أفكار وآراء

تطبيق ضريبة القيمة المضافة يحتاج لتشريعات خليجية موحدة

25 فبراير 2017
25 فبراير 2017

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

يتكرر الحديث قرب صدور تشريعات تنظم فرض ضريبة القيمة المضافة إلى ذلك أظهر تقرير أصدرته وكالة “فيتش” أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الخليج ستُحدث مخاطر تشغيلية للشركات، وستضغط على أرباحها قبل احتساب الفوائد والضريبة والاستهلاك والإهلاك في بعض القطاعات. وترى الوكالة أن الشركات قد تواجه تحديات كون الخليج لم تفرض ضرائب من قبل، ما يعني أن المرحلة الأولية قد تحمل بعض الأخطاء، بالتالي تتوقع “فيتش” أن تُظهر الحكومات الخليجية بعض المرونة أثناء التطبيق الأولي لضريبة القيمة المضافة. بسبب انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014 بنسب تجاوزت 50% بتراجع عوائد صادرات النفط في معظم الدول المصدرة للنفط ، ولم تكن دول الخليج العربية الست بمنأى عن الآثار السلبية التي خلفها انهيار أسعار النفط . فالمتوقع أن تسجل موازنات دول المجلس الست للسنة المالية 2016 عجوزات تتفاوت نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة . ومنذ منتصف عام 2015 بدأت معظم الدول المصدرة للنفط إعادة النظر في مجمل مصادر تمويل موازناتها غير التقليدية بهدف تعويض جزء من عوائد صادرات النفط التي فقدتها إثر تراجع الأسعار. وجاءت المبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث أعلنت وزارة المالية الإماراتية في 18/‏‏8/‏‏ 2016 “أنها ما زالت تدرس اقتراحا بفرض ضريبة القيمة المضافة“ . وتعكف وزارات المالية في دول المجلس على دراسة فرض ضريبة القيمة المضافة منذ سنوات إلا أنها لم تعلن رسميا بعد الصيغة الموحدة لفرض تلك الضريبة بسبب اختلاف الواقع الاقتصادي بين دول المجلس وعلاقات الإنتاج فيها . رغم أن النظام الأساسي تضمن أهدافا تؤكد على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها. تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون

الاقتصادية والمالية. والتجارية والجمارك والمواصلات والتعليمية والثقافية. والاجتماعية والصحية. والإعلامية والسياحية. والتشريعية والإدارية. ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعـة والتعدين والزراعـة والثروات المائيــة والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشــاريع مشــتركة وتشـــجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها. ومن وجهة نظر اقتصادية فإن ضريبة القيمة المضافة يجب الاتفاق على تطبيقها على مستوى دول المجلس بدلا من تطبيقها في كل دولة على حدة وفي وقت مختلف وذلك للحد من عمليات التهريب وتقليص الضرر الذي قد يلحق بتنافسية الاقتصادات. تُعرف “ القيمة المضافة ـــ Value Added” بأنها “هي كل ما يتم إضافته من قيم لدى كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتداول السلعي أو عند تأدية الخدمات” . وعليه فإن القيمة المضافة هي الفرق بين الإيراد الكلي للشركة ، المنتجة أو المسوقة أم التي تقدم الخدمة ، وبين قيمة ما اشترته من مدخلات الإنتاج كافة ( قوى عاملة، مواد أولية، طاقة .. وغيرها ) .= أي ( القيمة المضافة = قيمة الإنتاج الكلي ــ قيمة المستخدمات الكلية)، والقيمة المضافة بهذا المعنى هي قيمة مضافة إجمالية فتتضمن قيمة الاندثارات (إهلاك) الأصول الرأسمالية المختلفة التي استخدمها العنصر البشري في الإنتاج أو في التسويق أو في تقديم الخدمة ، وباستبعاد قيمة اندثارات الأصول ( آلات ، مبانٍ ، معدات ، أدوات ... ) يمكن تحديد القيمة المضافة الصافية. ويمكن أن يكون السبب في عدم توصل دول مجلس التعاون لصيغة موحدة لتحديد نسب ضريبة القيمة المضافة هو الاختلاف في حجم الأنشطة الاقتصادية والقوانين المنظمة للعلاقة بين منشآت القطاع الخاص وبين الحكومة يختلف أيضا بين دولة وأخرى ومدى تقبل منشآت وشركات ومصالح القطاع الخاص لضريبة القيمة المضافة ، ولعل تأخر تطبيق قوانين الاتحاد الجمركي الخليجي بين دول المجلس رغم إعلانه عام 2003 يوضح خصوصية الاقتصادات الخليجية . ويحتاج تطبيق ضريبة القيمة المضافة (Value Added Tax) إلى متابعة محاسبية دقيقة لرصد كل إنفاق (تكاليف) كل مرحلة من مراحل إنتاج وتسويق السلع والخدمات وما ترتبت عليها من قيمة مضافة ليتم تحديد النسب الضريبية عليها .

وكان مجلس دبي الاقتصادي قد أطلق عام 2009 مشروع بحث رئيسيا حول الإصلاحات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة مع التركيز على مشروع ضريبة القيمة المضافة. وقد انطوى مشروع المبادرة على العديد من الاجتماعات التشاورية، وحلقات وأوراق العمل، إضافة الى تنظيم مؤتمر دولي والذي انعقد بتاريخ 26 أكتوبر 2008 ضم نخبة من الخبراء في مجال ضريبة القيمة المضافة من مختلف دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية. وتم وضع تصور وضع في كتاب بمسمى “الإصلاحات المالية في منطقة الشرق الأوسط: ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي” وهو أحد مخرجات هذا المشروع. حيث ضم إحدى عشرة ورقة عمل كانت قد أعدت من قبل خبراء اقتصاد عالميين ومتخصصين في قضايا ضريبة القيمة المضافة. وتناقش هذه الأوراق نظام ضريبة القيمة المضافة ومدى ملاءمته لدول مجلس التعاون الخليجي.

وكان فريق عمل من المتخصصين والباحثين الأكاديميين والمتخصصين في الجوانب النظرية والتطبيقية لضريبة القيمة المضافة، وتوصلوا إلى مجموعة من التوصيات والدروس لدول مجلس التعاون الخليجي، أهمها ما يلي:

1. إنه من مصلحة دول المجلس بعامة والإمارات بخاصة أن تطبق نظاما موحدا لضريبة القيمة المضافة بحلول عام 2012 ليحل محل الرسوم الجمركية ورسوم الخدمات التي تعتمد عليها هذه الدول كمصدر لإيراداتها غير النفطية.

2. بناء الإطار المؤسسي والإداري إلى جانب ترتيبات المشاركة في الإيرادات بهدف ضمان الجدوى السياسية والاقتصادية لنظام ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس.

3. وبهدف تسهيل إدارة ضريبة القيمة المضافة وتجنب العوامل المشجعة على التهرب الضريبي، ينبغي أن تكون قاعدة ونسبة هذه الضريبة متشابهة على مستوى دول المجلس.

4. ولغرض تحديد المستوى الأولي للاستثناء من دفع ضريبة القيمة المضافة، وفيما إذا كان المستوى المذكور منفردا أو مشتركا، لابد من إجراء الدراسات حول هذا الموضوع من قبل كل دولة خليجية على حدة تبعاً لخصائص اقتصادياتها وأنظمتها الإدارية.

5. ينبغي أن يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس بصورة تدريجية بدءا من أوطأ نسبة منها.

6. بناءً على تجربة الاتحاد الأوروبي في مجال ضريبة القيمة المضافة، من الضروري استخدام نظام رقم التعريف للضريبة المفردة بهدف تسهيل تبادل المعلومات والإجراءات لنظام ضريبة القيمة المضافة الجديد لدول المجلس.

7. تطبيق إجراءات قانونية موحدة لضريبة القيمة المضافة في دول المجلس بحيث تكون مواكبة للإجراءات المطبقة في دول الاتحاد الأوروبي ولكنها معدلّة بما يضمن تجاوز المشاكل الإجرائية والقانونية التي تعتري التجربة الأوروبية وبقية التجارب العالمية في هذا المجال. ولعل أهم القضايا القانونية هي:

أ- استحداث قوانين مشتركة تتناول مختلف القضايا المتعلقة بضريبة القيمة المضافة.

ب- إدامة ترتيبات دعم التجارة البينية لدول المجلس لمنع أي سوء استخدام أو احتيال يرافق استخدام ضريبة لقيمة المضافة.

ج- التجانس في القواعد الأساسية لإدارة ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس.

ويمكن القول إن النظم الضريبية بمختلف تطبيقاتها في دول المجلس كافة تعتبر الأيسر والأقل عوائد للدخول القومية بين دول العالم ، ولعل دول المجلس مدعوة لإعادة النظر في تطبيق النظم الضريبية كجزء من تنويع مصادر الدخل.