شرفات

الحجاج قالباً مسرحياً

13 فبراير 2017
13 فبراير 2017

أحمد ضياء -

تمحورت المفاهيم التي انثالت حولها العديد من النظريات المقترحة ضمن بذار المعرفة ومفاهيمها الجمالية والمتجذرة بانزياحات الخطاب العام بين المرسل والمرسل إليه والمتمأسسة في مبادئ متفاعلة من خلال مكونات النص والعرض المسرحي، حيث تكاد تأخذ لها أبعاداً سفسطية مجترحة عبر كوننة خاصة من الابستملوجيات المتعلقة بين الثنائيات الصراع الموجودة في فضاء الخشبة متخذه منه بوابة للكشف عن الحجج والبراهين التي تحاول أن تبثّها إلينا الشخصيات. لذا أخذت هذه الثنائيات حالة جديدة متمركزه في شخصية الممثل وهي ذات ارتباط وثيق بالتذويت المكون للشخصية لأن مرحلة الاستدلال والإيضاح هو فعل ذو حضور أساسي لتكوين البنية العام للصراع المكون للحجاج. وهنا تحاول الشخصية أن تنضوي وتتداخل ضن استراتيجية مبنية على وجود ثنائيات لم تعد كما السالف مبنية على الممثل/‏‏‏ المتلقي، الشخصية /‏‏‏ القارئ، وإنما أصبحت وسيلة من وسائل الإقناع فلكل من الشخصيتين حجج وانفعالات خاصة به متمثل بالحوار المنطوق وكذلك الإيماءات وكل ما يرسله من علامات ابستملوجية تكون ذات ارتباط بالموضوع أولاً وذات ارتباط مع الجمهور ثانياً، والتي من شأنها بيان حالة جديدة معتمده على فن الإقناع.

الأداءات المتداخلة في فضاء العرض أبرزت لنا انزيمات تتعلق بالإنسانية وما ينضوي تحت يافطتها من مهام تحاول ان تستعرضه لنا، حتى يتم النفور من حالات العنف التي كانت موجودة. إذا ان الأداءات الحجاجية هدفها الرئيس نبذ العنف وكافة المتعلقات التي تنوي الإطاحة بالمبادئ الانسانية التي تعد نفسها اي (الحجاج) مسؤولة عنها. وان كل ما يرسله الباث الى المتلقي من خلال هذا الفضاء اخذ على عاتقة بين حالة الدراما او الصراع من اجل الكشف عن بواطن الشخصيات وما يترتب عليها من أفاهيم.

الحجة واحدة من الركائز المتموضعة ضمن سياق العرض فنرى ان الافاهيمات التي تدور بين الممثلين ما هي الا افاهيمات تعنى ببيان الحجة الأكبر توظيفاً والأكثر استنتاجاً واستخراجاً للمعلومة. فلكل ممثل هوية وصورة معينة من شأنها ان ترسل عبر الفضاء كما الآتي: المرسل /‏‏‏ الحجة /‏‏‏ المتلقي، ووظيفة الحجة هنا متمثل بإبراز العنصر الاكثر فائدةً والاكثر اشتغالاً. وهذه العناصر الثلاث عنيت باستخراج الثيمة الاساسية لكافة العروض المسرحية فلا يمكن ان نرى عرضاً ما من دون وجود حالة حجاجية. اذ ان الحجاج لا يعتمد على وجود هذه الآراء ضمن نسق المسرحيات التي تقدم للكبار وانما يمكن ان يكون هناك حجاج في كافة المسارح وعلى سبيل المثل لا الحصر مسرح الطفل. فهذا المسرح الأخير اذا استطعنا ان نلج فيه لوجدنا ان الحجاج متجذر في هذا المسرح كونه يعرض لدينا طرفين من الصراع وبيان الأقوى والأضعف وفق حجة وبيان حالة سيمترية واستخدام الحيل الدفاعية لكل من الشخصيتين ومحاولة كل منهما إقناع الاخر في التماثلات التي عادةً ما تصاحب بالحجج والبراهين.

اقترن الأداء بحالة من الإنسانية التي غالباً ما تجد نفسها الوسيط بين الممثل والجمهور من خلال جعل المتلقي في حالة من الفكر اي ان المتلقي هنا سيعمد الى حالة التفكير اكثر منه الى العاطفة في سبيل بيان مناطق القوة والضعف لدى الاخرين وهو هنا جعل المتلقي في حالة جديدة انتفاضية.

أبرزت لنا العروض المسرحية حالة من التجاذبات التي يرسلها المُخاطَب الى المُخاطِب كبيان وسيلة الإقناع في المسارح السياسية والتي تعنى اشد العناية بالخطابات وطرح كافة المتعلقات التي تجعل من السلطة عنصر اخر (ند) مستعينة بكافة الحجج المدعمة بالوثائق والبراهين التي استطاعت الحصول عليها من اجل إقناع الجمهور بحالة التعسف التي تمارسها السلطة ضد أبناء شعبها كما ان هذه الحالة من التواصل بين الممثل والمتلقي غرضها افهام الجمهور بالممارسات التي يمارسها الطرف الآخر ضدهم داعيا العرض الى حالة جديدة من شأنها حث المتلقين على المظاهرات والمطالبة بحقوقهم المشروعة. لذا لا بد من ان يكون هناك وسيلة تواصلية بين الطرفين مقترنة بمزية خاصة بأدوات العرض ومن هنا برزت لدى البحث التساؤل الآتي: ما الأداء الحجاجي في العرض المسرحي؟

ونحتاج الكثير من المفاهيم التي تتواءم بين النص والعرض لنكون بذلك قالباً إقناعياً يعنى بالطرح الجديد والحجاج بكل محمولاته التداولية يحاول أن يوائم ما بين الطروحات والآراء الكتابية التي تذهب للتأسيس خط شروع خاص بها ضمن الإطار المناهجي المكون لهذا البذار والحصاد المعرفي في الوقت ذاته.

*كاتب عراقي