها من الشهرة».