الاقتصادية

أدوات الإنترنت الحديثة تدخل ساحات الحروب

17 فبراير 2017
17 فبراير 2017

نيويورك - جويا فورستر (د ب أ) - من خلال مقاطع الفيديو التي تظهر عمليات الهجوم بالغاز إلى صور المركبات العسكرية المتحركة الملتقطة بالأقمار الصناعية تسمح مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«يو تيوب» « للعالم أن يصبح شاهد عيان على الحروب».

ونظرا لأن هذا الفيض من المعلومات له مخاطره أيضا، فإن التطبيقات الإلكترونية الجديدة تكشف عن دورها في مد يد العون وتقديم المساعدة.

إن الحصول على معلومات يعد تحديا للصحفي الذي يغطي أخبار الحرب، فيما تستمر الصراعات في مناطق نائية من العالم، مما يجعل من الصعب، بل على الأحرى من المستحيل بالنسبة للمدنيين الوصول إلى تلك الأماكن وإرسال التقارير الإخبارية.

ولكن هناك معضلة أخرى، وهي المأزق العكسي - ألا وهو وجود الكثير من المعلومات.

وقد تمخضت الصراعات مثل الحرب السورية عن طوفان من مقاطع الفيديو على موقع «يوتيوب»، والتغريدات على تويتر والمنشورات على فيس بوك، يمكنها إذا ما تم تصفيتها وتنقيتها بقدر من التركيز أن تقدم رؤى نادرة.

ولكن الحجم الكبير من العروض يمكن أن يكون هائلا. وقد تم الآن تطوير أدوات جديدة يمكن أن تساعد الصحفيين.

ويقول مقطع فيديو لـ«جيجسو» وهي إحدى تقنيات جوجل الحديثة إن: «إعادة تشغيل مقاطع الفيديو التي تم تصويرها عن الحرب السورية سوف تستمر لفترة أطول من زمن الصراع نفسه». ويقوم المتمردون والناشطون والمدنيون، وكذلك عناصر تنظيم داعش الإرهابي والحكومة السورية وجماعات أخرى، برفع تلك التسجيلات المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

ويعد هذا الصراع هو الأول من نوعه الذي يتم توثيقه بشكل دقيق، ويتم مشاركته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتبين لك عند البحث عن كلمة «سورية» على موقع يوتيوب وجود ما يقرب من 9ر4 مليون نتيجة للبحث.

ولتمكين الصحفيين والمحللين من التفاوض والاستخدام الفعال لكميات المقاطع المصورة على موقع «يوتيوب» وهو أيضا تابع لجوجل طورت تقنية «جيجسو» تطبيق المونتاج على الإنترنت.

ويسمح هذا التطبيق للمستخدمين بوضع علامات على مقاطع الفيديو تشمل معلومات محددة مثل التاريخ والمكان وتفاصيل المحتوى لتسجيلات الأشخاص. وباستخدام هذه العلامات يمكن ترتيب مقاطع الفيديو وتجميعها لاسترجاعها في وقت لاحق ولمشاركتها أيضا في المشاريع.

ويعد صحفي التحقيقات البريطاني «إليوت هيجينز» واحدا من العديدين الذين تحولوا إلى استخدام هذا التطبيق. ويقوم هيجنز بأبحاثه بشكل رئيسي باستخدام مصادر يمكن الوصول إليها بحرية، بعد ظهوره المميز كخبير في دور الأسلحة في الصراعات.

ويقول هيجنز: إنه قبل أربع سنوات لم يكن يعرف شيئا عن الأسلحة، ولم يتواجد البتة في منطقة حرب، بل ولم تكن لديه خبرة كمراسل.

وأثناء قراءته لتغطية للصراع السوري أصبح مهتما بأنواع الأسلحة التي تستخدم هناك، ولكن وسائل الإعلام لم تتناول سوى القليل جدا عن هذا الجانب.

ومع ذلك كان هناك الكثير من مقاطع الفيديو القتالية على موقع يوتيوب التي تمكن من دراستها أثناء بحثه كذلك على الإنترنت ومقارنته للأسلحة في مقاطع الفيديو مع المعلومات على شبكة الإنترنت، قبل أن يكتب استنتاجاته.

وأصبحت مدونة هيجنز «براون موزيز» واحدة من أهم المصادر العالمية للمعلومات عن الحرب. هو وغيره من المدونين والصحفيين مقالات حول سوريا وأوكرانيا وليبيا عبر موقع «بيلنج كات» الجماهيري على الإنترنت.

وعلى سبيل المثال كتب فريقه تقارير تحمل القوات العسكرية الروسية مسؤولية إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية، رحلة «إم اتش 17» فوق أوكرانيا عام 2014م على أساس من بين أمور أخرى، الصور المستقاة من شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول هيجنز: «إن التحدي الكبير هو أن تكون قادرا على التعامل مع حجم المعلومات».

ويتم كل يوم رفع ما بين 100 إلى 300 مقطع فيديو للصراع السوري على موقع يوتيوب. ويقول هيجنز: إنه في السابق كان يقوم لتجميع وتصنيف هذه المقاطع بنسخ الروابط الفردية في جدول أمامه، وإنها كانت مهمة شاقة وغير واضحة، ولكن استخدام أدوات المونتاج لتقنية «جيجسو» ساهم في إسراع وتبسيط العملية.

وقال الباحث: إن التطبيق أيضا كان بمثابة عون كبير له لجمع كل التقارير المتاحة في الهجمات بالغاز على منطقة الغوطة السورية في أغسطس عام2013م.

وقد تم رفع عدة مئات من مقاطع الفيديو، وكان الوضع مربكا، مع تناقض العديد من التقارير مع بعضها البعض.

ولا تزال الأدوات تعمل فقط مع مقاطع الفيديو بموقع يوتيوب، مما يحد من نطاق المشاريع.

ووفقا لهيجنز، فإن هناك ثروة من المعلومات حول النزاع في شرق أوكرانيا يتم نشرها على شبكة «في كيه دوت كوم»، وهو موقع روسي على غرار فيس بوك.

وتوجد أدوات أخرى مثل هذا التطبيق تبسط عملية البحث على شبكة الإنترنت: مثل موقع البحث عن الأماكن «اتشوسيك» الذي يسمح بالبحث الجغرافي لإدخالات وسائل التواصل الاجتماعي مع الإحداثيات. ويمكنك أيضا البحث عن منشورات في فيس بوك وتويتر في منطقة معينة، في حين يسمح «جوجل إيرث» بالوصول إلى صور الأقمار الصناعية.

ويسمح «تشيك ديسك» للمستخدمين بالتحقق من تغريدات بعضهم البعض على موقع تويتر، والمنشورات على فيس بوك وغيرها من المعلومات. وقد استخدم مراسلو موقع «بيلينج كات» مزيجا من كل ما سبق لتتبع حركة المركبات العسكرية من روسيا إلى أوكرانيا، حيث لا تزال موسكو تنفي إرسال قوات أو معدات لمساعدة الانفصاليين الذين يقاتلون الحكومة.

ولكن الوضع كما يذكرنا فريدريك ريختر من غرفة أخبار التحقيقات الصحفية غير الهادفة للربح الألمانية « كورريكتيف»: إنه لسبب وجيه يقول الناس: إن «الضحية الأولى للحرب هي الحقيقة».

وينطبق هذا أيضا على البيانات والمعلومات غير محددة المصدر من وسائل التواصل الاجتماعي.

ويمكن في حالة النزاعات المسلحة، التلاعب بمثل هذه المنتديات من قبل أي طرف، والتحقق منها أمر صعب.