906344
906344
تحقيقات

الشاحنات تعبث بالطرقات

29 يناير 2017
29 يناير 2017

906336

استهلاك جائر وهدر للمال ومخاطر مرورية -

متى تنجز محطات الأوزان الثابتة؟ وأين مشروع نظام إدارة ومراقبة وصيانة الطرق ؟

دراسات تؤكد: قيمة العائد من الأوزان الزائدة لا يقارن بحجم أضرارها  -

تحقيق/‏ عبدالله بن سيف الخايفي -

تقترب شبكة الطرق في السلطنة من 15 ألف كيلومتر فيما تصل تكلفة الطرق الجاري إقامتها حاليا اكثر من 3 مليارات ريال لكن هذه البنية الأساسية للطرق الرئيسية والثانوية التي حصدت إشادة عالمية « المركز الثالث على مستوى العالم في تصنيف التنافسية العالمية لمستوى جودة الطرق» تواجه خطر التدهور نتيجة الأوزان الزائدة لحمولات اكثر من 80 ألف شاحنة تمثل 6.6% من إجمالي عدد المركبات على طرقاتنا التي تزداد الحركة كثافة عليها نتيجة الزيادة المطردة في حجم الطلب على نقل البضائع واهمها مواد المحاجر والبناء خاصة على طريق الباطنة الحالي وطريق الرسيل- نزوى الذي يربط محافظة مسقط بمختلف محافظات السلطنة وصولا الى محافظة ظفار ويعتبر معبرا وحيدا للشاحنات من وإلى المنطقة الصناعية في الدقم.

بنية أساسية تتهالك

و في الوقت الذي تجب فيه المحافظة على الطرق كبنية أساسية تمثل عصب التنمية والاقتصاد في البلاد وعلى الرغم من وجود المادة (37) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الصادر بمرسوم سلطاني والقاضية بمخالفة المركبات وفقاً للأوزان المحورية وليس على الوزن الإجمالي للمركبة منذ فبراير 2015 إلا أن المخالفات لا تزال مستمرة والمخاطر محدقة واستهلاك الطرق وتهالك الحارات اليمنى منها على وجه الخصوص يزداد يوما بعد آخر .

80 ألف شاحنة

الإحصائيات المتوفرة تشير الى أن 12 ألف شاحنة تمت مخالفتها من بين 18 ألف شاحنة فقط خضعت للتفتيش عام 2015 تركزت على طريق الرسيل- نزوى وطريق الباطنة الحالي بينما لا تتوفر إحصائيات احدث امكن الحصول عليها.

كما تشير الإحصائيات أيضا الى تجاوز عدد الشاحنات 80 ألف شاحنة بنهاية عام 2014بزيادة نسبتها 6.8% مشكلة 6.6% من إجمالي عدد المركبات التي بلغ عددها قرابة مليون و 200 ألف مركبة وتقدر الزيادة السنوية في أعداد المركبات بنحو 6 بالمائة وفق إحصائيات رسمية متوفرة.

أين القانون؟

عدد من المواطنين اكدوا على ضرورة حماية الأرواح والمال العام من خلال التصدي لتجاوزات الشاحنات للحمولات المحددة ودعوا الى تطبيق صارم للقانون وإيجاد حلول مناسبة بعيدا عن تعريض مستخدمي الطريق للمخاطر والمحافظة على شبكة الطرق لأطول عمر ممكن.

وقال احمد السعيدي انه من غير المعقول أن تترك الطرق عرضة لحوادث الشاحنات الخطيرة في الوقت الذي يمكن إخضاعها للقانون منوها الى أهمية تطبيق العقوبات وعدم التساهل في ذلك . كما أبدى سالم الحارثي اسفه لهدر المال العام بعد تشييد بنية أساسية من الطرق استغرق إنشاؤها سنوات ثم تأتي الشاحنات الثقيلة المخالفة والمحملة بالأوزان الزائدة لتدمرها بكل بساطة ثم تصرف مبالغ ضخمة لإعادة تأهيلها من جديد.

أضرار واضحة

واكد علي الحوسني على ان هناك أضرارا واضحة على كثير من الطرق وهبوط في الطبقة الأسفلتية وحفر ومطبات خلفها الاستهلاك الجائر للطرق من قبل الشاحنات المخالفة.

واتفق معه سعيد العلوي بشأن تسبب الشاحنات الثقيلة في تآكل الطرق وحاجتها للصيانة باستمرار وهذا يعني مصاريف متجددة وهدرا للمال العام.

وتبدو الحارة اليمنى لطريق الباطنة الحالي التي أصبحت مليئة بالحفر والقطع على طول المسار دليلا واضحا على سوء استخدام الطريق وتأثره بالحمولات الزائدة للشاحنات ولا تفلح أعمال الصيانة والتأهيل التي تكلف الملايين كل فترة في تعديل الوضع الذي لا يلبث أن يعود كما كان .

من جهة اخرى فان كثافة الشاحنات على الطرق جعلتها اكثر ازدحاما وبطئا في الحركة وكثيرا ما تسببت في وقوع حوادث جسيمة خاصة من قبل الشاحنات ذات الحمولات الكبيرة .

وقال ناصر البوسعيدي إن الشاحنات تضيف عبئا على الطرقات المزدحمة أصلا بالمركبات وتسبب إرباكا لحركة المرور وقلقا لمستخدمي الطرق معتبرا انه من الخطورة ان تجاور الشاحنات الثقيلة المركبات الصغيرة في خط سير واحد.

طرق غير مهيأة للشاحنات الثقيلة

بينما رأى سعيد البلوشي إن الطرق الرئيسية والداخلية هي أصلا غير مهيأة وغير مصممة للشاحنات ومن الطبيعي ان تتعرض للأضرار مطالبا بعدم السماح لتلك الشاحنات بالسير على الطرق المزدحمة على وجه الخصوص داعيا الى تخصيص طرق للشاحنات وان تتحمل الشركات جزءا من مصاريف عملية صيانة تلك الطرق.

الموازين المخصصة للشاحنات لا تزال تتواجد في محطات محدودة وقد كشفت من خلال عدد من الضبطيات ان غالبية الشاحنات تتجاوز في الحمولات وبمعدلات كبيرة وتتركز في الشاحنات ذات المحور الثلاثي التي لا تلتزم بالوزن. وفي مناقشات سابقة حمل مسؤولون في الطرق تجاوز بعض الشاحنات للحمولة القانونية المسؤولية في الحاق الضرر بالطرق وزيادة تكلفة صيانتها فيما قال مسؤولون في المرور إن زيادة حمولة الشاحنات يترتب عليها مخاطر اخرى على الطريق بسبب صعوبة التحكم في القيادة وبطء السير الذي يزيد الازدحام ويربك السير وأن أغلب الحوادث التي تتسبب بها الشاحنات ناتجة عن الوزن الزائد .

مشروع محطات الأوزان

ويبدو ان وزن جميع الشاحنات لم يتحقق بعد بشكل تام رغم التوسع في استخدام الموازين المتنقلة والثابتة لضبط وزن الشاحنات. وعلى الرغم من بدء التطبيق التدريجي لوزن محاور الشاحنات منذ اكتوبر2013 ووضع عامل التدرج في الوزن ونسبته 25 % وزنا زائدا يتم التسامح فيه ثم تطبيق وزن الشاحنات باستخدام محطات الوزن المتنقلة وفترة السماح حتى نهاية 2015 لكن التطبيق الفعلي للنظام لم يكتمل بعد.

وحتى يرى مشروع محطات الأوزان الثابتة للشاحنات التي تعتزم وزارة النقل والاتصالات بناءها على الطرق الجديدة سواء على طريق الباطنة السريع أو طريق بدبد ـ فستبقى مخالفات الحمولات الزائدة للشاحنات مستمرة ومعها سيتواصل الاستهلاك الجائر للطرق وستزداد المخاطر المرورية .

وزارة النقل لا ترد

عمان تواصلت مع المسؤولين في وزارة النقل والاتصالات لمعرفة مستجدات مشروع اوزان الحمولات الزائدة للشاحنات وعامل التدرج في الوزن بنسبة 25% المعمول به كما تساءلت عن مشروع نظام إدارة الطرق الذي أعلنت عنه منذ فترة وتوجهها لاستخدام الأساليب العلمية والتكنولوجيا المتطورة لإدارة ومراقبة وصيانة أصول شبكة الطرق. تحقيق عمان طرح على المسؤولين في وزارة النقل والاتصالات أيضا جملة من الأسئلة حول تكلفة صيانة الطرق وإعادة تأهيلها نتيجة تأثرها بالحمولات الزائدة للشاحنات وكيفية التعامل مع حمولات الشاحنات ذات المحور الثلاثي التي ترتكب غالبية المخالفات ومدى فاعلية وجدوى تطبيق قرار وزن الشاحنات على المدى البعيد فضلا عن فكرة إنشاء طرق خاصة بالشاحنات وهل حان وقتها وذلك على ضوء توسع السوق والاستثمار وما يترتب عليه من زيادة مرتقبة في عدد الشاحنات ؟

ورغم مخاطبة عمان للمسؤولين في وزارة النقل منذ الثامن من سبتمبر من العام الماضي 2016 لكن الوزارة لم ترد على الأسئلة رغم التواصل المستمر مع المعنيين في دائرة الإعلام بالوزارة ووعودهم بالرد لكن لم نتلق أي رد حتى ساعة نشر التحقيق.

من جهتها اختصرت الإدارة العامة للمرور الإجابة على الأسئلة التي تختص بها في موضوع حمولات الشاحنات بأن موضوع الأوزان هو من اختصاص وزارة النقل والاتصالات دون تقديم مزيد من الإيضاحات وذلك في رد مقتضب من العميد محمد بن سالم الرواس مدير عام المرور.

بينما طرحت عمان للمختصين في المرور أسئلة بشأن عدد الشاحنات المسجلة ونسبة زيادتها السنوية وعدد المخالفات ضد الشاحنات المخالفة ومدى تطبيق المادة (37) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور والقاضية بمخالفة المركبات وفقاً للأوزان المحورية وتقييم هندسة المرور لجودة الطرق ومدى تأثرها بالحمولات الزائدة للشاحنات وغيرها من الأسئلة التي لم تجب الجهة المعنية عنها.

الجدير بالذكر أن المادة 37من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الصادر بالمرسوم السلطاني 28/‏93 تنص على الشروط الخاصة بالشاحنات وتؤكد على انه لا يجوز ان يتجاوز الوزن الإجمالي للمركبة مع الحمولة المفروضة على الطريق 46 طنا ويجوز للإدارة العامة للمرور زيادته بموجب تصريح يحدد فيه خط السير لكل حالة على حدة إذا اقتضت الضرورة وذلك بعد موافقة الجهات المعنية، كما لا يجوز أن يتجاوز الوزن الإجمالي الأقصى المفروض على الطريق من قبل عجلات أي محور فردي لأية مركبة 13 طنا. وكانت وزارة النقل والاتصالات قالت في تصريحات سابقة إن تكاليف صيانة الطرق وإعادة تأهيلها ارتفعت نتيجة تأثر شبكة الطرق بالحمولات الزائدة للشاحنات. ورغم أنها لم تكشف عن حجم تلك الزيادة لكنها أكدت أنها تفوق بكثير عن أي عائد مالي لفئة محدودة من الناقلين او المستهلكين. من جهتها تؤكد دراسات عالمية على أن قيمة العائد من الأوزان الزائدة لا يقارن بحجم الأضرار الكبيرة الذي تسببها على شبكة الطرق.