assem
assem
أعمدة

نوافذ .. أنقذوا القراءة

25 فبراير 2017
25 فبراير 2017

عاصم الشيدي -

[email protected] -

استمعت إلى تقرير بث متزامنا مع معرض مسقط الدولي للكتاب يقول إن الإحصاءات العالمية تؤكد أن نصيب القراءة عند العربي لا تتجاوز في المتوسط 6 دقائق في العام الكامل، وهي نسبة محبطة جدا كما اعتبرها التقرير وكما نعتبرها جميعا، فيما نقل التقرير عن إحصاءات مؤشر القراءة العربي الذي ذهب للقول إن متوسط القراءة في العالم العربي تصل إلى 35 ساعة في السنة ما يعني 5.7 دقيقة في اليوم الواحد فقط.. وفي التقرير نفسه أن العماني يقرأ في المتوسط 16 كتابا في العام، 60% منها خارج نطاق تخصصه.

وفي اعتقادي أن هذه التقديرات تعتمد على تخمينات ليس لها أساس علمي إحصائي أبدا أو أن مُدخلاتها غير صادقة وغير أمينة.. صحيح أن هناك عمانيين يقرأون أكثر من هذا العدد في العام، باختلاف أعمارهم بين بدايات الشباب ونهايات الكهولة، ولكن هناك من لم يقرأ كتابا واحدا في حياته بعد أن أنهى دراسته الجامعية، وليس هذا في عُمان فقط بل في الكثير من أقطار الوطن العربي مع الأسف الشديد. لكن في المقابل هناك من يقرأ وهناك من يقتني الكتب، وشتان بينهما، لكن في المحصلة أن دور النشر مستمرة وهذا يعني أن هناك من يقتني الكتب. وشراء الكتب واقتناؤها لا يعني القراءة الكثيفة ولكن على أقل تقدير يعني الحد الأدنى منها.

ومشكلة القراءة في عُمان على سبيل المثال مشكلة مركبة لا يمكن توجيه اللوم فيها إلى طرف واحد دون غيره.. فالأسرة لها دور كبير في المشكلة، وكذلك المدرسة، والمجتمع، وأيضا الجهات الحكومية التي أغفلت منذ بدايات التخطيط لبناء المدن «وإلى نهايته مع الأسف الشديد» أن تكون ضمن هذا التخطيط مكتبة عامة أو مكتبة حكومية إلى جوار وجود مكتب للوالي ومكتب للقاضي ومكتب للبلدية ومركز للشرطة لأنها كلها مفردات تصنع المجتمع.

رغم أن القرى العمانية في السابق كانت تقيم للمكتبات الكثير من الاعتبار والكثير من التقدير وكان العماني يعلي من شأن الكتاب علوا كثيرا في حياته اليومية. ويعرف كبار السن عشرات المكتبات في الولاية الواحدة من التي كانت لها سمعة كبيرة.. صحيح أنها كانت مكتبات دينية ولغوية في الغالب الأعم ولكن كانت موجودة.

لا يقيم الكثير من أولياء الأمور لاقتراب أبنائهم من الكتاب أهمية كبيرة، معتبرين أن الكتاب المدرسي هو رفيق الطالب وهو منقذه من الرسوب آخر العام، ومع أهمية كتاب الطالب المدرسي إلا أن تنشئة الطلاب على حب القراءة والاعتناء بالكتاب لا بد أن تبدأ مبكرا جدا، فالقراءة سلوك مثلها مثل أي سلوك آخر، وهي تحتاج إلى مران مستمر وإلا فقد الطالب قدرته على التمسك بها وإعطائها بعضا من وقته؛ خاصة في ظل مغريات تقنية كثيرة لا يستطيع الكتاب، إلا عن حب حقيقي، الصمود أمامها.

نحتاج أن نبدأ من البيت تحبيب الكتاب للأطفال، وتقريبهم منه كما نقربهم من الأكل، ومن النوم ومن الصلاة.. وفي هذا لا بد أن نكون نحن قدوتهم ويرى الطالب تعلق أبويه بالكتاب حتى يتمارس السلوك نفسه.

ونحتاج في قرانا إلى مبادرات أشبه بمبادرة الصديق أحمد الراشدي في قريته «وادي قري» بسمائل التي يعتني فيها بأطفال قريته ويقيم لهم جلسات قراءة جماعية ويوفر لهم ما يحتاجونه من كتب، ويدعو لهم من يقرأ عليهم القصص ويشجعهم على حفظ الأشعار. ونحتاج إلى مثل مبادرة الراشدي في كل مدرسة أيضا لزراعة وعي بأهمية الكتاب وحبا له لا من أجل دخول المدرسة في مسابقات لا يخرج الطالب منها بفائدة أبدا.

نحتاج أن تتبنى المجالس البلدية في الولايات مثل هذه الأفكار بالتعاون مع المدارس.. ومع الأندية الرياضية.

نحتاج أن نستغل شغف الأطفال بالآيباد مثلا لنجعله يقرأ عليه كتابا بدل أن يلعب ألعابا لا تعلمه إلا العنف وتشتيت الأفكار.

نحتاج إلى صرخة عالية جدا جدا ومدوية في سماواتنا.. أنقذوا القراءة.. أنقذوا القراءة.