935526
935526
تقارير

البنك الدولي: 83 مليار دولار فوائد اقتصادية ضائعة بسبب الصيد الجائر

22 فبراير 2017
22 فبراير 2017

أكد أن السلطنة على بعد خطوات من صناعة سمكية تنافسية -

تقرير - سرحان المحرزي:-

رغم ارتفاع معدل الاستزراع المائي في السنوات الأخيرة، إلا أن مستوى الصيد البحري في العالم قد انخفض منذ بداية التسعينات. وأوضح تقرير جديد لمجموعة البنك الدولي أن من شأن منع صيد الأسماك الصغيرة أن يحقق 83 مليار دولار إضافية سنويا لقطاع مصائد الأسماك، مما يوجد إيرادات تمس الحاجة إليها في البلدان النامية ويحسن الأمن الغذائي العالمي.

وتبين نسخة محدثة لدراسة سابقة بعنوان (مراجعة المليارات الضائعة)، أن تقليل أنشطة الصيد العالمي من شأنه أن يتيح الفرصة للمخزون السمكي للتعافي من آثار الصيد الجائر، وسيؤدي إلى زيادة في أوزان الأسماك التي يتم صيدها وقيمتها وأسعارها، مما يزيد من ربحية قطاع المصائد السمكية من نحو 3 مليارات دولار أمريكي سنويا إلى 86 مليار دولار. كما سيؤدي إلى زيادة حصيلة صيد الأسماك، لأن المخزون سيكون قد تعافى إلى مستويات أكثر ملاءمة، مما سيساعد في تلبية الطلب العالمي المتنامي على المأكولات البحرية وتحسين الأمن الغذائي في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم.

وعن ذلك، قالت لورا تاك، نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة (تؤكد هذه الدراسة ما رأيناه في مختلف السياقات القُطرية: وهو أن إعطاء فرصة للمحيطات كي تسترد عافيتها يؤتي ثماره. ويمكن للتوجه نحو إدارة أكثر استدامة لمصائد الأسماك، من خلال اعتماد نهج يتم تصميمها وفقا للظروف المحلية، أن يسفر عن تحقيق فوائد كبيرة للأمن الغذائي والحد من الفقر وتحقيق النمو على المدى الطويل).

ويتعامل النموذج الحيوي الاقتصادي المستخدم في دراسة مراجعة المليارات الضائعة، الذي أعده راغنار آرناسون، الأستاذ بكلية الاقتصاد في جامعة آيسلندا- مع مصائد الأسماك البحرية في العالم على أنها مصيدة أسماك واحدة كبيرة، حيث يبحث عدم التطابق بين تزايد الجهود المبذولة في صيد الأسماك وبين ثبات حصيلة صيد الأسماك أو حتى تناقصها، ويحسب الفوائد الإضافية التي يمكن تحقيقها من إصلاح مصائد الأسماك في العالم.

ويكشف التحليل عن فوائد اقتصادية ضائعة بلغت حوالي 83 مليار دولار في عام 2012، مقارنة مع ما يمكن تحقيقه في ظل السيناريو الأمثل. ولا تختلف هذه النتيجة من الناحية الإحصائية عن المليارات الضائعة التي تم تقديرها لعام 2004، والتي تم تعديلها من نحو 50 مليار دولار في دراسة عام 2009 إلى 88 مليار دولار في دراسة مراجعة المليارات الضائعة، على أساس تحسن النموذج والبيانات، وتعديلها وفقا للمبلغ بالدولار الأمريكي في عام 2012. ويؤكد كلا الرقمين الحاجة الملحة للإصلاح والمكاسب الاقتصادية الكبيرة التي يمكن أن تتحقق من خلال إدارة أكثر استدامة لمصائد الأسماك في العالم.

وفي حين أن التقرير يقدم دليلا قويا على أهمية الاستثمار في تعافي المخزونات السمكية، فإنه لا يحدد مسارا معينا للإصلاح. وتشير تجارب الإصلاح في بلدان ومناطق مختلفة، مثل بيرو والمغرب وجزر المحيط الهادئ وغرب إفريقيا، إلى أنه من الممكن الحد من الصيد الجائر من خلال إصلاحات مناسبة للواقع المحلي تؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين سبل العيش والأمن الوظيفي لسكان المناطق الساحلية.

ومن شأن تقليل أنشطة الصيد العالمية السماح للعمليات البيولوجية أن يوقف تدهور المخزونات السمكية على المدى الطويل الذي شهدته أجزاء كثيرة من العالم، ثم بدء تعافيه. لقد تم استغلال حوالي 90% من مصائد الأسماك البحرية بشكل كامل أو بشكل جائر، وهي المصائد التي رصدتها منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وذلك ارتفاعا من نحو 75% في عام 2005. كما أن مخزونات الأسماك تخضع أيضا لضغوط التلوث، والتنمية الساحلية، وتأثيرات تغير المناخ.

ويساعد البنك الدولي البلدان على تحسين إدارة مصائد الأسماك لديها، والاستثمار في الاستزراع السمكي المستدام، وإدارة الضغوط المتنافسة على السواحل والمحيطات، لتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية الساحلية ووضع النمو على مسار أكثر استدامة ومرونة.

صناعة الأسماك في السلطنة

وتساند مجموعة البنك الدولي قطاع مصائد الأسماك في السلطنة في إطار ما تقدمه المجموعة من مشورة في مجال السياسة العامة وكذلك المشورة الفنية وذلك عبر الخدمات الاستشارية المستردة التكاليف. وتشكل مصائد الأسماك ثاني أكبر الموارد الطبيعية في السلطنة.

وقالت بانو سيتلير الخبيرة الأولى في شؤون البيئة بالبنك الدولي: رغم أن عمليات الصيد الحرفية تشكل 99% من القطاع فإن مصائد الأسماك في عمان، لا تبعد سوى بضع خطوات عن صناعة تنافسية ذات مستوى عالمي.

وأوضحت أنه كي تتمكن السلطنة من رفع مساهمة قطاع صيد الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي ينبغي أن تشمل دراستها للقطاع كامل سلسلة القيمة من الصيد إلى التجهيز إلى اللوجستيات، وتجارة الجملة، والتسويق، والبيع بالتجزئة. فإذا قامت بذلك فمن شأنه أن يضاعف حجم الإسهام الحالي من مصائد الأسماك في الاقتصاد العماني.

وأضافت: ستستفيد التنمية في عمان من إيلاء مزيد من الاهتمام بالأسواق (المحلية والدولية) والقيمة العالية لمصائد الأسماك بدلا من مجرد حجم الأسماك التي يتم صيدها، ومن شأن إضافة القيمة أن تساعد على إيجاد فرص عمل جديدة. ويعد الدخل من مصائد الأسماك حاليا منخفضا، وغير مستدام أيضا. أما الجهود في صيد الأسماك فمرتفعة مما يسفر عنه الصيد الجائر فضلا عن انخفاض حجم الأسماك الواردة إلى المرافئ مع مرور الوقت وانخفاض الإنتاجية. وبغية كسر تلك الحلقة المفرغة، تحتاج عمان، مثل البلدان الأخرى الناجحة في صيد الأسماك، إلى إدارة الموارد السمكية بطريقة من شأنها أن تولد دخلا أكبر مستداما على مر الزمن.

وقالت الخبيرة الأولى في شؤون البيئة بالبنك الدولي: انه من حوالي 45 ألفا إلى 50 ألفا من العمانيين يعتمدون على صيد الأسماك وما يرتبط به من الأنشطة ذات الصلة. وما يعرفه العمانيون هو أنه إذا أديرت مصائد الأسماك إدارة جيدة، يمكن أن تكون موردا مستداما طويل الأجل يمكن أن يسهم في رؤية عمان البعيدة المدى للتنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الاقتصاد. وفي الواقع، فقد عرفنا من دراستنا أن نسبة صغيرة فقط من العمانيين صيادون متفرغون. فالكثير منهم صيادون لبعض الوقت أو على سبيل الترفيه.

وأضافت: هذا القطاع، في غاية الأهمية لعمان، ولذلك فمن المهم جدا للشباب والمتعلمين العمانيين، الذكور منهم والإناث على حد سواء، أن يهتم بالقطاع. وقد تحدثنا إلى كثير من الناس - في الجامعة، والصيادون المحليون والصيادون الشباب- فليس جمع الأسماك فحسب هو ما يمكن أن يشارك فيه المواطنون، فهناك كل هذه القطاعات الأخرى في سلسلة القيمة، من اللوجستيات إلى التجهيز والتسويق.

وأشارت إلى أن وزارة الزراعة تريد أن تعرف ما إذا كان بوسعها أن تحافظ على اهتمام الشباب العمانيين بهذا القطاع وطلبت من البنك الدولي النظر في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتلك المسألة.

وحول فرص العمل التي يمكن أن تتيحها مصائد الأسماك للشباب قالت سيتلر: بحلول عام 2040 سيتزايد عدد العمانيين القائمين على إدارة قطاع مصائد الأسماك وتمويله، وسيستخدم القطاع الشباب العمانيين بأسعار تنافسية. فعمان من البلدان المتقدمة من حيث إن أسواق السمك حديثة للغاية، إذا ذهبت إلى إحداها، يمكنك حرفيا أن تأكل ما يسقط على الأرض. فهي نظيفة وصحية وجيدة الصيانة، وكل شيء فيها رقمي وإلكتروني. وهذه هي المجالات التي يمكن للمرأة أن تعمل فيها. فليس من الضروري أن تعمل في صيد الأسماك، باستثناء لأغراض الترفيه.

وقالت: إنه من أجل زيادة العائد المالي من مصائد الأسماك من الأفضل صيد أسماك أقل ولكن قيمتها أعلى، مع الإبقاء على حجم الصيد في مستوى مستدام بالطبع. ولكن هذا تغيير في أسلوب التفكير، كما تظهره التجربة، سيستغرق بعض الوقت، ربما لفترة تتراوح بين 20 و50 عاما إذ ينبغي أن يكون التغيير تدريجيا وليس ثوريا. كما أن استخدام المياه الدولية وتقاسم مصائد الأسماك أمر مهم للغاية أيضا لعمان، فالأمر متروك لها لكي تعمل في إطار معاهدات دولية ومع جميع البلدان المجاورة للتوصل إلى تفاهم، إذا فعلت ذلك، حول حجم حصتها من الأسماك. فالتعاون الدولي أمر أساسي، على سبيل المثال، لنحو 90% من مخزون الأسماك في النرويج المشترك مع دول أخرى. وإذا أرادت عمان أن تصبح مركزا للتونة، مثلا، لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن ذلك سيزيد فرص العمل والدخل لديها.