salem
salem
أعمدة

نوافـذ :«السيزم» بوابة السلام

23 يناير 2017
23 يناير 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

قد يظن البعض أن العسكر لا يشغلهم إلا طابور الصباح والانضباط والتدريبات اليومية، وأن عليهم أن تكون أصابعهم على الزناد كل ثانية، وأنهم تجردوا من تفاصيل الحياة اليومية، وأنهم أداة التدخل السريع وصد العدوان ودحر المعتدين، وأن تفكيرهم لا يخرج عن مربع الإقدام والذود عن الحمي.

لكن للعسكر رسالة غير حمل البندقية، وغير ارتداء محازم طلقات الرصاص، والبارود، والقنابل اليدوية، والخشونة في الميادين، ودرجة الاستعداد العالية حتى وهم في ثكناتهم وقت الهجيع.

نعم هم رأس الحربة والقوة التي يحتمي خلفها أي مواطن في أي دولة في العالم، وهم الضامن للاستقرار وبث الأمن والطمأنينة، وهم السند في الأحوال المناخية، وفي السلم والحرب، ودرع الأمة وحماة الديار، هم حراس الليل وعمال النهار.

العسكر لهم رسالة أخري هي تعزيز الأمن والسلم الدوليين، من خلال التظاهرات التي تجمع ولا تفرق، والتواصل والالتقاء في مناسبات ليست عسكرية بل كروية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، وهذه الرسالة تتمثل اليوم في استضافة السلطنة للبطولة الثانية لكأس العالم العسكرية المقامة حاليا بها، تجمع ١٦ منتخباً من كل قارات العالم البطولة التي ينظمها المجلس الدولي للرياضة العسكرية «السيزم» هي أبعد من مجرد بطولة كروية، هي رسالة محبة وسلام وتقريب بين الشعوب التي تشارك، والتي لم يحالفها الحظ ولم تشارك في منافسات البطولة، رسالة تدعمها الحكمة العمانية في ضرورة أن يتقارب العالم وأن ينفتح على الآخر، وأن يمد يد السلام والمحبة وأن يضع السياسيون خلافاتهم جانباً ليفسحوا الطريق لمثل هذه التظاهرات الدولية لتحقق نجاحاتها وتخفف الاحتقان بين أبناء هذا الكوكب ولتزرع بذرة السلام فيهم وتعرفهم على شعوب وحضارات أخرى.

العالم اليوم أحوج إلى السلام وإلى حقن الدماء وحفظ أرواح الأبرياء، ليس فقط عبر بطولة كأس العالم العسكرية هذه، بل عبر ٢٠ بطولة عالمية أخرى تقام سنوياً بين أبناء هذا العالم المترامي الأطراف، فمثل هذه التظاهرات تدعم التوجهات نحو تعزيز دور السلام والأمن وتساهم في ما لا يمكن أن يفعله السياسيون في العالم.

وحرصاً من السلطنة على إكمال مسيرتها الناصعة في تعزيز السلم الدولي، فإن استضافتها البطولة الثانية في تاريخها يعد حدثاً استثنائياً، وخطوة مهمة من أولئك الذين فكروا وقدروا أن البطولة لها من النتائج الإيجابية ما يعزز أمرين، أولهما دور السلطنة المتواصل في التقريب، ودور القائمين على البطولة بضرورة المضي قدماً وسلماً رغم الصبغة العسكرية التي تتناقض تماماً مع طبيعة الجندي المتحفز.

وأن إقامة هذه البطولة تعني أن إيمان السلطنة بدورها في التقريب بين الشعوب يلقى ذلك الاحترام الكبير من ١٣٦دولة صوتت لصالحها في استضافة مثل هذا الحدث، ويعني أنه أعلى من أزيز الرصاص الذي يسمع هنا وهناك.

وأن إيمانها العميق بحق الشعوب في أن تعيش بأمن وأمان ماض دون كلل، وتمسكها بالمبادئ العادلة لجميع الشعوب في نيل حقوقها مبدأ لا يتجزأ.

البطولة أيضاً تعني انفتاح العالم على عمان التي ستقدم حتماً صورة مختلفة ومغايرة عن ما يدور من صراعات في المنطقة، وحتماً ستكون بطولة استثنائية ستبقى مضيئة في سجل العالم العسكري والمدني.