abdullah
abdullah
أعمدة

نوافـذ: حـالة ثقافـــية

19 فبراير 2017
19 فبراير 2017

عبدالله بن سالم الشعيلي -

Twitter:@ashouily -

تمر علي كما هي عليكم الدراسات المحبطة للفرد والنفس من أن العربي منا لا يقرأ سوى ربع صفحة سنويا وفي روايات محبطة أخرى تقول انه لا يقرأ أكثر من 10 دقائق في السنة والمتشائمة من هذه الدراسات تقول ان كل عشرين مواطنا عربيا يقرأون كتابا واحد فقط في السنة، ولو صدقت هذه الأرقام والنسب والإحصائيات والدراسات لكان وصفنا بالجهل والأمية وعدم الإلمام بالقراءة والكتابة أفضل بدلا من وصفنا بأننا أمة لا تقرأ، ورغم أنني أتعجب بعض الأحيان من هذه النتائج وكيفية الحصول عليها إلا أنني أستغرب المبالغة الحادة في جلد الذات العربية ووصفها بأوصاف تقلل من إنسانيتها بشتى الطرق الممكنة.

افترض وهنا أتحدث عن نفسي وعمن أعرف ممن حولي أن كلا منا يمتلك في بيته مكتبة تحوي عددا وإن كان محدودا من الكتب يتصفحها بين فينة وأخرى، وان بعض مؤسسات الأعمال تضم مكتبات وإن صغر حجمها وقل روادها إلا أنها تقدم خدمات الاطلاع والقراءة لموظفيها، كما أن بعض مبادرات المجتمع المدني تقدم لنا أيضا إضاءات للقراءة وتشجعنا عليها نحن وأطفالنا، ونحن ذاتنا لا نفوت أي فرصة لاقتناء وشراء كتب من معرض الكتاب حتى وإن لم نقرأها في ساعتها، وهنالك بالطبع ممن يستخدم الحداثة في التقنيات لشراء كتب إلكترونية وتحميل البعض منها، وهنالك من يقرأ ملخصا لكتاب أو يستمع لشخص يلخص كتابا ويشرحه أو يستمع لمحاضر يلقي محاضرة عن علم أو فن ما قد يغنيه عن قراءة بعض الكتب، كل هذه الحالات التي نعيشها يوميا أسهمت في تكوين حالة ثقافية عامة لدى المجتمع ترد على من يقول إننا أمة جاهلة لا تقرأ ولا تعبأ بالكتاب ولا تعيره أي اهتمام.

الأرقام تؤيد ما أقول وهي أرقام لم تقم على دراسات مجهولة المصدر بل على واقع ملموس، فالمتابع للمؤتمر الصحفي الذي كشف النقاب عن معرض مسقط الدولي الثاني والعشرين للكتاب يجد أن عدد العناوين التي ستكون متوافرة فيه هذا العام هي 450 ألف عنوان، تبلغ نسبة الجديد منها 30 في المائة يعرض لأول مرة في معرض مسقط للكتاب وعدد دور النشر هي 750 دار نشر، ولو تمعنا قليلا في الرقم السابق لوجدناه كبيرا جدا من حيث عدد العناوين فضلا عن عدد الكتب التي تهيمن العربية على لغتها، وهذا ربما يعطينا بعض الحق في القول أن العرب ذاتهم منشغلون بعض الشيء بالكتابة والتأليف والنشر وأيضا هم منشغلون بعض الشيء بإنفاق بعض من أموالهم على شراء تلك الكتب، حيث أشار المؤتمر الصحفي السابق الذكر أن معرض مسقط للكتاب يعد الثاني في العالم العربي من حيث القوة الشرائية وهذا ما يعطينا إشارة ثانية الى أن القارئ العماني يستثمر ماله ووقته في القراءة وشراء الكتب.

الجهات المختصة بتنظيم المعرض شمرت عن ساعدها هذا العام واعدة بأنها ستطرح الجديد للقارئ وتوجد لديه حالات ثقافية مختلفة هذه المرة كما أشار وزير الإعلام رئيس اللجنة الرئيسية للمعرض الى ذلك منها المقاهي الثقافية التي تدشنها بعض مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالكتابة والأدب وسلسة من الندوات وحلقات العمل الموزعة على أيام المعرض الاثني عشر وتقديم جوائز لأفضل مبادرة ثقافية وغيرها من الفعاليات التي تحاول تغيير مفهوم المعرض من مجرد شراء كتب الى حالة ثقافية وفكرية شاملة تشمل الفرد وأسرته.

معارض الكتب والمبادرات الثقافية المجتمعية والحراك الفكري والثقافي الذي تقوم به المؤسسات الرسمية والأهلية في السلطنة وفي كل دول العرب أسهمت في إيجاد حالة من الثقافة والمعرفة والاطلاع لدى فئات المجتمع وشجعته على حب القراءة والاطلاع وغرست لديه فضيلة البحث عن المعرفة بعيدا عن الأرقام والدراسات المتشائمة التي تصنف المجتمعات العربية بأنها مجتمعات أمية غير قارئة ونتمنى أن لا يقتصر مرور هذه الحالة على معارض الكتب فقط بل تستمر طوال العام.