شرفات

القصص القصيرة لخوسيه ماريا ميرينو

13 فبراير 2017
13 فبراير 2017

ليلى عبدالله -

[email protected] -

عرف الكاتب الإسباني «خوسيه ماريا ميرينو « ككاتب روائي من طراز رفيع في إسبانيا، و أحد أهم الروائيين في قرن العشرين، غير أنه أيضا من الكتّاب الذين عنوا بالقصة القصيرة وتعزيزها بأفكار غرائبية وقضايا ذات طابع فانتازي، كل ذلك و أكثر يمكن مطالعته في كتاب صدر عن مشروع كلمة للترجمة 2016م، حيث تبنت المترجمة د. عبير محمد عبد الحافظ نقل القصص من لغتها الأم الإسبانية إلى القارئ العربي، وقد حمل كتاب عنوان «قصص قصيرة» على الرغم أن المجموعة متزاحمة بقصص كثيرة و بعناوين مدهشة أيضا كـــ «الميلاد في الغرفة العلوية»، «المنزل ذو مدخلين»، « الهارب من الجندية «، «العدو في زجاجة»، «الطفل في سينما ماري» و غيرها من عناوين متميزة ذات نفس مشوّق غير أن المترجمة اكتفت بعنوان «قصص قصيرة».

ما يميّز قصص هذه المجموعة هو طابعها الفنتازي، حيث يأتي الحدث في البدء عاديّا، و يندفع في عاديته غير أن الحدث يلوي نفسه في موضع ما من القصة دون تنبيه مسبق، بل يبدو و كأنه القارئ يمضي في طريق مستقيم ثم على حين فجأة يسقط في نفق يقوده إلى حدث عجائبي، تتدافع القصص في المصب نفسه باندفاع مشوّق، و ذلك لم يأت من فراغ، بل لأن «خوسيه ماريا ميرينو» يمضي على مبدأ التجريبية في القصص القصيرة كما في الرواية، فهو يؤمن بكسر الواقع، أن تأتي القصص و الحكايات بما يخالف هذا الواقع اليومي المتقلّب.

من يقرأ القصص، سيكتشف أن الفانتازيا تكاد تكون قضية أولوية و تكاد تكون غاية أيضا لها تراكماتها في حياة الكاتب، و قد اعترف «ميرينو» بهذا في المقدمة التي استعرضها عن كتابه « 50 قصصا قصيرة وأسطورة « : « وعندما كنت اقرأ في طفولتي و صباي قصص الفاتنازيا، كان يغمرني إحساس قوي بالمشاركة في واقع مغاير للذي نعيشه، الأدب وحده هو القادر على طرحه و تحفيزه».

ما يميّز هذه المجموعة القصصية و يبرز جهود المترجمة ملحق المقالات و المقدمات الشخصية للروائي في نهاية صفحات الكتاب، فجاءت كأرشيف مصغّر و موجز عن أسلوب الروائي «خوسيه ماريا ميرينو» في الكتابة القصصية و الكتابة عموما أيضا، مفرزا تجربته الكتابية، و من ضمن ما استوقفته من قضايا أدبية، هو رأي النقّاد عن الكتابة القصصية، و الفارق ما بين كتابة القصص والروايات : «كانت الروايات القصيرة تعتبر فنّا أقل شأنا، و بالنسبة لنقاد رفيعي المستوى، كانت كتابة الروايات القصيرة بمثابة تدريب على تأليف الروايات مستقبلا، أو كمدرسة تأهيل مسبق للمجهودات و الحكمة التي يجب أن تظهر لاحقا في السرد الحقيقي، المتمثل في الروايات ولا شيء سواها، ومع ذلك هناك جانب آخر يستحق التطرق إليه، فالقصص القصيرة، في رأيي، تنطوي على العنصر النقي في فن السرد، أما الرواية فهي نسيج متعدد العناصر، وملحق بها عناصر إضافية تدعم العوامل الأساسية».

هذا الكتاب الذي يُطلع القارئ على جانب مهم من حياة أهم كاتب في القرن العشرين «خوسيه ماريا ميرينو»، و قد قدمت قصص بلغة سلسة، ينساب معها القارئ، لكن من مآخذي على المجموعة هو عدم اختيارها عنوانا أكثر خصوصية من العنوان العام «قصص قصيرة» الذي مثّل المجموعة، لاسيما العناوين التي انتقاها الكاتب لقصصه تحمل دلالاتها الفنتازية و جمالياتها المتعددة، وكان يمكن تصدير إحداها لتكون عنوانا يحمله الكتاب كهوّية مضمرة لمزيد من التشويق، و القصص جديرة بهذه الخصوصية.

والمأخذ الآخر في كثرة الهوامش، المشكلة ربما ليست في كثرتها بل في نوعيتها، فهي تحيل القارئ في الهوامش إلى مقاصد واضحة، و هذا يربك القارئ بل يشعره بنوع من الغباء من هذه الإحالات التي جاءت بأسلوب مدرسيّ..!