901813
901813
مرايا

الألعاب الإلكترونية تسحب البساط من التقليدية

25 يناير 2017
25 يناير 2017

901816

الجيل الجديد لا يعرفها -

كتبت - رحاب الهندي  -

بين الأمس واليوم اختلافات كبيرة بين مفاهيم الحياة بكل سياقاتها، وإنسان الأمس بالتأكيد هو ليس إنسان اليوم، والفرق بينهما إن إنسان اليوم يعيش في عصر التكنولوجيا والثورة العلمية الإلكترونية تحديدًا، فنقصت المسافات أو حتى زالت من حياتنا بفضل هذه الأجهزة، ولكن رغم كل هذا يبق هناك خيطا من الحنين يشدنا إلى ماض نتحدث عنه إنه كان جميلاً. من هذه الأشياء الألعاب الإلكترونية التي اجتاحت الجميع بما فيهم الأطفال، حيث نجد أن طفلاً لا يتجاوز الرابعة من عمره يتقن فن اللعب من خلال الآي باد أو حتى جهاز الحاسوب أو الهاتف النقال.

سؤال خطر في البال، كيف كان يلعب أطفال الأمس؟ ونحن متأكدين أن في وطننا العربي كانت هناك ألعاب شعبية تكاد تكون شبه متشابهة مع اختلافات طفيفة، والسؤال يتبعه آخر، هل اختفت الألعاب التقليدية من حياة أطفالنا بفعل الألعاب الإلكترونية؟

تؤكد رشا الرقيشية (ربة بيت وخريجة جامعية) أن هناك سيطرةً شبه تامة على عقول أطفالنا من خلال الألعاب الإلكترونية، بحيث إن جيل اليوم -وتحديدا اللذين يقطنون محافظة مسقط- غالبيتهم يهتمون بهذه الألعاب، بل ويتبارزون بها، وقد تجدين أن طفلا بعمر الرابعة أو أقل بقليل يتقن اللعب بها واستعمالها.

أما بالنسبة للألعاب التقليدية فأعتقد أنها بدأت بالانحسار، وقد نجدها في مهرجانات التراث أحيانا كمهرجان مسقط، أو ضمن احتفالات بعض المدارس التي تهتم بالأنشطة المختلفة ومنها الألعاب التقليدية.

وقد لا أنسى شخصيًا في طفولتي أنني كنت ألعبها مع شقيقاتي وبنات الجيران، ومنها لعبة «سلوم سلوم»، حيث تجلس مجموعة فتيات في دائرة وتبقى واحدة واقفة تقول لهم: سلوم سلوم، وهي تلف حولهم وتضع يدها على رأس إحدى الفتيات لتتبادلا الأدوار، مع غناء نشيد جميل.

وتضحك رشا قائلة إنها لم تعد تذكر كل كلمات النشيد، لكنها تستطرد وتقول: هناك لعبة نط الحبل التي مازالت موجودة بين الفتيات، ولعبة «القيس» وهي عبارة عن مستطيل كبير يرسم بالطباشير، وتنط كل فتاة بقدم واحدة، أو تستخدم البنات حجرًا يحركنه بإحدى أقدامهن من خلال القفز، وتتابع رشا: هذه الألعاب كانت منتشرة في أكثر من بلد عربي.

يبقى للقديم حنينه وجماله

ضحك سعيد البوسعيدي (معلم) قائلاً: هذا الموضوع به حنين لماض أصبحت النسبة الكبيرة منه بين دفتي الكتب أو على لسان كبار العمر، لكني لا أنكر أنني في طفولتي مارست بعض هذه الألعاب، وأحاول أحيانًا تعليمها لأولادي لتخفيف ثقل الألعاب الإلكترونية التي بدأت تسيطر على الجميع.

وشرح موضحًا: ومن هذه الألعاب التقليدية التي ألعبها أنا وأولادي وأولاد الأقارب حين نجتمع كل جمعة في المزرعة، لعبة «الصياد» وهي تلعب بأن يقف الفريق المهاجم خلف الخطوط الخلفية للملعب المقسم إلى قسمين، بحيث يقف خمسة لاعبين في الجهة اليمنى وخمسة في الجهة اليسرى، وينتشر الفريق المدافع داخل المستطيل المحدد للعب، ويحاول لاعبو الفريق المهاجم ضرب أحد لاعبي الفريق المدافع بالكرتين اللتين بحوزتهما، والذي يتم ضربه بالكرة يخرج من الملعب وتحسب عليه نقطة. وطبعا يتخلل اللعبة كثير من المرح وقضاء وقت ممتع مع الجميع. واضاف: كما نتبادل بلعبة أخرى هي لعبة «اليوس» وتمارس هذه اللعبة بأن يقف لاعبو الفريق المهاجم أمام لاعبي الفريق المدافع في مواجهة بعضهم، ويكون الفريق المهاجم قد حدد سرا لاعبا واحدا يقوم هو بلمس أحد لاعبي الفريق المدافع، وبعد لمس أحد لاعبي الفريق المدافع ينطلق لاعبو الفريق المهاجم، وينطلق خلفهم لاعبو الفريق المدافع، بحيث يحاول كل لاعب من لاعبي الفريق المدافع لمس أحد لاعبي الفريق المهاجم، والذي يتم لمسه يخرج من اللعبة.

واختتم كلامه قائلاً: نحاول نحن جيل الآباء في هذه الفترة أن نعلم أولادنا بعضا من عاداتنا وألعابنا التقليدية، لكن بصراحة لا أعلم إن كان أبناؤنا سيعلمون أولادهم هذه الألعاب أو أن العالم الإلكتروني سيزحف على الجميع.

نكهة خاصة

يقول راشد المعمري (موظف في شركة): نعم للألعاب نكهة خاصة وجمالية لا يشعر بها إلا من لعبها، فهي غالبا تعتمد على روح الجماعة أو الفريقين، أما ألعاب اليوم فأعتقد أنها تصيب الإنسان بالتوحد، فهي غالبا لشخص واحد مع جهاز إلكتروني، وإن كانت فيها الجماعة أيضا من وراء جهاز.

وتابع قائلاً: لا أنكر أن أولادي مولعون بها كمعظم أولاد هذا الجيل، لكنني أحاول دومًا أن أحدثهم عن طفولتي والألعاب التي كنا نلعبها، وأجدهم يضحكون أحيانا معتبرين أن فقر المرحلة بمثل هذه الأجهزة هي التي أزهرت تلك الألعاب، وبصراحة معهم حق.

لا أعرفها

في منطقة روي التقينا بأحمد الهنائي (سائق تاكسي) وقد ضحك قائلًا: لا أفهم معنى مثل هذه الألعاب الإلكترونية التي تقولون عنها، ولكن أحفادي يعرفونها تماما، أما أنا فأقول لك عن ألعابنا التقليدية المتعددة، والتي تجدونها في كل أنحاء السلطنة، وقد تجدون بعض الأطفال ما زالوا يلعبونها في المحافظات والقرى، وهي غنية بتراثنا وحكاياتنا حيث كانت الحياة أبسط وأجمل.

أذكر لعبة علو «ياك»، ولعبة «السلوت» أو «الحويليس»، ولعبة «العنبر»، ولعبة «قرقوش»، وصيد الغزلان، وشد الحبل وأسماء أخرى كثيرة، وهي جميعها تعتمد على الجماعة ... أيام والله كانت جميلة.